الانتخابات الأميركية تكشف أن عالمنا يغرق في خطاب الكراهية

لوس أنجلس (الولايات المتحدة) - اعتمد باحثو منظمة غلوبال ويتنس أداة الإبلاغ التي يوفرها موقع فيسبوك للفت انتباه المنصة إلى تعليقات اعتبروا أنها تمثل انتهاكات جسيمة بالتزامن مع الانتخابات الأميركية، وهي عينة تؤكد أن العالم يغرق في خطاب الكراهية عبر مواقع التواصل. وتصف بعض التعليقات التي تحدث عنها الباحثون المسلمين بـ"الطاعون" واليهود بـ"الطفيليين".
ودققت منظمة غلوبال ويتنس (الشاهد العالمي) غير الربحية في كيفية تعامل منصة فيسبوك مع خطاب الكراهية قبل الانتخابات الرئاسية. وحللت في دراستها 200 ألف تعليق نُشر على صفحات تمثل 67 مرشحا لمجلس الشيوخ الأميركي خلال الفترة الممتدة من 6 سبتمبر إلى 6 أكتوبر.
وقال الباحثون إن شركة ميتا أزالت بعض التعليقات، بعد أن وجّهت غلوبال ويتنس رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى الشركة مباشرة. وذكرت إلين غودسون التي أشرفت على البحث أنها شهدت “فشلا حقيقيا في مراجعة هذه المنشورات على الفور”.
وتأتي النتائج في وقت تواجه فيه ميتا منذ فترة طويلة انتقادات من الباحثين ومجموعات المراقبة والمشرعين بسبب عدم تعزيزها نظاما معلوماتيا سليما أثناء الانتخابات في جميع أنحاء العالم.
وفتحت المفوضية الأوروبية في أبريل الماضي تحقيقا لتقييم ما إذا كانت ميتا قد انتهكت قواعد التكتل المنظمة للمحتوى عبر الإنترنت قبل انتخابات البرلمان الأوروبي. وترى غودسون في تعامل فيسبوك مع التعليقات التي أشارت إليها غلوبال ويتنس انهيارا في مكافحة المنصة لخطاب الكراهية.
ورد متحدث باسم ميتا على أسئلة من مؤسسة تومسون رويترز قائلا إن بحث غلوبال ويتنس “استند إلى عينة صغيرة من التعليقات. وأزلنا تلك التي تنتهك سياساتنا”. وأضاف المتحدث أن “هذا لا يعكس جهود فرقنا التي تشمل 40 ألف شخص يعملون في مجال السلامة والأمن لضمان أمن منصتنا قبل الانتخابات”.
وتنص المعايير التي حددها موقع فيسبوك على أن المحتوى الذي “يهاجم الأفراد على أساس العرق أو الإثنية أو الأصل القومي أو الجنس أو الهوية الجنسية أو التوجه الجنسي أو الانتماء الديني أو الإعاقات أو الأمراض يعتبر انتهاكا”.
ولا يمكن تحديد عدد المستخدمين الذين تعرضوا لخطاب الكراهية. وتتوقع غودسون أن يكون التأثير كبيرا. وأضافت “يمكن أن تخلّف الإساءة عبر الإنترنت تأثيرا سلبيا ويمكن أن تدفع البعض إلى إعادة النظر في انخراطه في عالم السياسة. كما يمكن أن ينفّر هذا النوع من الخطاب المراقبين الخارجيين… ويمكن أن تسبب كمية صغيرة من الإساءة الكثير من الضرر”.
وقالت ثيودورا سكياداس، مسؤولة السياسة العامة السابقة في منصة إكس، إن هذا الفشل يندرج ضمن نقص أوسع في الاستثمار في الاستعداد للانتخابات قبل السباق الرئاسي الأميركي.
وأضافت سكياداس، وهي اليوم الرئيسة التنفيذية لشركة تيك بوليسي الاستشارية، التي تعالج قضايا تشمل حوكمة الذكاء الاصطناعي وسلامة المعلومات، أنهم “سرحوا الموظفين وخفضوا الموارد المخصصة لمراقبة المحتوى السياسي”.
وحدد مركز بيو للأبحاث، ومقره الولايات المتحدة، أن منصتي فيسبوك وإنستغرام تشكلان ثانية وثالثة أكثر منصات التواصل الاجتماعي شعبية في الولايات المتحدة. وأفاد 68 في المئة من البالغين في الولايات المتحدة بأنهم يستخدمون فيسبوك، وقال 47 في المئة إنهم يستخدمون منصة إنستغرام.
وخلص مركز بيو إلى أن أكثر من ثلث هؤلاء المستخدمين يعتمدون على منصات التواصل الاجتماعي لمتابعة تطورات الأحداث الجارية. وأكدت ميتا أن وزن المحتوى الذي ينتهك خطاب الكراهية يبقى منخفضا جدا على نظامها الأساسي.
وأخبر المتحدث باسم ميتا مؤسسة تومسون رويترز أن موقع فيسبوك اتخذ إجراءات خلال الثلاثي الثاني من سنة 2024 ضد 7.2 مليون منشور بسبب انتهاكها سياسات خطاب الكراهية، وضد 7.8 مليون منشور بسبب انتهاكها سياسات التنمر والمضايقة.
لكن جيف ألين، عالم البيانات السابق في ميتا، وهو المؤسس المشارك لمعهد إنتغريتي (النزاهة) غير الربحي، قال إن الأنظمة الآلية المستخدمة للإبلاغ عن خطاب الكراهية غالبا ما تفوّت الكثير. وأكد أنها قد لا تفهم سياق التعليق أو تسيء فهم مصطلحات مُعتمدة في اللغة العامية.
وأكد نيك كليغ، رئيس الشؤون الدولية في ميتا، خلال فبراير عبر منشور يحدد إستراتيجية الشركة بخصوص الانتخابات أن ميتا هي الأكثر اجتهادا واستثمارا لحماية الانتخابات عبر الشبكة العنكبوتية. وأشار إلى أن هذه العمليات تتجاوز فترات الانتخابات.
وقال إن الشركة استثمرت أكثر من 20 مليار دولار في الجهود المبذولة خلال الفترة الممتدة إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية الحالية. وأضاف أن هذا يسلط الضوء على التزام ميتا بضمان شفافية الإعلانات السياسية وتقوية الفرق التي تطارد مجموعات الكراهية على المنصة.
اقرأ أيضا:
العالم العربي يحبس أنفاسه على وقع نتيجة الانتخابات الأميركية دون معرفة أيهما أفضل: ترامب أم هاريس
وتعهد فيسبوك بالمساعدة في حماية الانتخابات. لكن عددا من التقارير الأخيرة تشير إلى حالات مكّنت من انتشار الإعلانات الكاذبة، والمعلومات المضللة عن الانتخابات، وخطابات الكراهية.
وأجرت غلوبال ويتنس في أكتوبر الماضي اختبارا لأنظمة الإعلان في منصات التواصل الاجتماعي الرئيسية. ووجدت أن بعض الإعلانات المدفوعة التي تشمل معلومات مضللة عن الانتخابات استمرت على فيسبوك رغم تحسين المنصة لعملية مراجعتها.
وذكرت مجلة فوربس في أكتوبر أن موقع فيسبوك كان يعرض ما يتجاوز قيمته المليون دولار من الإعلانات التي تزعم أن تأجيل الانتخابات الأميركية أو تزويرها ممكنان. ونشر مكتب الصحافة الاستقصائية تقريرا في نوفمبر قال فيه إن شركات التجارة الإلكترونية تبيع عبر فيسبوك بضائع برسائل تحمل أكاذيب مماثلة. وحددت التقارير أن ميتا قالت في الحالتين إنها تراجع الأمر.
ويقول باحثون مثل ألين إن ميتا يمكن أن تكون أكثر شفافية حول كيفية تعاملها مع خطاب الكراهية، بإصدار بيانات حول عدد المستخدمين المعرضين لهذه الانتهاكات، وشرح عدد المرات التي يتقرر فيها توجيه المشاركات إلى المراجعين البشريين، وبالكشف عن المزيد حول كيفية عمل الأنظمة الآلية.
وتخلصت ميتا تدريجيا في أغسطس الماضي من أداة تعقب المعلومات المضلّلة “كراود تانغل”. ولاقت هذه الخطوة شكاوى من مجموعات وخبراء استخدموها. لكن الشركة قالت إنها قدمت أدوات جديدة توفر صورة أكمل للأنشطة على منصة فيسبوك. وقال ألين “إننا بحاجة إلى مقاييس تتناسب مع نطاق الأضرار”.
وقالت غودسون إن قلة الشفافية تعني استحالة تحديد مدى جدية المنصات في التعامل مع الإساءة خلال هذه الفترة الحساسة. ويجعل هذا مهمة الإبلاغ عن انتهاكات قواعد الشركة الخاصة في يد الباحثين الخارجيين. وتعتبر أنهم دائما في وضع “اللحاق بالركب” عوضا عن كونهم في المقدمة وفي موقع استباقي.