كشف ملفات فساد في كردستان يعرض صحافيا للطعن 21 مرة

اعتداء السلطات على حريات الصحافة خلق ثقافة خوف صُمّمت لخنق المعارضة وإدامة الإفلات من العقاب.
الاثنين 2024/11/11
كنس الفساد ضرورة

أربيل - كشف تقرير لموقع لجنة حماية الصحافيين الأميركية، أن الصحافي الكردي وريا عبدالخالق تعرض للطعن بالسكين 21 مرة من قبل أقرباء مسؤول في إقليم كردستان بسبب كشفه ملفات فساد تتعلق بالمسؤول، ما يكشف حجم التحديات التي يواجهها الصحافيون للقيام بعملهم في الإقليم. ودعت اللجنة إلى المساءلة الكاملة ومعاقبة الجناة في الهجوم على عبدالخالق من قبل رجلين، طعناه 21 مرة وضرباه في رأسه بعقب مسدس، في منزله بالقرب من مدينة السليمانية في كردستان العراق.

وذكرت منسقة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المؤقتة للجنة حماية الصحافيين يجانة رضائيان أن الهجوم وقع في الرابع من نوفمبر، بعد ساعات من نشر عبدالخالق، مراسل موقع بوار ميديا الإلكتروني، تقريرًا عن مزاعم تفيد بأن مسؤولًا عرقل تنفيذ مشروع محلي للكهرباء والمياه، وفقًا لوسائل إعلام متعددة والصحافي الذي تحدث مع لجنة حماية الصحافيين”.

وبين التقرير أن المسؤول الذي لم يُذكر اسمه كان يتبع قوات البيشمركة في منطقة كردستان الشمالية في العراق”. وقال إبراهيم علي رئيس تحرير “بوار ميديا” إن المهاجمين ثقبوا أيضًا إطارات سيارة عبدالخالق، وقال إن الأطباء أخبروه أن حالة الصحافي مستقرة بعد تلقيه 21 غرزة جراحية في المستشفى”.

وتُعتبر مدينة السليمانية من المساحات الآمنة نسبياً بالنسبة للعمل الصحفي في العراق، إذ شهدت خلال العقدين الماضيين، مقتل 5 صحافيين، بينما كانت أربيل عاصمة الإقليم، مسرحا لاغتيال 12 صحافيا، وفقا للإحصائية التي ظهرت في الموقع.

لكن حادثة الاعتداء على عبدالخالق تشير إلى حجم التحديات التي يواجهها الصحافيون عندما يتجرّأون على فتح ملفات الفساد للمتنفذين وسط غياب للعدالة وإفلات الجناة من العقاب. وقتل العديد من الصحافيين في العراق على أيدي جماعات مسلحة من تنظيمات جهادية أو ميليشيات خلال السنوات الماضية، وفقا لمنظمة مراسلون بلا حدود “وتمر هذه الاغتيالات دون أي عقاب، علما أن التحقيقات التي تُفتح بشأنها لا تؤدي إلى أية نتائج مجدية”.

وبحسب ناشطين تستمر ضغوطات السياسيين والمتنفذين على الصحافيين والنشطاء. وفي يوليو العام الماضي، أثار صدور حكم قضائي ضدّ صحافي في إقليم كردستان، موجة غضب واسعة في ظل تصاعد الانتقادات للسلطة الحاكمة، في المضي نحو المزيد من التضييق على حقوق حرية التعبير وسط نفي حكومي، في وقت كشفت ردود أفعال السياسيين عن تعارض في إدارة السلك القضائي المنقسم على ذاته وفق النفوذ المناطقي.

وأصدرت محكمة في أربيل حكماً على الصحافي والناشط شيروان شيرواني بالحبس لمدة أربع سنوات إضافية بتهمة “تزوير وثائق”، في ثاني حكم يصدر ضد شيرواني الذي يقضي حكماً بالحبس منذ أكتوبر عام 2020، على الرغم من أنه كان ينتظر أن يُفرج عنه في سبتمبر، بعد صدور قرار خاص بتخفيف الحكم من قبل رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني.

◙ حادثة الاعتداء على الصحافي تعكس حجم التحديات التي يواجهها الصحافيون عندما يتجرّأون على فتح ملفات الفساد للمتنفذين وسط غياب للعدالة

وكان شيرواني قد اعتُقل مع أكثر من 80 ناشطاً وصحافياً ومتظاهراً بتهمة “زعزعة أمن واستقرار الإقليم” في منطقة بادينان بمحافظة دهوك، عام 2020، في أعقاب احتجاجات على “تردي الخدمات والتضييق على الحريات”، قبل أن يُفرج لاحقاً عن العشرات منهم، بينما صدرت بحق آخرين أحكام بالحبس مدداً تراوحت بين سنة وست سنوات، ثم حصلوا على تخفيف للحكم بقرار رئاسي جاء بعد ضغوط وانتقادات غربية واسعة واجهتها السلطات الكردية.

وبعد صدور الحكم بالسجن على الصحافي شيروان شيرواني لـ4 سنوات إضافية، انتقد الصحافي أوميد بروشكي رئيس حكومة الإقليم مسرور البارزاني، وقال إن “رئيس الإقليم يتبع عقلية بوليسية في معاقبة شيروان شيرواني”.

وحُكم على شيرواني بالسجن لمدة أربع سنوات إضافية من قبل مديرية إصلاح البالغين في هولير بتهمة تزوير وثائق. وأدلى محامي سجناء بهدينان، رمضان هرتيزي، بتصريح صحفي بعد الحكم على شيرواني، وقال “حكمت محكمة هولير على شيروان شيرواني بالسجن 4 سنوات بحسب المادتين 295 و298 بتهمة التزوير، مما يدل على انعدام سيادة القانون وانعدام استقلالية المحاكم في إقليم كردستان”.

وبعد أن صدر الحكم، تحدث أوميد بروشكي وهو أحد أصدقاء شيرواني حول قرار المحكمة وقال إن “المحكمة لم تحكم على شيرواني لمدة 4 سنوات وهذا القرار هو قرار رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني”. وتابع “لا يمكن إدارة الدول بالتفكير العسكري والاستخباراتي وقد تم اتخاذ هذا القرار ضد الأصوات المطالبة بالحرية والمعارضة للسلطة في بهدينان ويجب أن نتخذ موقفاً ضد هذا القرار”.

بعد ساعات من انتقاد بروشكي تم اختطافه وأفاد ممثل سجناء بهدينان، أيهان سعيد، أن الصحافي أوميد بروشكي اختُطف من قبل قوات الأمن في دهوك. في المقابل يؤكد منسق “التوصيات الدولية” في حكومة الإقليم ديندار زيباري على أن حكومته “تحترم حرية العمل الصحافي”، نافياً “اعتقال أي شخص من دون أمر قضائي”، وشدد على أن “لكل صحافي الحق في الوصول إلى المعلومة عبر قانون رقم 11 لسنة 2013”.

ووصف زيباري النظام القضائي في الإقليم “بالحرّ والمستقل”، وذلك رداً على التقرير السنوي الصادر، في وقت سابق، عن وزارة الخارجية البريطانية حول الديمقراطية وحقوق الإنسان في العراق والإقليم، والذي اتهم السلطات الكردية “باعتقال صحافيين من دون أوامر قضائية”، كما نوّه إلى “ممارسة التضييق على حرية التعبير من خلال الترهيب والملاحقة القضائية”.

لكن منظمة العفو الدولية، قالت في اليوم العالمي للصحافيين في مايو الماضي، إنه يجب على سلطات إقليم كردستان أن تضع حدًا لاعتدائها على الحق في حرية التعبير وحرية الصحافة، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والضرب والمحاكمات الجائرة للصحافيين.

وأضافت المنظمة، أنه كانت للمضايقات والترهيب والهجمات ضد الصحافيين تأثير مخيف على الحق في حرية التعبير وحرية الصحافة في الإقليم، حيث أُجبر العديد من الصحافيين على الفرار أو الاختباء أو التخلي عن ممارسة الصحافة تمامًا، بينما لا يزال العديد من نظرائهم يقبعون في السجون.

وقالت مسؤولة حملات معنية بالعراق في منظمة العفو الدولية، بيسان فقيه “تتباهى سلطات كردستان بأن الإقليم هو (منارة لحرية الصحافة)، لكنه ليس سوى ادعاء مثير للسخرية بالنظر إلى قمعها لحرية الصحافة ومضايقة الصحافيين وترهيبهم ومحاكمتهم، وخاصة أولئك الذين كتبوا عن مزاعم الفساد، وانتقدوا تعامل السلطات مع القضايا الاجتماعية". وأضافت "وقد خلق اعتداء السلطات على حريات الصحافة ثقافة خوف صُمّمت لخنق المعارضة السلمية وإدامة الإفلات من العقاب".

وأوضحت المنظمة في تقرير على موقعها الإلكتروني أنه “في 2023، سجّل مركز ميترو، وهو منظمة تعمل على حماية حقوق الصحافيين في إقليم كردستان العراق، 37 حالة اعتقال للصحافيين و27 حادثة تعرّض فيها صحافيون للاعتداءات والتهديدات والإهانات”.

5