حضور الأسد القمة العربية - الإسلامية خطوة على مسار التطبيع مع دمشق

الرياض - شارك الرئيس السوري بشار الأسد الاثنين في القمة العربية - الإسلامية الاستثنائية في الرياض كاستكمال لمسار التطبيع مع دمشق، إذ ينظر إلى التقارب العربي مع سوريا وعودتها إلى الحضن العربي كعامل من شأنه تقليص نفوذ إيران في المنطقة، وبدت كلمة الأسد في القمة منسجمة مع هذا التوجه.
وتساهم الملفات المشتركة في الدفع بعجلة تطبيع العلاقات ومن بينها منع تهريب المخدرات، وملفات اللجوء، ونفوذ إيران، والعمل العربي المشترك، إضافة إلى إعادة الإعمار، ومع التطورات في المنطقة واتساع نطاق الحرب في لبنان، تبدو مشاركة الأسد في القمة أمرا طبيعيا نظرا لوجود ميليشيات إيرانية وعناصر وقيادات من حزب الله في سوريا التي تعتبر طريق الإمداد الرئيسي للسلاح من إيران إلى حزب الله والذي جعلها عرضة دائمة للضربات الإسرائيلية.
وتشير كلمة الأسد إلى أن الضربات التي تستهدف الإيرانيين وحزب الله في سوريا لا تعني كثيرا دمشق، إذ ندد خلال كلمته بالانتهاكات الإسرائيلية في غزة ولبنان، في حين لم يتطرق إلى الضربات الإسرائيلية المتكررة على سوريا.
وركز الأسد في كلمته على الانتهاكات التي ارتكبتها إسرائيل وحلفاؤها في غزة ولبنان، ولم يذكر أي تفاصيل عن الضربات الإسرائيلية التي تستهدف سوريا وموقفه منها، كما لم يوجه إشارة لتركيا أو أي وصف لها، كما اعتاد في أغلب خطاباته، والتي كان يشدد فيها دوما على ضرورة الانسحاب التركي من الأراضي السورية.
الأسد أدان الانتهاكات الإسرائيلية في غزة ولبنان دون أن يتطرق إلى الضربات على أهداف إيران وحزب الله في سوريا
وقال الأسد إن “الأولوية حاليا لوقف المجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين”، مشيرا إلى أن “جرائم إسرائيل لم تتوقف منذ عام على انعقاد قمة الرياض”، وفق ما نقلته “الرئاسة السورية”.
وحول تعليقه على عمليات حزب الله وحركة حماس، اكتفى الأسد بالقول “لن أتحدث عن واجبنا تجاه دعم الشعبين الفلسطيني واللبناني وشرعية المقاومة في كلا البلدين، ولا عن نازية الاحتلال الإسرائيلي فهذا لن يضيف شيئا لما يعرفه الكثيرون في العالم”.
وذكرت وكالة الأنباء السورية “سانا” أن الأسد وصل إلى مطار الملك خالد الدولي في الرياض للمشاركة في القمة العربية والإسلامية غير العادية.
وكان وزير الخارجية السوري بسام صباغ، سبق الأسد إلى الرياض، لحضور اجتماع وزراء الخارجية التحضيري للقمة العربية - الإسلامية المشتركة في الرياض.
والتقى صباغ الأحد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، وتم خلال اللقاء التشاور بشأن التطورات التي تشهدها المنطقة، والجهود المبذولة لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، والهجمات الإسرائيلية المتكررة على سوريا، وفق “سانا”.
كما التقى صباغ نظيره المصري بدر عبدالعاطي، وتم خلال اللقاء تبادل الآراء بشأن جدول أعمال القمة العربية - الإسلامية المشتركة.
محللون يرون أن في مرحلة لاحقة ستتجه الأنظار إلى الأزمة السورية "التي تم قطع شوط كبير على صعيدها"
وآخر قمة عربية حضرها الأسد كانت في البحرين، حيث لم يلق حينها كلمة في الجلسة الافتتاحية التي عقُدت في السادس عشر من مايو الماضي ما أثار تساؤلات عن السبب، وأثار تفسيرات متضاربة، يتقاطع غالبيتها عند عدم التقدم في مسار التطبيع العربي، بسبب اعتبارات عدة، أهمها عدم توقف شحنات تهريب المخدرات نحو الأردن، والاستمرار بحالة تعطيل المسار السياسي.
وذكرت وسائل إعلام سورية أن الأسد امتنع عن إلقاء كلمة في القمة “انطلاقا من ثبات الرؤية السورية تجاه المستجدات التي تشهدها المنطقة”.
وكان الأسد قد حضر القمة العربية التي نظمت بشكل استثنائي في الرياض في نوفمبر الماضي، وألقى كلمة حينها أمام الزعماء العرب، أكد فيها أن الانتقال “من حضن إلى آخر” لا يعني تغيير “انتماء” الإنسان.
وبعدما شكك بفعالية جامعة الدول العربية، آنذاك، شدد على ضرورة تطوير آلية علمها ومراجعة ميثاقها ونظامها الداخلي، وتطوير آلياتها “تماشيا مع العصر”، على حد تعبيره.
وكانت السعودية دعت إلى عقد قمة عربية - إسلامية مشتركة في الرياض، لبحث الوضع في المنطقة مع تواصل الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان.
وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان نهاية الشهر الماضي، إن القمة المرتقبة ستكون في الحادي عشر من نوفمبر، مشيرة إلى أنها تمثل امتدادا للقمة العربية - الإسلامية المشتركة التي عُقدت بالرياض في الحادي عشر من نوفمبر 2023، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السعودية.
وذكرت الخارجية السعودية في بيانها أن الدعوة لعقد القمة العربية - الإسلامية جاءت بناء على طلب العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد محمد بن سلمان، وبالتنسيق مع قادة الدول العربية والإسلامية.
ويرى محللون أن في مرحلة لاحقة ستتجه الأنظار إلى الأزمة السورية “التي تم قطع شوط كبير على صعيدها”.