إيران تستبق وصول ترامب بمحادثات مع الدول الأوروبية حول الملف النووي

لندن- تعقد إيران محادثات الجمعة مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا حول ملفها النووي في خطوة تستبق بها وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير المقبل. وتقف الدول الثلاث خلف القرار الأخير الذي اعتمدته الوكالة الدولية للطاقة الذرية وينتقد طهران على عدم تعاونها في الملف النووي.
ووافق مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس على قرار مقدم من بريطانيا وفرنسا وألمانيا ضد إيران بدعم 19 دولة، مع امتناع 12 دولة عن التصويت، ومعارضة ثلاث دول فقط، يطالبها بالالتزام الكامل بتعهداتها والتعاون مع الفريق الرقابي التابع للأمم المتحدة.
وكانت طهران تأمل أن تمنع زيارة المدير العام للوكالة، رافائيل غروسي، الأخيرة إلى طهران وزيارته لمنشأتين نوويتين، بالإضافة إلى موافقة البلاد المشروطة على وقف تخصيب اليورانيوم من صدور هذا القرار.
وتأتي الخطوة الأوروبية وسط مخاوف بشأن التطور السريع للبرنامج النووي الإيراني، لذلك تحاول الدول الأوروبية الثلاث احتواء الطموحات النووية الإيرانية في ظل غياب الموقف الأميركي الآن مع ترتيبات الانتخابات الأميركية. ويخشى النظام في طهران من إعادة ترامب العمل بسياسة “الضغط الأقصى” القائمة على فرض عقوبات اقتصادية صارمة.
النظام في طهران يخشى من إعادة ترامب العمل بسياسة "الضغط الأقصى" القائمة على فرض عقوبات اقتصادية صارمة
ورغم تأكيداتها المستمرة أن برنامجها النووي سلمي ويستخدم لإنتاج الطاقة، إلا أن طهران باتت تمتلك ما يكفي من المواد لصنع أكثر من ثلاث قنابل ذرية، وفق الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الذي تولى منصبة في يوليو والمؤيد لحوار مع الدول الغربية، أنه يريد رفع “الشكوك والغموض” حول برنامج بلاده النووي.
وترى إيران أنها أبدت “حسن نية” بدعوتها المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي لزيارة موقعي نطنز وفوردو النوويين في وسط البلاد خلال تواجده في طهران.
واعتبرت هذه الزيارة إحدى الفرص الدبلوماسية الأخيرة المتاحة قبل عودة ترامب إلى البيت الأبيض، وهو الذي كان مهندس سياسة “الضغوط القصوى” على إيران خلال ولايته الأولى بين عامَي 2017 و2021.
وأبرم اتفاق نووي بين طهران وست قوى كبرى في العام 2015 في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، ما أتاح رفع عقوبات عن إيران في مقابل تقييد نشاطاتها النووية وضمان سلميتها.
وردا على انسحاب الولايات المتحدة في 2018 من الاتفاق خلال الولاية الرئاسية الأولى لدونالد ترامب، بدأت طهران التراجع تدريجيا عن غالبية التزاماتها بموجب الاتفاق، واتخذت سلسلة خطوات أتاحت نمو برنامجها النووي وتوسّعه إلى حد كبير.
فزادت إيران مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب بشكل كبير ورفعت عتبة التخصيب إلى 60 في المئة، لتقترب بذلك من نسبة الـ90 في المئة اللازمة لصنع قنبلة نووية.
وحدد الاتفاق النووي مع إيران المعروف رسميا باسم “خطة العمل الشاملة المشتركة” والذي فشلت مفاوضات في إحيائه في العام 2022، معدل التخصيب الأقصى عند نسبة 3.67 في المئة.
وتتصاعد التوترات بشأن البرنامج النووي الإيراني. وتنفي طهران أن تكون لديها طموحات نووية على الصعيد العسكري وتدافع عن حقها بامتلاك برنامج نووي لأغراض مدنية ولاسيما في مجال الطاقة.
وجاء في البيان الصادر الأحد عن الناطق باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي أنه إلى جانب الملف النووي ستبحث إيران مع الدول الثلاث في الوضعين الإقليمي والدولي “بما يشمل قضيتي فلسطين ولبنان.” ولم يحدد مكان انعقاد هذه المحادثات.
وتعد إيران داعما أساسيا لحزب الله في لبنان ولحركة حماس في قطاع غزة اللذين يتواجهان في حرب مع إسرائيل عدوة طهران اللدودة منذ قيام الجمهورية الإسلامية في العام 1979.
ومع تزايد التوترات الإقليمية والتصعيد غير المسبوق بين إيران وإسرائيل الذي تجاوز الحرب بالوكالة، تتنامى المخاوف من تسارع وتيرة البرنامج النووي الإيراني لتعزيز قوة الردع لطهران في مواجهة إسرائيل.
للمرشد الأعلى الإيراني القول الفصل في "برنامج طهران النووي" الذي يشتبه الغرب في أن له أغراضا عسكرية
وتدرك طهران أن إسرائيل بعد هجوم 7 أكتوبر 2023 باتت أكثر شدة وصلابة لذلك ستسارع إلى تطوير وتجربة القنبلة النووية، وذلك بهدف إيجاد مستوى جديد من الردع وتفادي حرب إقليمية مدمرة مع إسرائيل وحلفائها، بما في ذلك الولايات المتحدة.
وفي مطلع أكتوبر، دعا نواب إيرانيون المرشد الأعلى للبلاد آية الله علي خامنئي إلى إعادة النظر في العقيدة النووية، السلمية رسميا، وذلك لمواجهة التهديدات الإسرائيلية لطهران.
وللمرشد الأعلى الإيراني القول الفصل في “برنامج طهران النووي” الذي يشتبه الغرب في أن له أغراضا عسكرية.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أكد قبل نحو شهر أن إيران تسعى إلى صنع قنابل نووية لتدمير إسرائيل ويمكنها بعد ذلك تهديد العالم بأسره.
وأعلن خلال الجلسة الافتتاحية للكنيست أن “إيران تسعى لبناء مخزون من القنابل النووية من أجل تدمير إسرائيل، تحملها صواريخ بعيدة المدى” مشيرا إلى أنها “قد تهدد العالم بأسره في أيّ مكان.”
وأضاف نتنياهو أن “وقف البرنامج النووي الإيراني يتصدر أفكارنا، ولأسباب واضحة، لا يمكنني أن أشارككم كل خططنا وتحركاتنا في هذا الصدد.”
وقبل ذلك حذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في يوليو من أن إيران قادرة على إنتاج مواد انشطارية بهدف صنع قنبلة نووية “خلال أسبوع أو اثنين،” مكررا التزام الولايات المتحدة منع طهران من تحقيق ذلك.