العراق يحث الشركات التركية على المشاركة في إعادة الإعمار

بغداد - دعا وزير الإعمار والإسكان والبلديات العراقي بنكين ريكاني، الشركات التركية إلى المشاركة في المشاريع والاستفادة من الفرص المتاحة في إطار أعمال إعادة الإعمار والبنية التحتية في العراق، في وقت أعلن زيرا التجارة العراقي ونظيره التركي، أن التبادل التجاري بين البلدين وصل إلى مستوى قياسي.
وأشاد ريكاني في كلمة له، الاثنين، خلال اجتماع طاولة مستديرة مع "إدارات أصحاب العمل في العراق" في بغداد، بمشاركة وزير التجارة التركي عمر بولاط والوفد المرافق، بالمشاريع التي نفذتها الشركات التركية في العراق منذ عام 2005، ودخولها السوق العراقية رغم كل التحديات التي واجهتها تلك الشركات.
وأكد الوزير ريكاني أن العراق يشهد مرحلة من إعادة الإعمار وأعمال البنية التحتية، داعيا في هذا السياق الشركات التركية إلى المشاركة في هذه المشاريع والاستثمار فيها.
كما شدد الوزير على أن تعزيز الجوانب الاقتصادية بين تركيا والعراق يمثل مفتاحاً لتقوية العلاقات السياسية والاجتماعية التي تساهم في تحقيق الاستقرار والأمن.
ويخطط العراق لطرح حزمة واسعة من المشاريع الجديدة بهدف جذب استثمارات بقيمة تصل إلى ربع تريليون دولار خلال العامين المقبلين، وهي خطوة غير مسبوقة بحسب المحللين.
وتشمل الفرص، التي ستولد الآلاف من الوظائف للعراقيين، مشاريع في مجالات الطاقة المتجددة ومدنا صناعية وزراعية وشبكات سكك الحديد، بالإضافة إلى قطاعات التعليم والاتصالات والسياحة والترفيه.
وبدوره، أكد وزير التجارة العراقي، أثير الغريري، في لكلمة له خلال الملتقى التركي العراقي حول التجارة والمقاولات، أن "هذا اللقاء يمثل فرصة حقيقية لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين العراق وتركيا"، مشيرا إلى أن "حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ مستويات قياسية في السنوات الأخيرة، مما يعكس عمق وقوة العلاقة الاقتصادية والشراكة الاستراتيجية التي تجمعهما".
ولفت الوزير، إلى أن مشروع (طريق التنمية) يعد من "أبرز المشاريع الاستراتيجية التي أطلقها العراق، ويهدف إلى ربط المنطقة ببنية تحتية متطورة تلبي تطلعات المستقبل"، مبينا أن "مشاركة الجانب التركي في هذا المشروع تشكل إضافة نوعية للاقتصاد العراقي، فضلا عن كونها خطوة نحو تحقيق رؤية مشتركة للتنمية والازدهار على مستوى البلدين والمنطقة".
وأعلن الغريري عن قرب انعقاد الاجتماع الأول للجنة التجارية والاقتصادية العراقية-التركية الشهر المقبل، مؤكدا أن هذا الاجتماع سيضع إطارا مؤسسيا لتعزيز التعاون في مختلف القطاعات، ويعمل كمنبر للحوار والتنسيق المستمر بين البلدين.
من جهته، قال وزير التجارة التركي إن "العراق هو ثالث أكبر شريك تجاري لتركيا، في ظل تبادل تجاري بين البلدين يبلغ حوالي 20 مليار دولار"، مضيفا أنه "سنعقد أول اجتماع للجنة الاقتصادية والتجارية المشتركة التركية العراقية (JETCO) في تركيا خلال أسبوعين".
وأكد بولاط "حرص تركيا على أن تكون العلاقات التجارية بين البلدين على أساس الشراكة والربح المشترك"، موضحا أنهم "يدعمون العراق في مفاوضات عضويته مع منظمة التجارة العالمية".
وشدد على أن "المقاولين الأتراك أنتجوا نماذج بناء ومشاريع ناجحة في البنية التحتية والنقل والطاقة وقنوات الري وبناء المستشفيات في العراق"، لافتا إلى أن "مئات من الشركات التركية تستثمر ما يقرب من نصف مليار دولار في العراق، وتسهم هذه الاستثمارات بشكل كبير في حجم التجارة بين البلدين".
ولفت بولاط، إلى أن مشروع (طريق التنمية) مشروع مهم جدا للاقتصاد العراقي، وأن تركيا جزء من هذا المشروع.
ويعد طريق التنمية، الذي كشف عنه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في مايو الماضي، والذي يربط بلاده بدول الخليج وتركيا مرورا نحو أوروبا، مشروعا واعدا إذا ما تحققت الشروط المطلوبة.
وتهدف بغداد، من خلال المشروع الذي يضم مجموعة طرقات وسكك حديد وموانئ ومدنا جديدة، إلى اختصار مدة السفر والشحن بين آسيا وأوروبا عبر تركيا، والتحول إلى مركز للعبور بين آسيا وأوروبا عبر ميناء الفاو الذي يعد المحطة الأولى في هذا الممر التجاري.
وتبلغ الميزانية الاستثمارية التقديرية للمشروع 17 مليار دولار، على أن يتم إنجازه على ثلاث مراحل، تنتهي الأولى في عام 2028 والثانية في عام 2033 والثالثة في عام 2050.
وينظر رجال الأعمال وصناع القرار في العراق إلى المشروع باعتباره فرصة واعدة لتعزيز التعاون مع تركيا، وكذلك دعم المصالح المشتركة والمناطق النائية اقتصاديا.
في المقابل، يعمل الأتراك بشتّى الوسائل للانفتاح أكثر خارجيا والمشاركة في المشاريع الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بما يحقق لهم إيرادات وأرباح قد تقيهم من المشاكل في السوق المحلية.
وقال رئيس مجلس المصدرين الأتراك مصطفى غولتبه في كلمة له خلال الملتقى، إن واحدة من كل 10 شركات تركية مصدرة لديها صلات تجارية مع العراق وتقوم بالتصدير له، مضيفا أن حجم التجارة الثنائية بين تركيا والعراق تجاوز 14 مليار دولار عام 2023.
وأوضح أنه خلال العام الماضي، قامت حوالي 15 ألف شركة تركية بالتصدير إلى العراق، أي أن تقريبا واحد من كل 10 مصدرين أتراك كانت لديهم معاملات تجارية مع العراق.
وأشار إلى أنه خلال الفترة من يناير إلى نوفمبر 2024، ناهز حجم الصادرات التركية إلى العراق نحو 11 مليار دولار.
وخلال السنوات الـ4 الماضية، بلغت حصة العراق 7.3 بالمئة من إجمالي مشاريع المقاولات الدولية التي نفذتها الشركات التركية، حيث حل هذا البلد العربي في المركز الثاني كأكبر سوق للمقاولات بالنسبة للشركات التركية، وفقا لغولتبه.
في سياق متصل، قال غولتبه إن مشروع طريق التنمية "سيربط الشرق والغرب عبر العراق وتركيا، وبالتالي سيصبح العراق مرة أخرى طريقا تجاريا استراتيجيا كما كان في الماضي".
وأضاف أن حجر أساس "المشروع الاستراتيجي" هذا وضع خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العراق، في أبريل الماضي.
وعلى صعيد متصل، قال غولتبه إن محطتهم التالية بعد بغداد ستكون البصرة، حيث سيجرون "مباحثات مع الأصدقاء العراقيين على أساس رابح- رابح".
واختتم رئيس مجلس المصدرين الأتراك حديثه بالإشارة إلى فرض العراق قيودا على استيراد بعض المنتجات الغذائية من تركيا، معربا عن أمله في رفع هذه القيود قريبا.