السقوط من على ظهر الحصان

الحدث في ليبيا هذه الأيام هو سقوط وزير داخلية حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس اللواء عماد الطرابلسي من على ظهر حصانه وهو يشارك في السباق السنوي للفروسية الشعبية ذات الانتشار الواسع بين القبائل الليبية، رغم أن هناك من يقول إنه فارس أصيل يجيد ركوب الخيل منذ سنوات شبابه الأولى في مدينته الزنتان، ووجد الفرصة مناسبة خلال هذا العام ليكشف عن مواهبه التي لا يزال يحتفظ بها رغم مسؤوليته الحكومية سواء كوزير مكلف بالأمن وأجهزته، أو كمسؤول عن ملف الأخلاق العامة متخصص في فرض الحجاب على النساء ومنع الاختلاط بينهن وبين من لا يرتبط بهن بروابط أسرية من الدرجة الأولى .
لكن يبدو أن عينا أصابت الوزير فأطاحت به من على صهوة جواده، وقد تكون عين زميل في الحكومة، أو عين منافس من قادة الميليشيات، أوعينا من أحد الذين كانوا يهتفون باسم القذافي وابنه، وكأنهم يستعيدون صورة أيام "مهرجان الفاتح للفروسية"، أو ربما من امرأة غير راضية عن قرارات الوزير كانت تتابع المشهد من على شاشة التلفزيون .
وسقوط الطرابلسي من على ظهر حصانه ليس حالة فريدة، وإنما حلقة من مسلسل طويل من الأحداث لا ينتهي طالما هناك بشر مغرمون بهذه الهواية الجميلة والنبيلة. المطرب اللبناني عاصى الحلاني مثلا، تعرض في سبتمبر 2019 لإصابة شديدة أفقدته الوعي وأدت إلى حدوث بعض الكسور في جسده، بعد سقوطه أرضا من أعلى الحصان ودخل على إثرها المستشفى..
ومعروف عن الممثلة المصرية حورية فرغلي أنها كانت نجمة في ميدان الفروسية وعرفت آنذاك باسم عذابة الطاير، وفي إحدى المناسبات سقطت من فوق صهوة جواد ما تسبب لها في أضرار صحية من بينها كسر في أنفها لتدخل في دوامة عمليات تجميل كان لها أثرها السلبي عليها بدنيا ونفسيا، حيث خاضت رحلة علاج طويلة استمرت لأكثر من 5 سنوات، أجريت لها خلالها 17 عملية جراحية.
وتعرض الممثل خالد النبوي لإصابة بالغة في عموده الفقري، إثر سقوطه من فوق ظهر الحصان في أثناء تصوير أحد مشاهد مسلسل "واحة الغروب" بواحة سيوة، حيث نقل إلى أحد مستشفيات القاهرة، وتبيّن حدوث كسر في إحدى فقرات ظهره، تستلزم إجراء جراحة عاجلة أو الخضوع لراحة لمدة تتراوح ما بين 6 إلى 8 أسابيع .
وتاريخيا، كان هناك الكثير من الملوك والأمراء والأبطال العسكريين والقادة الفاتحين الذين قضوا بسبب سقوطهم من على ظهور خيولهم من جنكيز خان وألفونسو أمير البرتغال وأوربان السادس، وأيستولف ملك اللومبارد، وإيزابيلا من أراغون، ملكة فرنسا، والأمير كارل تيودور من بافاريا، وثيودوسيوس الثاني، وجيوفري الثاني دوق بريتاني، وخوان الأول ملك قشتالة، وروبرت الثاني كونت فلاندر، وفريدريش أوغسطس الثاني ملك ساكسونيا، وعدد من ملوك فرنسا من بينهم فيليب الرابع ولويس الثالث ولويس الرابع ولويس الخامس، وليوبود الخامس دوق النمسا، وهانس ملك الدنمارك، ووليم الثالث ملك إنجلترا، وقطب الدين أيبك أول حاكم من المماليك على سلطنة دلهي، وهي أول دولة مستقلة في الهند، وغيرهم كثير .
يقول أحد مدربي الخيول إنه يجب قبل بدء ركوب الخيول أن يأتي الشخص من أمام الفرس وليس من خلفه، ثم يتم الركوب أولًا من خلال القدم الشمال وليس اليمين، كما أنه يجب تقصير لجام الخيل ومسكه باليد جيدا حتى يمكن التحكم به بشكل أفضل لكي لا يستطيع الفرس الجري سريعا، ويؤدي إلى سقوط الشخص.
ولتجنب السقوط المؤذي على عاشق الفروسية أن يركب حصانا يتناسب مع مستوى مهارته، وفي بيئة آمنة لمستوى تلك المهارة، أن ينطلق بوعي، ويحاول أن يرى ما قد يخيف خيله قبل أن يفعل ذلك حتى يتمكن من تحويل انتباهه، بالإضافة إلى ضرورة التركيز على الوضع المناسب في السرج، والتأكد من أن السرج يناسبه وأن الركائب مضبوطة على الطول المناسب، بالإضافة إلى التأكد من أن الحزام مشدود حتى لا يدور السرج.