العاهل المغربي يطالب بالتحرك العاجل والفوري لوقف حرب غزة

الملك محمد السادس يدعو للعودة إلى طاولة المفاوضات لإنهاء النزاع، وفتح جميع المعابر بشكل فوري ودائم، دون قيد أو شرط لتأمين وصول المساعدات للقطاع.
الأربعاء 2024/11/27
ثوابت راسخة تجاه القضية الفلسطينية

الرباط - أكد العاهل المغربي الملك محمد السادس أن المغرب يدعم كل المبادرات البناءة، التي تهدف إلى إيجاد حلول عملية لتحقيق وقف ملموس ودائم لإطلاق النار، ومعالجة الوضع الإنساني بالأراضي الفلسطينية، مشددا على ضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات لوضع حد نهائي للنزاع.

وأبرز الملك محمد السادس في رسالة إلى رئيس اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، شيخ نيانغ، بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي يخلد هذه السنة في 26 نوفمبر، أن "المملكة ستواصل جهودها الحثيثة والمعهودة، مستثمرة مكانتها وعلاقاتها المتميزة مع الأطراف المعنية والقوى الدولية الفاعلة، من أجل توفير الظروف الملائمة، للعودة إلى طاولة المفاوضات، باعتبارها السبيل الوحيد لوضع حد نهائي للنزاع، وتحقيق الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط".

وفي ظل هذه الظرفية الصعبة وغير المقبولة، إنسانيا وحقوقيا وأخلاقيا، أكد العاهل المغربي أن المغرب يجدد التأكيد، وكما دأب عليه في مختلف المنابر الإقليمية والدولية، على ضرورة التوصل إلى الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار بقطاع غزة، ووضع حد للاعتداءات المتكررة على السكان الآمنين بالضفة الغربية ومدينة القدس.

وأضاف أن المملكة تجدد التأكيد أيضا على العمل على ضمان حماية المدنيين ومنع استهدافهم وحقن دمائهم على عموم الأراضي الفلسطينية، وتشدد على ضرورة فتح جميع المعابر بشكل فوري ودائم، دون قيد أو شرط، بما يضمن تأمين وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية ومختلف الإمدادات الطبية والاحتياجات الأساسية، بالانسيابية المطلوبة وبكميات كافية لسكان قطاع غزة وباقي الأراضي الفلسطينية.

وكان المغرب الذي استأنف في العام 2020 العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل بعد نحو عقدين من القطيعة، قد دعا منذ اندلاع الحرب على غزة إلى وقف العدوان الإسرائيلي على القطاع الفلسطيني، مشددا على ضرورة حماية المدنيين كما طالب طرفي الصراع بالعمل على الإفراج عن الرهائن.

وتعتمد مقاربة المغرب تجاه القضية الفلسطينية على الاستناد إلى الحوار والمفاوضات للوصول إلى حل شامل ودائم على أساس قرارات الشـرعية الدولية ومبدأ حل الدولتين المتوافق عليه دوليا، في موقف ثابت بعيدا عن المزايدات السياسية.

وبالموازاة مع ذلك، أبرز الملك محمد السادس أن المغرب يجدد التأكيد على ضرورة الحفاظ على دور وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" وتعزيزه ودعمه، ورفض كل تهجير للمواطنين الفلسطينيين، وكذا الالتزام التام بالقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، بالإضافة إلى ضرورة إطلاق مفاوضات جادة وهادفة لإحياء عملية السلام، وفق قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية.

وفي هذا الصدد، ذكر العاهل المغربي، بصفته رئيسا للجنة القدس، المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي، بحرصه شخصيا على بذل كل الجهود الممكنة، واستثمار كافة الوسائل المتاحة، في سبيل الحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي والديمغرافي للمدينة المقدسة، باعتبارها ملتقى لأتباع الديانات السماوية التوحيدية الثلاث.

وفي هذا الإطار، جدد الملك محمد السادس التأكيد على أن المملكة ستواصل جهودها الحثيثة من أجل الدفاع عن المدينة المقدسة، من خلال العمل السياسي والدبلوماسي.

وأضاف أن وكالة بيت مال القدس، باعتبارها آلية تنفيذية وميدانية للجنة القدس، ستواصل عملها في إنجاز خطط ومشاريع ملموسة، تروم بالأساس صيانة الهوية الحضارية للمدينة المقدسة، وتحسين الأوضاع الاجتماعية والمعيشية للمقدسيين ودعم صمودهم. بالموازاة مع ذلك، وأمام الكارثة الإنسانية في غزة.

وتمكنت وكالة بيت مال القدس الشريف منذ إنشائها من تمويل عدة مشاريع حيوية في الميدان الاجتماعي والثقافي والتعليم والصحة والإسكان بقيمة إجمالية بلغت 57 مليون دولار، كان لها الأثر المباشر والملموس على حياة السكان.

وكان وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة قد أكد خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في 11 نوفمبر استعداد المملكة للانخراط في أي جهود دولية تهدف إلى تحقيق تطلعات الشعبي الفلسطيني إلى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفق حل الدولتين.

وذكر الملك محمد السادس بأنه أمر في ثلاث مناسبات، بإرسال مساعدات إنسانية وطبية عاجلة إلى القطاع، مشيرا إلى أنه جرى تأمين إيصال هذه المساعدات من خلال فتح طريق غير مسبوق، والتي اكتست طابعا خاصا، لكونها تشمل أيضا معدات لعلاج الحروق والطوارئ الجراحية وأدوية أساسية، في وقت يعاني فيه القطاع الطبي في غزة من حالة شبه انهيار، نتيجة شح المستلزمات الطبية والأدوية.

وقال العاهل المغربي إن ما يقوم به المغرب من جهود ومساع لصالح القضية الفلسطينية، هو "التزام صادق وموصول تدعمه إجراءات ميدانية ملموسة، تلقى كل التقدير والإشادة من لدن أشقائنا الفلسطينيين قيادة وشعبا"، معربا عن الدعم الكامل للسلطة الوطنية الفلسطينية، بقيادة "أخينا فخامة الرئيس محمود عباس، في جهودها لتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني الشقيق إلى الحرية والاستقلال، والأمن والوحدة والازدهار".

وكان المغرب أول من فتح طريقا بريا غير مسبوق منذ اندلاع المواجهات المسلحة في غزة ذلك أن المساعدات المغربية يتم إيصالها إلى تل أبيب جوا، ومنها ترسل إلى غزة عبر الطريق البري.

وسبق أن أعطى العاهل المغربي تعليماته لإطلاق عملية إنسانية تخصّ توجيه مساعدات عاجلة إلى غزة، وتشمل أربعين طنا من المواد الطبية، من بينها معدات لعلاج الحروق والطوارئ الجراحية وجراحة العظام والكسور، وأدوية أساسية.

كما وجه في شهر رمضان الماضي بإرسال مساعدات إغاثية إلى سكان قطاع غزة ومدينة القدس. وشملت المساعدات آنذاك أكثر من 40 طنّا من المواد الغذائية.

وتحمّل المغرب، ولا يزال يتحمل، مسؤولية تاريخية حيال القضية الفلسطينية، وهو يعمل في هدوء وبالطريقة التي تتوافق مع التزاماته العربية والإسلامية، وتحقق فائدة عملية للمواطنين، تتزايد أهميتها مع تصاعد حدة الموقف جراء الحرب العنيفة التي أفضت إلى مشهد إنساني يصعب تحمّله في غزة.

وتندرج المساعدات الطبية المغربية في إطار تقليد عريق للتضامن الفعال مع القضية الفلسطينية، واستمرار العناية الملكية تجاه الشعب الفلسطيني، وهو ما يضاف إلى ما تقوم به وكالة بيت مال القدس من مبادرات متواصلة لتقديم مساعدات إلى سكان مدينة القدس.