شح الدولارات يحاصر الشركات الصينية وسط تصاعد التوترات التجارية

توقعات بانخفاض اليوان إلى 7.3 مقابل الدولار بحلول نهاية العام المقبل من حوالي 7.24 مقابل الدولار حاليا.
السبت 2024/11/23
السيولة ليست كافية للأعمال

رصد المحللون اتجاها متزايدا من قبل الشركات الصينية لادخار المزيد من الدولارات، وتحديد أسعار العقود باليوان مع فتح خطوط استيراد للتخفيف من مخاطر نقص العملة الأميركية، في ظل تهديد التوترات التجارية بزعزعة استقرار أسعار الصرف الأجنبي.

شنغهاي (الصين) - يستعد المصدرون الصينيون لتحول طويل الأجل في التجارة نحو آسيا وأميركا اللاتينية وأفريقيا، ويحمون أنفسهم من التقلبات المحتملة في الدولار مثل تلك التي شوهدت خلال الولاية الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.

وتضيف الهوامش المنخفضة إلى مخاوف العشرات من الشركات في البلاد، حيث دفعت الأسواق الفورية الدولار بالفعل إلى الارتفاع بنحو اثنين في المئة مقابل اليوان في الأسابيع التي أعقبت الانتخابات الأميركية في الخامس من نوفمبر الجاري.

وقال ديفيد جيانغ مؤسس شركة الاستشارات لإدارة المخاطر تشيان جينغ لروتيرز إن “هناك ارتفاعا واضحا في الرغبة في الاحتفاظ بالدولارات في الخارج.”

وأوضح أن أحد الشركات في مقاطعة جيانغسو الشرقية، لم يسمّها، والتي تكسب 300 مليون دولار من الصادرات السنوية، تريد المساعدة في حماية هوامش 5 في المئة من مخاطر العملة.

وأضاف “يجب عليها أيضا التعامل مع تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 60 في المئة على السلع الصينية.” وفي الوقت الحالي، تحتفظ معظم الشركات بأرباحها بالدولار من الصادرات وتبقيها في الخارج، إذا أمكن.

وأظهرت بيانات البنك المركزي أن الودائع بالعملة الأجنبية في الداخل تضخمت بنسبة 6.6 في المئة لتصل إلى 836.5 مليار دولار على مدى 12 شهرا حتى نهاية أكتوبر.

ديفيد جيانغ: هناك ارتفاع في الرغبة بالاحتفاظ بالدولارات في الخارج
ديفيد جيانغ: هناك ارتفاع في الرغبة بالاحتفاظ بالدولارات في الخارج

ويتوقع المحللون في المتوسط أن ينخفض اليوان إلى 7.3 مقابل الدولار بحلول نهاية العام المقبل من حوالي 7.24 مقابل الدولار حاليًا.

وقال ليو يانغ المدير العام لقسم أعمال السوق المالية في مجموعة شهيزهانغ ديفلوبمنت غروب المصدرة للمعادن إن “الفارق في الفائدة بين الولايات المتحدة والصين واسع وسيستمر ذلك لفترة طويلة.. الاحتفاظ بأصول الدولار أمر طبيعي للمصدرين الصينيين.”

وضغطت أسعار الفائدة الأميركية المرتفعة على العقود الآجلة بحيث أصبح من غير الاقتصادي للمصدرين أن يقيدوا أسعار الفائدة المستقبلية، رغم أن ليو قال إنه “من الأفضل للمستوردين أن يفعلوا ذلك وأن يبيع المصدرون خيارات الشراء عند نحو 7.5 في المئة.”

وكان امتلاك الدولار إستراتيجية رابحة. فقد ظلت العملة قوية بفضل ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية وانخفاض أسعار الفائدة الصينية.

ومع ذلك، وإضافة إلى الاضطرابات التجارية التي شهدتها رئاسة ترامب الأولى، تستعد الشركات الصينية للاضطرابات المستقبلية. فقد ارتفع اليوان بنسبة 10 في المئة خلال الأشهر الثمانية عشر الأولى قبل أن ينزلق بنحو 12 في المئة خلال فرضه للرسوم الجمركية والوباء.

وقد جعلت هذه التجربة الصين أكثر استعدادا هذه المرة وبدأت بالفعل في إعادة تشكيل التجارة العالمية التي تتدفق إلى الأسواق المالية، وخاصة النقد الأجنبي.

وقال ناثان سوامي رئيس قسم تداول العملات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في مجموعة سيتي في سنغافورة إن “نظام التعريفات الجمركية الثقيل قد يغير أيضا تكوين تدفقات التحوط بالعملة في الأمد البعيد.”

وأضاف “لقد كانت حصة الرنمينبي في المدفوعات والتجارة العالمية في نمو على مر السنين ومن الممكن أن تكون بعض هذه التجارة الجديدة غير مقومة بالدولار الأميركي، وبالتالي تغيير الحاجة إلى التحوط بالعملة الأساسية.”

ناثان سوامي: الرسوم الثقيلة تغير تدفق التحوط بالعملة في الأمد البعيد
ناثان سوامي: الرسوم الثقيلة تغير تدفق التحوط بالعملة في الأمد البعيد

وبلغت حصة اليوان في تمويل التجارة العالمية 5.77 في المئة بنهاية أكتوبر الماضي، مما جعله في المرتبة الثانية بعد الدولار، مقارنة بنحو اثنين في المئة خلال عام 2020، وفقا لبيانات من شبكة الرسائل المصرفية العالمية (سويفت).

وتظهر بيانات الجمارك أن حصة الصادرات الصينية المرسلة إلى الولايات المتحدة انخفضت بشكل مطرد في السنوات الأخيرة، بينما زادت إلى جنوب شرق آسيا والهند والمكسيك. ويحاول بعض المصدرين بالفعل خفض مخاطر العملة من خلال تحديد الأسعار باليوان أو اتخاذ مواقف في تدفقات التجارة ثنائية الاتجاه.

ويقوم جاكي وانغ رجل الأعمال المقيم في جنوب قوانغدونغ، والذي يبيع مصابيح ليد في أميركا الجنوبية وأفريقيا بإبرام صفقات النقد الأجنبي الخاصة به مع الزبائن. ويقول إن الشركات يجب أن تقلل من المخاطر من خلال إبرام الصفقات الثنائية.

وأوضح أن هذا يعني استخدام عائدات التصدير لشراء المنتجات المحلية للاستيراد إلى الصين، مع تحويل الأرباح إلى الدولار. وأضاف “هذه طريقة بسيطة وأساسية لإدارة مخاطر العملة،” دون استخدام أدوات تحوط معقدة.

وقد ردد وجهة النظر هان تشانغ مينغ، مستورد السيارات في مقاطعة فوجيان الجنوبية، والذي يصدر السلع الأساسية أيضًا. وقال “توفر التجارة الثنائية تحوطًا طبيعيًا.”

وفي حين أن معظم الشركات ليست مرنة بما يكفي لتقليل المخاطر بشكل فعال، فإن المصدرين يستفيدون من ضعف العملة مع زيادة القدرة التنافسية العالمية وتعزيز الأرباح عند تحويلها إلى اليوان.

ومع ذلك، يقول المستشارون إن الخلفية تضع التحوط في المقدمة. وقال جوزيف ليو الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة أف.إكس إكسبور مشيرا إلى أن الشركات تدخل دولًا متقلبة في أسعار الصرف الأجنبي “عندما تغامر الشركات الصينية بدخول أسواق جديدة، فإنها تحتاج إلى التفكير بجدية فيما إذا كانت على الطاولة أو على القائمة.” وأضاف لرويترز إنه “بينما يثير ترامب القلق في الأمد القريب، فإن اتجاه الذهاب إلى الخارج إيجابي طويل الأجل لأعمالي.”

11