الأكراد يخشون الأسوأ في ظل تغير خارطة الصراع في سوريا

مخاوف من مجازر بحق الأكراد في شمال غرب حلب.
الاثنين 2024/12/02
معادلات الميدان تتغير بسرعة

يجد أكراد سوريا أنفسهم في موقف صعب، في ظل التطورات المتلاحقة في الشمال السوري، ويخشى الأكراد من أن ينعكس ما يجري على وضعهم مستقبلا سواء من الناحية السياسية أو العسكرية.

الحسكة (سوريا) - يواجه الأكراد الذين يبسطون نفوذهم على شمال شرق سوريا، وضعا هو الأكثر تعقيدا منذ سنوات في ظل الانهيارات الدراماتيكية لقوات الجيش السوري أمام التنظيمات المسلحة الموالية لتركيا في شمال غرب البلاد ووسطها.

ويخشى الأكراد من أن يكونوا هم أحد ضحايا التحولات التي تشهدها الجغرافيا السورية، حيث نجحت الفصائل المسلحة في فرض سيطرتها بالكامل على حلب ثاني أهم محافظة في سوريا، وعلى كامل إدلب بعد السيطرة على مدينة معرة النعمان الإستراتيجية والتمدد أيضا في حماة.

ويقول محللون إن نجاح الفصائل المسلحة في تغيير المعادلة على الأرض، بعد الهجوم المباغت على الجيش السوري، والذي بدا واضحا أنه لم يكن متهيئا له، قد لا يصب في صالح الأكراد، حيث يمكن أن تستغله تركيا لعقد صفقات مع الجانب الأميركي، وبالتالي رفع الغطاء عن الأكراد سياسيا وعسكريا.

وتنظر تركيا لأكراد سوريا على أنهم امتداد لحزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه تنظيما إرهابيا، وسبق وأن شنت تركيا ثلاث عمليات ضد وحدات حماية الشعب الكردي منذ العام 2015. ومؤخرا كرر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تهديده للأكراد، قائلا إن القوات التركية قد تشن هجوما جديدا في شمال سوريا، لإنشاء مناطق آمنة جديدة على الحدود.

فيما قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مؤخرا، “نذكر نظراءنا الأميركيين باستمرار بضرورة وقف تعاونهم مع المنظمة الإرهابية في سوريا.” وأضاف فيدان “زادت اتصالاتنا بشأن هذه القضية، ونرى أن الجانب الأميركي حريص أيضا على المزيد من المحادثات والمفاوضات.”

ويرى المحللون أن هجوم الفصائل المسلحة وفي مقدمتها هيئة تحرير الشام وما يسمى بالجيش الوطني السوري، يؤكد أن العملية جرى التحضير لها منذ أشهر وأنها ما كانت لتحصل لولا الضوء الأخضر التركي. ويشير المحللون إلى أن تركيا تريد بالواضح استباق وصول إدارة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير المقبل، لتقدم نفسها على أن بإمكان واشنطن الرهان عليها في حماية مصالحها، في حال قررت الانسحاب من سوريا.

ويقول المحللون إن مخاوف الأكراد تبقى مشروعة مع عودة ترامب والخشية من أن تعمد تركيا في ضوء المكاسب التي تحققها المجاميع المسلحة في سوريا، إلى عقد مقايضات مع الجانب الأميركي تكون هي إحدى ضحاياها.

وحاولت وحدات حماية الشعب في اليومين الماضيين تعزيز وضعها الميداني في شمال غرب حلب، لكنها اصطدمت بالفصائل الموالية لتركيا. وكشفت مصادر أمنية تركية الأحد أن ما يسمى بالجيش الوطني السوري، منع محاولة من جماعات كردية لإقامة ممر يربط منطقة تل رفعت بشمال شرق سوريا. وأضافت المصادر أن جماعات كردية، من بينها وحدات حماية الشعب، سعت لاستغلال انسحاب قوات الحكومة السورية من بعض المناطق في شمال البلاد التي كانت خاضعة لسيطرة القوات الحكومية لتوسيع مناطق سيطرتها.

رامي عبدالرحمن: ما يجري في سوريا عملية خلط أوراق قبل مجيء ترامب
رامي عبدالرحمن: ما يجري في سوريا عملية خلط أوراق قبل مجيء ترامب

والمنطقة التي كان سيقيم فيها الأكراد ممرا كانت ستربط مناطق في شمال شرق سوريا يسيطر عليها الأكراد بتل رفعت وهي منطقة إستراتيجية تقع شمال غربي حلب. من جهتها ذكرت مصادر كردية في شمال سوريا أن المجاميع المسلحة أطبقت الحصار على القوات الكردية المتمركزة في حيّي الأشرفية والشيخ مقصود وفي إقليم الشهباء داخل مدينة حلب وريفها الشمالي.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن إن هيئة تحرير الشام وفصائل معارضة متحالفة معها “باتت تسيطر على مدينة حلب بالكامل، باستثناء الأحياء الخاضعة لسيطرة القوات الكردية” في شمالها. وأصبحت حلب “لأول مرة خارج سيطرة قوات النظام منذ اندلاع النزاع” في البلاد عام 2011.

وأوضح مدير المرصد أن هناك جبهتين إحداها لفصائل “الجيش الوطني”، الموالي لتركيا تقاتل الأكراد بعملية “فجر الحرية”، وجبهة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فكّ ارتباطها مع تنظيم القاعدة) التي تقود عملية “ردع العدوان”.  وذكر عبدالرحمن أن عملية “فجر الحرية” بدأت بأوامر تركية في تل رفعت التي يتواجد فيها 300 ألف كردي مهجر من عفرين، محذرا من وجود مخاوف حقيقية من تعرضهم إلى مجازر.

وقال “الجبهة تحت أوامر تركية والجيش الوطني ارتكب مجازر بحق الأكراد في عفرين في عام 2018 ورأس العين وتل أبيض، وأحد الضباط المنشقين قال بالصوت والصورة اقتلوا الأكراد ولا تصوروهم لذا هناك مخاوف من مجازر بحق الأكراد.” وكانت القوات الحكومية استعادت السيطرة على كامل مدينة حلب نهاية عام 2016 بدعم جوي روسي، بعد معارك وجولات قصف وسنوات من الحصار للأحياء الشرقية فيها والتي شكلت معقلا للفصائل المعارضة منذ صيف 2012.

في المقابل بقي الجزء الشمالي من مدينة حلب والذي يضم أحياء عدة تقطنها غالبية كردية، أبرزها الشيخ مقصود والأشرفية، خاضعا لسيطرة القوات الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية المدعومة أميركيا والتي تشكل الذراع العسكرية للإدارة الذاتية الكردية. ولفت عبدالرحمن إلى أن “ما يجري في سوريا عملية خلط أوراق قبل مجيء ترامب لأن الكثير يحاول تحقيق مكاسب في الكعكة السورية لذا خارطة السيطرة قد تتغير في كل ساعة بسوريا…”

وقال “الجميع كان يعلم بأن هيئة تحرير الشام كانت تحضر لهذه العملية منذ أكثر من شهرين والدول التي تقول لا علم لنا بها غير صادقة.. ولا حقيقة عن انشقاقات في صفوف النظام فقط هم رتل من الجنود في الخدمة الإلزامية هربوا إلى منازل للمدنيين في تلبيسة ريثما يصلوا إلى منازلهم في محافظات سورية مختلفة.”

وأوضح أن الانسحاب من حلب كان بتوجيهات وهو ضمن مخطط يرسم في المنطقة.. النظام بدأ بهجوم معاكس بحماة وقد نشهد المعركة في استعادة السيطرة على ريف حماة.. مطار حلب الدولي هو تحت سيطرة هيئة تحرير الشام ولا أحد بعد الآن يستطيع أن يهبط في هذا المطار إلا إذا استخدمته تركيا.

2