جهود جزائرية حثيثة لإرساء ركائز الثقة في مناخ الأعمال

الجزائر تترقب استثمارات من 10 شركات أجنبية لإقامة مشاريع بكلفة تتراوح بين 1.5 و2 مليار دولار لكل مشروع.
الخميس 2024/11/21
جذب الاستثمار خطوة لتحريك عجلة الاقتصاد

الجزائر - وضعت الحكومة الجزائرية خطة تتضمن مجموعة من الركائز بهدف إرساء ثقة المستثمرين في مناخ الأعمال، الذي لا يزال يحتاج إلى المزيد من التحسينات ليكون أكثر جاذبية في المستقبل وسط منافسة شديدة من المغرب.

وتشمل الخطة ثلاث دعائم أساسية لتحسين بيئة الاستثمار، وهي توفير منشآت مجهزة وتسهيل إجراءات التراخيص وإشراك القطاع المصرفي في تمويل المشاريع.

وتواجه السلطات تحديات معقدة لإقناع المستثمرين الأجانب بضخ أموالهم في السوق المحلية بالنظر إلى مناخ الأعمال غير الملائم للقيام بأي نشاط نتيجة عدم استقرار المنظومة التشريعية الاقتصادية، وخاصة في ظل التذبذب السياسي والتذمر الاجتماعي.

ولكن المدير العام للوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار عمر ركاش أكد أن بلاده تعكف على توفير منشآت مجهزة بإجمالي مساحة 40 ألف هكتار (400 مليون متر مربع) خلال 5 سنوات من أجل منحها للمشاريع الاستثمارية ذات الأولوية.

عمر ركاش: تدشين 20 ألف مشروع في 3 سنوات مرتبط بالدعم
عمر ركاش: تدشين 20 ألف مشروع في 3 سنوات مرتبط بالدعم

وقال في مقابلة مع بلومبيرغ الشرق إن هذا التمشي سيكون ضمن “خطة من ثلاث ركائز لإيجاد بيئة جاذبة للاستثمار، تشمل أيضاً تسهيل إجراءات إصدار تراخيص المشاريع، وإشراكا أكبر للقطاع البنكي لتوفير التمويل.”

وأوضح أن هذه المساحة من المنشآت المجهزة، بواقع 8 آلاف هكتار سنويا، ستُخصص للمشاريع غير الزراعية التي توليها الدولة أهمية، وهي “تلك التي تصنّع المنتجات التي تحل محل الواردات، والتي تدخل في مدخلات سلاسل الإنتاج، ومشاريع الاستثمار في التكنولوجيا.”

وأكد خطة الدولة بتدشين 20 ألف مشروع استثماري خلال خمس سنوات، من الممكن تحقيقها في ثلاث سنوات فقط إذا توفرت الظروف الداعمة.

وأشار ركاش إلى أن ذلك يأتي “بالنظر إلى أنه تم تسجيل نحو 10.5 آلاف مشروع خلال عامين بقيمة استثمارية تبلغ 32 مليار دولار، 50 في المئة منها قيد التنفيذ، وثمانية في المئة تنتج بالفعل.”

وفي العام الماضي جذبت الجزائر استثمارات أجنبية بقيمة 1.2 مليار دولار، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة للتنمية والتجارة.

ومع ذلك لا يزال تدفق رؤوس الأموال من الخارج ضعيفا، بسبب اعتماد الدولة على عوائد النفط والغاز. وأفاد المسؤول الجزائري بأن عدد المشاريع الأجنبية في البلاد يصل إلى 193 مشروعاً، تتوزع بين استثمارات أجنبية مباشرة، وبالشراكة مع مستثمرين محليين.

وتتمثل الركيزة الرئيسية الأخرى ضمن خطة الجزائر لجذب الاستثمار في تسهيل إجراءات إصدار تراخيص المشاريع، وهو ما وصفه ركاش بتنفيذ مبدأ “الشباك الواحد”، مؤكدا أن حل مشكلة تعقيد وطول الإجراءات على أرض الواقع كفيل بتحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية.

تدفق رؤوس الأموال من الخارج لا يزال ضعيفا، بسبب اعتماد الدولة على عوائد النفط والغاز

وتتمثل الركيزة الثالثة في جذب القطاع البنكي للانخراط بشكل أكبر في بيئة الاستثمار، وذلك عبر توفير المزيد من منتجات التمويل، وتسهيل إجراءات منح التمويلات، وتخفيض كلفة الاقتراض.

وتشجع الحكومة الاستثمارات التي تتماشى مع الأهداف الكبرى للدولة، والتي حددها ركاش في الأنشطة التي تقدم قيمة مضافة مرتفعة، وتولد فرص عمل، وتلك التي تساهم في التحول التكنولوجي، والمشاريع التي تدعم القدرات التنافسية للاقتصاد في الخارج.

وقبل ثلاث سنوات طرحت الجزائر قانون استثمار جديدا تأمل من خلاله تحريك عجلات الاقتصاد لأسباب مختلفة أملا في جذب رؤوس أموال جديدة، وخاصة من الخارج، لإعطاء صورة إيجابية عن تحسن مناخ الأعمال الذي ظل مكبلا عدة سنوات.

وأدرجت الحكومة تعديلات جذرية في القانون السابق لإقناع المستثمرين المحليين والأجانب بالاستثمار في مختلف القطاعات، يأتي على رأسها ثبات القانون مدة عشر سنوات لإضفاء حالة استقرار على المنظومة التشريعية.

وإلى جانب ذلك تم اعتماد حزمة واسعة من الحوافز والامتيازات، فضلا عن استحداث هيئة رئاسية تتولى مهمة حل المشاكل على المستويين المحلي والمركزي.

وتترقب الجزائر العضو في منظمة أوبك استثمارات من 10 شركات أجنبية لإقامة مشاريع بكلفة تتراوح بين 1.5 و2 مليار دولار لكل مشروع، بحسب عمر ركاش، المدير العام للوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار.

وسبق أن لفت ركاش في يونيو الماضي إلى أن هذه الشركات تنتمي إلى دول روسيا والصين وتركيا، مشيرا إلى أنها أبدت رغبة جامحة في الاستثمار بقطاعات الحديد والصلب والألمنيوم، لكن المناقشات لا تزال في مراحلها الأولية.

وتبدو مسألة رقمنة الاقتصاد المعتمد على إيرادات النفط والغاز بشكل كبير إحدى ألح الخطوات التي يفترض أن تركز عليها السلطات للحد من مظاهر البيروقراطية التي ظلت جاثمة على مناخ الأعمال مدة طويلة.

10