جماعة الإخوان في الأردن تفشل في أول اختبار برلماني

لم يتمكن حزب جبهة العمل الإسلامي من ترجمة نتائج الانتخابات النيابية لصالحه بعد أن نجحت القوى الوسطية في بناء تحالف واسع سحب البساط منه وحال دون قدرته على الفوز بأي من المناصب القيادية داخل المجلس النيابي.
عمان - فشل حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، في أول اختبار في مجلس النواب الأردني، بعد أن خسر مرشحه المخضرم صالح العرموطي أمام منافسه مرشح التيار الوسطي النائب أحمد الصفدي، في انتخابات رئاسة المجلس وبفارق عريض.
وأظهرت نتائج التصويت حصول العرموطي على 37 صوتا، في المقابل حصل الصفدي على 98 من أصل 138 صوتا، ليكتفي مرشح الحزب الإسلامي بالقول عقب إعلان النتائج “ما عند الله خير وأبقى.. وأفوض أمري إلى الله.”
وحسب النظام الداخلي للمجلس يعتبر فائزا بمنصب الرئيس من يحصل على الأكثرية النسبية إذا كان المرشحان اثنين فقط، ويعتبر فائزا من حصل على الأكثرية المطلقة للحاضرين إذا كان المرشحون للمنصب أكثر من اثنين.
ويعد الصفدي أول رئيس لمجلس النواب الـ20 الذي انتُخب في العاشر من سبتمبر الماضي، وقد شغل المنصب ذاته لدورتين متتاليتين في المجلس السابق.
ولم تقتصر خسارة حزب جبهة العمل الإسلامي على فقدان منصب رئيس مجلس النواب، حيث خرج خالي الوفاض من منصبي نائبي رئيس مجلس النواب اللذين آلا إلى مرشحي التحالف الوسطي مصطفى الخصاونة وأحمد الهميسات بالتزكية.
الخسارة التي منيت بها الكتلة النيابية لحزب جبهة العمل الإسلامي كانت منتظرة، بعد أن نجحت الأحزاب الوسطية في بناء تحالف واسع
ويرى متابعون أن الخسارة التي منيت بها الكتلة النيابية لحزب جبهة العمل الإسلامي كانت منتظرة، بعد أن نجحت الأحزاب الوسطية في بناء تحالف واسع، أصبحت بموجبه تملك الأغلبية النيابية.
وكان حزب جبهة العمل الإسلامي حقق نتائج غير مسبوقة في الانتخابات النيابية الأخيرة، بحصوله على 31 مقعدا، بينها 17 في الدائرة العامة و14 في الدائرة المحلية.
في المقابل حصل حزب الميثاق الوطني على 21 مقعدا بواقع أربعة في الدائرة العامة و17 في الدوائر المحلية، وحزب إرادة على 19 مقعدا، بينها ثلاثة في الدائرة العامة و16 في الدوائر المحلية، وحزب تقدم على ثمانية مقاعد، بينها ثلاثة في الدائرة العامة وخمسة في الدوائر المحلية.
وحصل الحزب الوطني الإسلامي على سبعة مقاعد، بينها ثلاثة في الدائرة العامة وأربعة في الدوائر المحلية، وتيار الاتحاد الوطني على خمسة مقاعد، بينها ثلاثة في الدائرة العامة ومقعدان في الدوائر المحلية، وفاز حزب الأرض المباركة بمقعدين اثنين في الدائرة العامة ولم يحصد أي مقعد في الدوائر المحلية، وحاز حزب العمال مقعدين اثنين فقط كذلك في الدائرة العامة، وحصل حزب نماء على مقعد واحد في الدائرة العامة.
نظريا كان حزب جبهة العمل الإسلامي يملك التفوق العددي على مستوى المقاعد، لكنه لم ينجح في تنزيل تلك النتائج على أرض الواقع، بعد أن نجحت ست كتل من القوى الوسطية وهي كل من الميثاق، وتقدّم، وإرادة، والوطن الإسلامي، واتحاد الأحزاب الوسطية، وعزم في تشكيل تحالف واسع تمكن من سحب البساط منه، واحتكار المناصب القيادية في المجلس النيابي.
ويتوقع المتابعون أن ينسحب الوضع على الاستحقاقات النيابية المتبقية حيث من غير المرجح أن تنجح كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي في تحقيق أي اختراقات بما يتعلق باللجان النيابية ورئاستها.
مرشح جبهة العمل الإسلامي صالح العرموطي يخسر أمام منافسه النائب أحمد الصفدي، في انتخابات رئاسة مجلس النواب
ويرى المتابعون أن الأحزاب الوسطية نجحت في محاصرة حزب جبهة العمل الإسلامي، وتحجيمه، وهذا قد يقود الحزب إلى المزيد من التشدد في مواقفه، وسيحرص على استغلال موقعه النيابي لإحراج خصومه في المجلس، وأيضا الحكومة.
وقال أحمد الصفدي في كلمة له عقب الفوز برئاسة المجلس الاثنين، إنه “لا توجد أصوات معارضة للدولة تحت القبة، بل توجد أصوات لأحزاب تعارض سياسة الحكومات، ولن نقبل ولن نسمح بالتشكيك بمنجزات الوطن.”
وأضاف “جرت اليوم منافسة رسخنا معها مشهدا ديمقراطيا تجلت فيه مسارات العمل الحزبي وكان معها المجلس سيد نفسه، لا يؤمن بالإقصاء ولا يقبل به، بل ينادي الجميع فيه بالعمل بروح الزمالة التي تستدعي أن نطوي مشهد الانتخابات، والسير بتعاون مع الحكومة من أجل المصلحة الوطنية، فإن اختلفنا في الأدوار، لا نختلف في الأهداف، والأردن، ملكا وشعبا وأرضا، هو الثابت.”
ومضى قائلا “في حال نالت الحكومة ثقة مجلس النواب، فإنها إن تقدمت بخطوة للتعاون، فسيتقدم المجلس بخطوتين”، مؤكدا أن مضامين “خطاب العرش” ستكون الخارطة التي يسير المجلس وفقها نحو تحقيق الأهداف الوطنية، بمسعى التعاون مع الفصل المرن بين السلطات بغاية وهدف واحد، نحو رفعة الوطن وتحسين معيشة المواطن.
وينتمي أحمد الصفدي إلى حزب الميثاق الوطني، الذي تأسس في يناير 2021، وهو من مواليد 9 يونيو 1967، حاصل على بكالوريوس إدارة أعمال من جامعة عمّان الأهلية، وعمل قبل انخراطه في العمل السياسي ضابطا في القوات المسلحة الأردنية، والتحق بالخدمات الطبية الملكية ما بين 1987 و2007.
الأحزاب الوسطية نجحت في محاصرة حزب جبهة العمل الإسلامي، وتحجيمه، وهذا قد يقود الحزب إلى المزيد من التشدد في مواقفه
وكان الصفدي نائبا أول لرئيس المجلس في عدة دورات سابقة، آخرها دورة 2021 التي ترأسها النائب عبدالكريم الدغمي، وشارك في المجالس النيابية الـ15 والـ16 والـ17 والـ18، والـ19.
وترى أوساط سياسية أردنية أن الصفدي يملك من المؤهلات الكثير لامتصاص ردات فعل حزب جبهة العمل الإسلامي، ومحاولة جعل الدورة العادية الأولى للمجلس تمر بسلاسة، مشيرة إلى أن الذراع السياسية لجماعة الإخوان تدرك أن الأنظار مصوبة نحوها لاسيما بعد حادثة البحر الميت، وبالتالي فإن تبني مسار استفزازي داخل المجلس قد يكلفها الكثير.
وكان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني حازما في خطاب العرش الذي ألقاه بمناسبة افتتاح الدورة الأولى لمجلس النواب، الاثنين، وتوجه للنواب بالقول “إنكم أمام مسؤولية كبيرة لإرساء قواعد عمل وممارسات برلمانية يكون التنافس فيها على البرامج والأفكار وأساسها النزاهة، وتعبّر بكل وضوح عن مصالح وأولويات الدولة.”
وتقول الأوساط إن إشارات الملك عبدالله الثاني كانت موجهة بالأساس لكتلة جماعة الإخوان، من أنه لا مجال لاستغلال المجلس للتسويق لأفكار أو برامج لا تأخذ بالاعتبار المصالح العليا للمملكة، ليبقى السؤال هل ستلتقط الجماعة الرسالة؟ الجواب سيكون في قادم الأيام.
ويأتي افتتاح مجلس الأمة بعد أن أصدر العاهل الأردني مرسوما ملكيا في الثلاثين من سبتمبر الماضي، بدعوته إلى الانعقاد في دورة “العادية”.
وتُجرى اجتماعات مجلس النواب على ثلاث دورات هي “الدورة العادية”، وتعقد مرة واحدة سنويا لمدة 6 أشهر.
أما “الدورة الاستثنائية”، فتعقد بناء على دعوة من الملك أو بطلب من الأغلبية المطلقة لمجلس النواب عند الضرورة، ولمدة غير محددة لكل دورة، من أجل إقرار أمور معينة تشمل مناقشة قوانين أو قضايا مهمة أخرى.
فيما تعقد “الدورة غير العادية” في حالة حل مجلس النواب، حيث يجب إجراء انتخاب عام بحيث يجتمع المجلس الجديد في دورة غير عادية بعد تاريخ الحل بأربعة أشهر على الأكثر.