الحكومة الجزائرية تقدم تنازلات جزئية لاحتواء احتجاجات طلبة الطب

التصديق على الوثائق الأكاديمية خطوة يمكن أن تنهي المزايدات القائمة بين الطلبة في الجزائر ودوائر سياسية وإعلامية اتهمتهم بتنفيذ أجندة خارجية.
الأربعاء 2024/12/04
طلبة الطب يرفضون تحميل حراكهم مضامين سياسية

الجزائر- أرسلت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الجزائرية برقية إلى مديري الكليات والمدارس الوطنية تتضمن التصديق على الوثائق الأكاديمية، وتعني بها الشهادات وكشوف النقاط، وهي واحدة من المطالب الهامة التي رفعها طلبة الطب في حركتهم الاحتجاجية التي دخلت شهرها الثاني، وهو ما يعتبر خطوة تمهد لعودة الطلبة إلى مقاعد الدراسة.

وكشفت وثيقة جرى تداولها على نطاق واسع أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أذنت لمديري كليات الطب في مختلف ربوع البلاد بالتصديق والتجاوب الإيجابي مع طلبات التأكد من الشهادات العلمية المتحصل عليها، والواردة في الغالب من الجامعات الأوروبية التي يستكمل فيها طلبة جزائريون دراساتهم العليا.

وتندرج الخطوة ضمن لائحة المطالب المرفوعة من طرف طلبة الطب الجزائريين الذين يشنون حركة احتجاجية منذ أكثر من شهرين، رغم أن سياقها لم يتضمن أي إشارة إلى استجابة الوصاية للمطالب الدراسية والمهنية المرفوعة من طرف الطلبة.

◄ محاولات الحكومة الجزائرية لإجهاض احتجاجات طلبة الطب باءت بالفشل، بما فيها محاولات الترهيب الأمني والتشويه

ويشكل القرار خطوة في طريق عودة طلبة الطب إلى مقاعد الدراسة في الجزائر، ويمكن للتصديق على الوثائق الأكاديمية، وتعني بها الشهادات وكشوف النقاط، أن يلطف الأجواء داخل جامعات الطب الجزائرية، وينهي المزايدات القائمة بين الطلبة وبعض الدوائر السياسية والإعلامية التي اتهمتهم بتنفيذ أجندة خارجية.

ونص القرار الذي حمل توقيع الأمين العام لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، على أن “إجراءات تصديق الوثائق التعليمية في العلوم الطبية (الشهادات وكشوف نقاط.. وغيرها)، والتأكد من صحتها، معمول بها بطريقة عادية، سواء على مستوى مصالح الكلمات والجامعات، أو على مستوى مصالح الإدارة المركزية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.”

وأشار إلى أن “عمداء كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان مرخصون للتعامل والرد مباشرة على الهيئات الدولية التي تطلب التأكد من صحة الشهادات والوثائق التعليمية في العلوم الطبية.”

وفي يوليو الماضي، أبرز وزير التعليم العالي كمال بداري، أنه تقرر تعليق عملية التصديق المباشر على شهادات العلوم الطبية بشكل مؤقت، كإجراء من شأنه كبح ظاهرة هجرة الكفاءات الوطنية لخريجي العلوم الطبية نحو الخارج، وأنه سيتم استئناف العملية بعد اقتراح حلول تسمح بمعالجة هذه الظاهرة.

وكانت محاولات الحكومة لإجهاض احتجاج طلبة الطب قد باءت بالفشل، بما فيها محاولات الترهيب الأمني والتشويه عبر روايات، وصفها المحتجون بـ”الواهية” و”العارية عن الصحة”، خاصة فيما يتعلق بتحميلها مضامين سياسية وتجنيدها لصالح أهداف وأغراض خارج المطالب المهنية والاجتماعية للطلبة.

◄ الوزارة أذنت لمديري كليات الطب بالتصديق والتجاوب الإيجابي مع طلبات التأكد من الشهادات العلمية المتحصل عليها
◄ الوزارة أذنت لمديري كليات الطب بالتصديق والتجاوب الإيجابي مع طلبات التأكد من الشهادات العلمية المتحصل عليها

وسبق لمدوّنين على شبكات التواصل الاجتماعي تداول معلومات عن توقيف الطبيب والمدون، الذي كان يشرف على صفحات تتابع شؤون كليات الطب والحركة الاحتجاجية أحمد دباحي، كما تم الاستماع إلى فاعلين آخرين في الحراك الطلابي في عموم جامعات الطب من طرف مصالح أمنية.

وهو ما جعل الوضع داخل كليات الطب التي دخلت في إضراب مفتوح منذ بداية الدخول الجامعي الجاري، يسير إلى المزيد من التعقيد في ظل إصرار الطلبة على الضغط على الوصاية إلى غاية تحقيق مطالبهم الاجتماعية والمهنية، متحَدين بذلك بعض التأويلات التي اتهمتهم باستغلال جهات أجنبية معادية لحركتهم الاحتجاجية.

ورفض هؤلاء ما تم تداوله في بعض وسائل الإعلام المحلية، والتصريح به من قبل تنظيمات نقابية مهنية، معتبرين ذلك “محاولة يائسة لتشويه سمعتهم أمام الرأي العام الداخلي، وأنه لا أحد يمكن أن يزايد على الآخرين في الوفاء للوطن وحماية مصالحه.”

وفيما كان وزير التعليم العالي والبحث العلمي قد برر في سؤال كتابي لأحد نواب البرلمان منذ عدة أشهر، قرار تعليق التصديق على شهادات التخرج لطلبة الطب، بالحد من حركة الهجرة الجماعية للأطباء الجزائريين نحو الجامعات والمشافي الأوروبية والعربية، أصدر بيانا في الآونة الأخيرة يوحي إلى عكس ذلك تماما، لكنه يعتبر خطوة لتهدئة التصعيد.

وأوضح الوزير في منشور له على حسابه الرسمي في فيسبوك بأن “مصالحه تلقت من وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج إذنا يسمح لعمداء كلية الطب بالتعامل مباشرة مع الهيئات الدولية من معالجة طلبات التأكد من صحة الشهادات والوثائق التعليمية للعلوم الطبية الصادرة عن مختلف الجامعات الجزائرية”، وهو ما يوحي بتنازل جديد في طريق التهدئة، لكنه يبقى غير أساسي مقارنة بمطالب أخرى كالتصديق على شهادات التخرج.

4