بيدرسون يدعو للتهدئة في غزة ولبنان لعدم جر سوريا إلى النزاع

دمشق - اعتبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير أوتو بيدرسون في دمشق الأحد أنه "من الضروري للغاية" إنهاء الحربين في لبنان وغزة لعدم "جر" سوريا إلى النزاع في المنطقة، وذلك خلال زيارته إلى دمشق لبحث امكانية استئناف اجتماعات "لجنة مناقشة تعديل الدستور".
وقال قبل اجتماعه مع وزير الخارجية السوري بسام الصباغ "علينا الآن ضمان أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار في غزة وفي لبنان وأن نجنب جر سوريا" إلى النزاع في المنطقة.
ومنذ بدء النزاع في سوريا، شنّت إسرائيل مئات الضربات الجوية، مستهدفة مواقع تابعة للقوات الحكومية وأهدافا إيرانية وأخرى لحزب الله. وازدادت وتيرة الغارات على وقع المواجهة المفتوحة التي تخوضها إسرائيل مع حزب الله في لبنان المجاور.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره في بريطانيا الجمعة بمقتل 92 مقاتلا موالين لإيران في غارات اسرائيلية استهدفت مدينة تدمر في وسط سوريا.
ونادرا ما تؤكّد إسرائيل تنفيذ الضربات، لكنّها تكرّر تصدّيها لما تصفه بمحاولات إيران لترسيخ وجودها العسكري في سوريا. وتقول في الفترة الأخيرة إنها تعمل على منع حزب الله من "نقل وسائل قتالية" من سوريا إلى لبنان.
وعقد صباغ والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا اليوم الأحد اجتماعا في مبنى وزارة الخارجية بدمشق. وفق وكالة الأنباء السورية "سانا".
ولم تكشف الوكالة عن فحوى الاجتماع، لكن وكالة "سبوتنيك" الروسية، ذكرت مساء السبت أن الاجتماع سيتناول قضية اختيار مكان لعقد اجتماع "لجنة مناقشة تعديل الدستور"، وذلك بعد رفض روسيا وسوريا إقامة الاجتماع في جنيف بسبب ما وُصف بانحيازها في قضية العملية الروسية الخاصة.
وتُعد هذه الزيارة الثانية لبيدرسون إلى دمشق هذا العام، وتأتي في ظل تصعيد خطير للعدوان الإسرائيلي على دول المنطقة، وهو موضوع يُرجّح أن يتطرق إليه وزير الخارجية السوري خلال حديثه مع المبعوث الأممي.
وتأتي الزيارة بعد تصريحات للمبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، قبل أيام، كشف فيها أن كلا من سلطنة عُمان، ومصر، والسعودية، والعراق أعلنت استعدادها لاستضافة اجتماعات لجنة مناقشة تعديل الدستور، في ظل اعتراض روسيا على استضافة سويسرا للاجتماعات.
وعقدت لجنة مناقشة تعديل الدستور ثماني جولات منذ العام 2019 في مكتب الأمم المتحدة في جنيف بسويسرا قبل أن ترفض روسيا عقد المزيد من الجولات في جنيف.
وزار بيدرسون الثلاثاء الماضي العاصمة الأردنية عمان، حيث بحث مع وزير الخارجية أيمن الصفدي سبل دفع الحل السياسي في سورية، وفق وسائل إعلام أردنية.
وقالت وزارة الخارجية الأردنية آنذاك في بيان رسمي، إن الصفدي وبيدرسون بحثا "الجهود المبذولة للتوصل لحل سياسي للأزمة السورية"، في لقاء ثنائي بعمان في إطار زيارة رسمية غير معلنة المدة يجريها المسؤول الأممي إلى المملكة.
وأكد الصفدي على "ضرورة تكثيف الجهود المستهدفة إنهاء الأزمة ومعالجة كل تبعاتها بما يضمن وحدة سوريا وتماسكها وسيادتها ويحقق طموحات شعبها ويعيد لها أمنها وعافيتها واستقرارها ويهيئ الظروف المناسبة للعودة الطوعية للاجئين".
واعتبر ذلك "ضرورة إقليمية يستمر الأردن بالعمل من أجل تحقيقها"، في وقت ثمن بيدرسون جهود الأردن المستهدفة الوصول لحل للأزمة السورية، وفق ذات البيان.
وسبق أن أطلق بيدرسون، في جلسة لمجلس الأمن الدولي، تحذيرا من أن امتداد الصراع الإقليمي إلى سوريا يشكل خطرا كبيراً قد يؤدي إلى تفاقم الوضع، مؤكدا أن سوريا أصبحت تحت ضغوط جديدة قد تعمق معاناتها وتؤثر على الأمن الإقليمي والدولي.
وقال بيدرسون إن سوريا تتطلب اهتماما عالميا مشددًا في ظل التطورات في الأراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان.
ولفت إلى أن نحو 425 ألف شخص عبروا إلى سوريا هربا من العنف في لبنان، غالبيتهم سوريون ولبنانيون، مما يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية.
وأكدت مسؤولة العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة، إيديم وسورنو، على ضرورة إبقاء الحدود السورية مفتوحة أمام الفارين، مرحبة بجهود الحكومة السورية لتوفير مراكز إيواء وتسهيلات أخرى.
وكان المبعوث الأممي قد دعا إلى خفض التصعيد على الصعيدين السوري والإقليمي يقصد منطقة الشرق الأوسط، وشدد على ضرورة الإفراج عن المعتقلين واستكمال عمل اللجنة الدستورية.
وقال بيدرسون في منشورات عبر حسابه على منصة "إكس"، إن المدنيين لا يزالون يقتلون في سوريا بشكل يومي تقريبا، ولفت إلى أن العنف لم يؤثر على المدنيين فقط، بل شكّل تهديدات جديدة للسلم والأمن، معتبرا أنه يجب مضاعفة الجهود لخفض التصعيد الإقليمي وكذلك في سوريا.
ودعا إلى الإفراج عن جميع المعتقلين لدى جميع أطراف النزاع في سوريا، خاصةً أن هذا الملف يتطلب تحركًا عاجلًا مع استمرار الاعتقال والاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري.
وسبق أن طالب بيدرسن جميع الأطراف في البلاد إلى خفض التصعيد، والدفع نحو الحل السياسي وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، وعبر عن قلقه البالغ إزاء ارتفاع خطر التصعيد.
وتواصل روسيا، مساعيها في تعطيل عمل "اللجنة الدستورية السورية"، من خلال رفض تسهيل مهمة الأمم المتحدة في العملية السياسية بسوريا، والتي لم يطرأ عليها أي تحرك منذ منتصف عام 2022، بسبب موقف روسيا الرافض لاستئناف جولات "الدستورية" في مدينة جنيف السويسرية، وتطالب بنقلها لعاصمة عربية، الأمر الذي يرفضه بيدرسون.
وقال ألكسندر لافرنتييف المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، إن جنيف هي "المكان الوحيد المرفوض" من قبل الجانب الروسي لاستئناف أعمال اللجنة الدستورية السورية المشكلة من الأمم المتحدة من النظام والمعارضة السورية والمجتمع المدني من كلا الطرفين، لكتابة دستور جديد للبلاد.
وأوضح في تصريح لوكالة "تاس" الروسية، أن سلطنة عُمان، ومصر، والسعودية، والعراق، أعلنت استعدادها لاستضافة اجتماعات اللجنة الدستورية السورية، مؤكداً استعداد بلاده للعمل في هذه العواصم، ولفت إلى أن الخيار المصري "مطروح على الطاولة"، إضافة إلى خيار الرياض، لافتاً إلى أن المعارضة السورية ترفض عقد الاجتماعات في العاصمة العراقية بغداد بسبب موقف الحكومة العراقية المنحاز للنظام.