نقاد وأدباء ومفكرون مغاربة: الفكر والأدب المغربي ركيزة ثقافية عربية

معرض الشارقة الدولي للكتاب يستعرض من خلال جلسات أدبية وفكرية أوجه الثقافة المغربية بين الأدب والفلسفة والفنون.
الأربعاء 2024/11/13
مثقفون مغاربة يقدمون ثقافاتهم من الشارقة

الشارقة - ضمن فعاليات الدورة الـ43 من معرض الشارقة الدولي للكتاب احتفاءً بالمغرب ضيف شرف، نظم المعرض جلسات حوارية تضيء على نواح مختلفة من الأدب والفكر والواقع الثقافي والتراث في المغرب. وفي جلسة حوارية بعنوان “الأدب المغربي والتفاعل النقدي” أكد عدد من النقاد والأدباء المغاربة أن الأدب المغربي يشكل ركيزة أصيلة في الثقافة العربية، ويتميز بتفاعل نقدي مستمر وغني يتجاوز مجرد تقييم الأعمال الأدبية ليكون حوارا حول الهوية والقضايا الاجتماعية والتجارب الإنسانية.

وشارك في الندوة كل من الأديب أحمد المديني، والباحث سعيد يقطين، والناقدة الأكاديمية حورية الخمليشي، وأدارها الناقد عبدالرحمن التمارة. وتحدث المديني عن العلاقة المتداخلة بين الأدب والنقد، مشيرا إلى أن الكتابة الأدبية هي نوع من النقد الذاتي، وأوضح أنه يمارس النقد على أعماله بصرامة تصل أحياناً إلى شطب نصوص كاملة.

من جانبه شدد الباحث والناقد سعيد يقطين على أهمية النقد الأدبي ودوره في إثراء الأدب المغربي، مشيرا إلى أن النقد في المغرب يبرز بشكل أكبر من الإنتاج الأدبي نفسه، وأكد على الحاجة إلى دعم حكومي لتعزيز دور الأدباء. بدورها، أكدت الناقدة الأكاديمية حورية الخمليشي على ضرورة التمييز بين الأدب والنقد، موضحة أن النقد يعتمد على أسس علمية ونظريات خاصة، في حين يركز الأدب على التعبير الذاتي.

وفي جلسة أخرى بعنوان “المدرسة الفلسفية المغربية والفكر العربي” أكد أكاديميون ومفكرون مغاربة أن الفلسفة في المغرب بصفة خاصة والعالم العربي بصفة عامة تشهد تحولات جوهرية خصوصا بعد تحررها من القيود التقليدية لتصبح أداة نقدية تُعزز الوعي والإبداع، مشيرين إلى الإنجازات الفكرية التي حققها الفلاسفة المغاربة.

واستضافت الجلسة كلا من المفكر والمترجم والأستاذ الجامعي عبدالسلام بنعبد العالي، ومحمد نورالدين أفاية، أستاذ الفلسفة المعاصرة في جامعة محمد الخامس، والباحث في الفكر الفلسفي المعاصر عبدالصمد الكباص. وقال محمد نورالدين أفاية إن الفلسفة تتطلب تجاوز الحدود الزمانية والمكانية لتصبح فلسفة عابرة للثقافات، مشيرا إلى أن الفلسفة المغربية لم تنعزل عن تطور الفكر العربي منذ عصر النهضة.

◙ الشخصية المغربية تتشكّل كهوية جماعية راسخة تستمد عمقها من تنوع المجتمع وتعدد روافده الثقافية.
◙ الشخصية المغربية تتشكّل كهوية جماعية راسخة تستمد عمقها من تنوع المجتمع وتعدد روافده الثقافية.

بدوره تطرق بنعبدالعالي إلى الطريقة التقليدية في تصنيف الفلسفة عبر المدارس والتيارات الفكرية، مشيرا إلى أن هذا التصنيف لا يحقق الأهداف المرجوة في فهم التحولات الفلسفية، وبدلا من ذلك يرى أن التوجه الأفضل للفكر العربي هو التأريخ للمفاهيم الأساسية مثل مفهوم الأيديولوجيا، إلى جانب استكشاف “المناخ الفلسفي” الذي يسري عبر شخصيات مختلفة وليس حكرا على فلاسفة معيّنين.

ولفت عبدالصمد الكباص إلى أن اهتمامه بالفلسفة جاء عن حب وتطلع إلى فهم الذات، مشددا على أن التجربة الفلسفية لا يمكن معرفتها بصورة نهائية، بل يمكن فهمها وتذوقها. واعتبر أنّ الفلسفة يجب أن تكون حيوية وأن تسهم في تحقيق حياة أفضل.

كما شهد معرض الشارقة الدولي للكتاب تنظيم جلسة حوارية أخرى بعنوان “الشخصية المغربية في التاريخ والحضارة والتراث”، استضاف خلالها الباحثة رحمة بورقية، أستاذة علم الاجتماع في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، والمؤرخ جامع بيضا، والروائي عبدالإله بن عرفة، وأدار الجلسة الباحث عمر حلي.

تناولت بورقية في مداخلتها تشكّل الشخصية المغربية كهوية جماعية راسخة تستمد عمقها من تنوع المجتمع وتعدد روافده الثقافية. وأوضحت أن الهوية المغربية تُعبّر عن تفاعل مكونات البلاد عبر التاريخ، مؤكدةً على دور الدستور المغربي في ترسيخ هذا الانصهار الثقافي.

وأشارت إلى أن الثقافة المغربية تتضمن أبعادا إسلامية متجذرة، مع انفتاح على التنوع الثقافي وقبول الاختلاف، وأن الهوية الوطنية تستمد عناصرها من التاريخ المشترك الذي يعكسه المجتمع المغربي في طقوسه وتقاليده ومعماره وأزيائه ومأكولاته.

وتحدث جامع بيضا عن البُعد التاريخي للشخصية المغربية، موضحاً أن تاريخ المغرب يحتضن العديد من الآثار التي تبرز الأصول العريقة لهذه الهوية، بدءاً من الرسومات الصخرية ووصولا إلى الحروف الأمازيغية القديمة “تيفيناغ”. وأشار إلى أن تفاعل الحضارات، مثل الفينيقية والرومانية والإسلامية، ترك بصماته على الشخصية المغربية التي صيغت عبر قرون من التفاعل بين الجغرافيا والتاريخ، ما أوجد هوية وطنية وروحاً مشتركة تجمع المغاربة.

أما عبدالإله بن عرفة فتطرق إلى مفهوم الشخصية في الأدب وعلم النفس، موضحا أن الشخصية المغربية تتجاوز الأبعاد المحلية إلى الكونية، خاصة في علاقتها بالآخر وعبر تاريخها الثقافي العريق. وبيّن بن عرفة أن التاريخ الأدبي العربي يزخر بأعمال وثقت هذه العلاقة، مستشهداً بمخطوط “رسالة انتصار لأهل المغرب” كمثال على أقدم الوثائق التي تُظهر ملامح الشخصية المغربية.

12