أردوغان يرسم سيناريو الانسحاب الأميركي من سوريا بعودة ترامب

الرئيس التركي يعوّل على "دبلوماسية الهاتف" مع الرئيس المقبل للولايات المتحدة.
السبت 2024/11/09
الانسحاب قد يؤدي إلى إلحاق ضرر بالمصالح الأميركية في المنطقة

أنقرة - يبدي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تفاؤلا بشأن انسحاب القوات الأميركية بعد فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية بسبب مواقفه السابقة من هذه القضية وتصريحاته برغبته في الانسحاب، الذي من شأنه أن يضعف الدعم الأميركي للإدارة الذاتية في هذه المنطقة وتمكن أنقرة من تحقيق هدفها في منطقة عازلة على طول الحدود مع سوريا، وسط قلق كردي متزايد من هذا السيناريو.

ويتطلع أردوغان إلى إعادة الزخم للعلاقات المتوترة بين أنقرة وواشنطن من خلال دعوة ترامب لزيارة تركيا، وقال إن ترامب تحدث بشكل إيجابي للغاية عن تركيا خلال اتصال هاتفي.

وصرح أردوغان الجمعة “سأناقش الانسحاب الأميركي من سوريا وأطلب من أميركا خفض الدعم لوحدات حماية الشعب الكردية وأعتقد أن محادثاتي مع ترامب ستمهد لذلك”.

وكشف مسؤول في حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان، لرويترز إن أنقرة تتوقع أن تكون إدارة ترامب أكثر مرونة وتفهما لاحتياجاتها الأمنية، خاصة ضد حزب العمال الكردستاني المحظور في سوريا والعراق.

إلهام أحمد: الأكراد السوريون يشعرون أن المجتمع الدولي يتخلى عنهم
إلهام أحمد: الأكراد السوريون يشعرون أن المجتمع الدولي يتخلى عنهم

وتشارك العديد من الأطراف الفاعلة في الملف السوري، أنقرة في هذا الشأن، فبالإضافة إلى معارضة الحكومة السورية للدور الأميركي في البلاد فإن روسيا، الداعم الأساسي للرئيس بشار الأسد، طالبت هي الأخرى برحيل القوات الأميركية.

وتشعر هذه الأطراف بالتفاؤل بهذا الشأن استنادا لمواقف ترامب السابقة، حيث أعلن في عام 2019 سحب معظم الجنود الأميركيين من شمال شرق سوريا، مع الإبقاء على بعضهم لتأمين المنشآت النفطية. وقال المسؤولون الأميركيون آنذاك إن هدف الانسحاب هو تفادي الانخراط في “صراع دموي”، بعد أن أعلنت تركيا أنها ستنفذ عملية عسكرية في شمال سوريا، وهو ما اعتبره متحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، “طعنة في الظهر” من جانب حليفتهم واشنطن.

ولا تزال اليوم هناك بعض القوات الأميركية في المناطق الخاضعة لسيطرة قسد في شمال شرق سوريا، ومن بينها محافظتا الحسكة والرقة. كما تسيطر الولايات المتحدة منذ عام 2016 على قاعدة التنف الموجودة في منطقة نائية عند المثلث الحدودي العراقي الأردني في محافظة حمص. ووفقا للبنتاغون، يبلغ عدد القوات الأميركية في سوريا حاليا نحو 900 جندي.

وقال أردوغان في تصريحاته الجمعة، أن إدارة ترامب “ستؤثر بشكل كبير على التوازنات السياسية والعسكرية في منطقة الشرق الأوسط”، موضحا أنه يعوّل على “دبلوماسية الهاتف” مع الرئيس المقبل للولايات المتحدة.

كما أعاد أردوغان التأكيد على القضية المتعلقة بنية تركيا إنشاء “حزام أمني” من 30 إلى 40 كيلومترا على طول حدود البلاد مع سوريا والعراق، مضيفا “سنواصل محادثاتنا مع ترامب في الفترة الجديدة، ونناقش كيف سنشكل تطورات الشرق الأوسط حسب التطورات، عبر دبلوماسية الهاتف كما في السابق”.

وتابع “على سبيل المثال، سنقوم بتقييم انسحاب القوات الأميركية من سوريا.. وكيف سينهون دعمهم لمنظمات (ي.بي.جي) و(بي.واي.دي) و(حزب العمال الكردستاني) الإرهابية؟”.

أنقرة تتوقع أن تكون إدارة ترامب أكثر مرونة وتفهما لاحتياجاتها الأمنية، خاصة ضد حزب العمال الكردستاني المحظور في سوريا والعراق

وتعتبر مسألة الانسحاب الأميركي من سوريا شائكة حتى في الولايات المتحدة، إذ تبرز وجهة نظر تقول بأن الانسحاب قد يؤدي إلى إلحاق ضرر بالغ بالمصالح الأميركية في المنطقة، “فهو يعطي أملا لطهران بأنها تحقق نجاحا في هدفها بعيد المدى الرامي إلى إخراج الولايات المتحدة من المنطقة من خلال الميليشيات التي تدعمها.

ويشعر الأكراد أيضا بقلق بالغ من هذا السيناريو، حيث حذّرت الرئيسة المشتركة لـ”مجلس سوريا الديمقراطية” إلهام أحمد من اندلاع صراع في شمال شرقي سوريا إذا انسحبت الولايات المتحدة، مؤكدة أن المنطقة “ستنحدر إلى الفوضى بسرعة”.

وفي تصريحات أدلت بها لصحيفة “دير شبيغل” الألمانية، قالت أحمد إن “أمن واستقرار الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا يعتمد على استمرار الوجود الأميركي”، مضيفة أنه “إذا انسحب الأميركيون، فسيكون هناك من يستغل فراغ السلطة، وخاصة تركيا وسيندلع القتال على الفور”.

وأوضحت أن المنطقة التي تسيطر عليها “الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سوريا “تمثل نحو ثلث أراضي سوريا، وهي منطقة تظل عرضة للعدوان من جهات متعددة”، مشيرة إلى أن “قوات سوريا الديمقراطية التي تتعاون مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة تحتجز الآلاف من عناصر داعش، وحافظت على استقرار المنطقة التي تتمتع بحكم ذاتي”.

وكشفت إلهام أحمد أنه “على الرغم من ذلك، يشعر الأكراد السوريون أن المجتمع الدولي يتخلى عنهم بشكل متزايد، مع تحول الديناميكيات الجيوسياسية، وتزايد الضغوط على الولايات المتحدة لتقليص وجودها العسكري في الخارج”.

وأشارت إلى إعلان الإدارة السابقة للرئيس دونالد ترمب المفاجئ بسحب القوات الأميركية من سوريا في عام 2019، لافتة إلى أن هذا القرار “تم تجنبه بصعوبة من خلال التدخل الدبلوماسي”.

وأعربت عن تخوفها من قرارات مماثلة لإدارة ترامب الجديدة، مشيرة إلى أن “الإدارة الذاتية التي يقودها الأكراد ستُترك لمواجهة التهديدات المتجددة من تركيا والميليشيات المدعومة من إيران وبقايا داعش”.

2