الدول العربية تعرف بثقافاتها المشتركة في "الأسبوع العربي في اليونسكو"

مثّل "الأسبوع العربي في اليونسكو" يومي 4 و5 نوفمبر الجاري فرصة لمختلف الدول العربية لإبراز موروثها الثقافي المشترك والترويج له، وكان الحدث مساحة للحوار والتلاقي بما يعزز دور القوة الناعمة العربية في التعريف بالحضارة العربية مختلفة العناصر، دحضا للصور النمطية، وخلقا لفضاءات تواصل إنساني فعّال.
باريس - مكنت مبادرة المملكة العربية السعودية “الأسبوع العربي في اليونسكو” 22 دولة عربية مشاركة؛ من إبراز مكنونها الثقافي في فضاءٍ رحب؛ يرسخ العمل الثقافي والحضاري عربيًا ودوليًا؛ بما يسهم في النهوض بالثقافة وتطوير مجالات التربية والثقافة والعلوم على المستويين الإقليمي والعالمي.
كما بذلت اللجنة الوطنية السعودية للتربية والثقافة والعلوم؛ مجهودات حثيثة لإظهار المشاركات؛ بالصورة التي تنسجم مع تلاقي الثقافات بين الدول العربية؛ خلال هذا الأسبوع العربي الذي ينظم لأول مرة في تاريخ عمل الدول العربية مع “اليونسكو” منذ أكثر من نصف قرن، وهي مبادرة تسعى إلى ترسيخ أركان التواصل الحضاري والتعايش الثقافي، إذ تشكل احتفالا بالثراء الثقافي للعالم العربي عبر الآداب والفنون المتعددة.
الخط العربي
"الأسبوع العربي في اليونسكو" مثل للدول المشاركة فضاء فسيحا للحوار وتسليط الضوء على ثرائها الثقافي والحضاري
استوقفت جماليات الخط العربي وفنونه وأنواعه، التي جسدت الثقافة ووثقت حركة الكتابة والتأليف، زوار “الأسبوع العربي في اليونسكو” الذي أقيم بمبادرة من اللجنة الوطنية السعودية للتربية والثقافة والعلوم بتنظيم المجموعة العربية لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” في العاصمة الفرنسية باريس.
وعرّفت مبادرة مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي، إحدى مبادرات وزارة الثقافة خلال مشاركتها في “الأسبوع العربي في اليونسكو”، الذي استمرت فعالياته على مدى يومين، بالخط العربي كونه مخزونًا حضاريًا عربيًا راسخًا على مر التاريخ وتعاقب الأزمنة، مبرزة جهود المركز كمنصة عالمية للخط والخطاطين من مختلف دول العالم، والذي يحتوي على متحف ومعرض ومعهد للخط العربي، كما يتضمن ملتقىً للخطاطين العرب والمسلمين.
وينطلق المركز من رؤيته الهادفة للارتقاء بالخط العربي بصفته وسيلة تواصل عالمية عابرة للثقافات في مجال التراث والفنون والعمارة والتصميم، مع تعزيز مكانة المملكة العربية السعودية وتأثيرها في حفظه وتطويره، ساعيًا وفق رسالته إلى ترسيخ مكانته كونه مرجعًا عالميًا يعنى بحماية إرث الخط العربي، وذلك باحتضان المواهب وتنمية المعارف، وتطوير الآفاق الإبداعية، وتشجيع المشاركة المجتمعية في مجال الخط العربي.
وتقوم إستراتيجية المركز على ركائز أساسية تتمثل في المعرفة والتطوير، كونه حاضنًا لتاريخ الخط العربي، ومرجعًا يتضمن جميع الحقائق عن المخطوطات والقطع الفنية وتاريخها، وتنمية المهارات كمركزٍ للتعليم الاحترافي يقدم الإجازات الرسمية في مجال الخط العربي “الأولى من نوعها على مستوى العالم”، بالإضافة إلى المنح الداعمة، والمشاركة المجتمعية باستقطاب الأنشطة والفعاليات حول الخط العربي على المستويين المحلي والعالمي لزيادة اهتمام المجتمع.
ويعتزم المركز إقامة وإبرام شراكة مع 3 إلى 4 جامعات محلية وعالمية تقدم برامج تعليمية متميزة في مجال الخط العربي والمواضيع المتصلة به لاستضافة الطلاب، والشراكات المحتملة هي “جامعة أكسفورد، وجامعة هارفارد، والجامعة الأميركية في بيروت، وجامعة الملك سعود”، مستهدفًا المركز إقامة الفعاليات الخارجية بواقع تنظيم معرضٍ سنوي خارج المملكة يبرز العلاقات الثقافية الدولية في وزارة الثقافة، واستضافة 3 معارض داخل المركز سنويًا من دول وفنانين وخطاطين مختلفين عن مواضيع الخط العربي، بالتعاون مع وكالة العلاقات الثقافية الدولية في الوزارة.
مشتركات ثقافية
المبادرة عرّفت بالخط العربي بصفته وسيلة تواصل عالمية عابرة للثقافات في مجال التراث والفنون والعمارة والتصميم
من ناحية أخرى مثل “الأسبوع العربي في اليونسكو” للدول العربية المشاركة فضاء فسيحا للحوار بين الثقافات؛ بداية من تسليط الضوء على الثراء الثقافي والحضاري العربي مرورًا بعرض الجوانب المتعددة من ثقافتها؛ في العروض الفنية والفلكلورية والعروض الشعبية؛ مع مخاطبة شعوب العالم في هذه التظاهرة عبر 15 عنصرًا ثقافيًا غير مادي تجمع بينهم، مسجلة في قوائم منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم “اليونسكو”؛ عبر رسائل ثقافية حضارية تعزز الحوار والسلام العالمي، والدعوة لتبادل المعرفة والخبرات في شتى المجالات، وذلك من مقر المنظمة في باريس.
وشملت أعمال هذه المبادرة 7 ندوات عن اللغة العربية، والخط العربي، والأدب العربي، والذكاء الاصطناعي، والتعليم والفن التشكيلي، والتراث الثقافي غير المادي، والتراث العالمي؛ إضافة لأنشطة مصاحبة تمثلت في العروض الموسيقية، و4 معارض؛ هي المعرض الثقافي، ومعرض الخط العربي، ومعرض صور عن المواقع التراثية في العالم العربي، ومعرض المنتجات الثقافية العربية.
وتضم منظمة اليونسكو خلال فعاليات الأسبوع، 22 ركنا تتقاسمها الدول العربية؛ لإبراز موروثاتها الثقافية وتراثها وتاريخها وجوانب من حضارتها، كما تتفاعل عبر تلك الأركان مع زوارها، وتتواصل مع جمهورها، فضلا عن دعم أواصر العلاقات الثقافية بين أطراف التنظيم وضيوف الفعالية من جميع أنحاء العالم.
وتعتبر المشتركات الثقافية الـ15 بين الدول العربية المشاركة أدوات فعالة ورسالة سلام للعالم، وهي تأكيد على تجسير التواصل الثقافي والحوار بين الشعوب لبناء عالم يسوده السلام والتعاون عبر الروابط الإنسانية؛ فيما تشمل هذه المشتركات حداء الإبل، والنخيل، والخط العربي، وطبق الهريس، والنقش على المعادن من ذهب وفضة ونحاس، وأشعار التغرودة، وفن تربية الصقور، وفنون حياكة السدو، وأطباق الكسكس، وسباقات الهجن، والقهوة العربية، فضلًا عن الهداية والعيالة والمجلس والرزفة، حيث تمثل في مجملها فسيفساء فنون الثقافات العربية الممتدة عبر التاريخ.
ويبقى لمبادرة المملكة “الأسبوع العربي في اليونسكو” دورها في إثراء المشهد الثقافي والتراث العربي وتعزيز مكانته على الساحة الدولية؛ مما يرسخ العلاقات الثقافية والتنموية مع دول العالمين العربي والإسلامي؛ وبما يمكن العمل الثقافي والتربوي والعلمي العربي من الحضور الفاعل عالميًا.
وتستند المبادرة إلى ثراء الثقافة العربية وحضارتها العريقة، وتراثها المتجذر، وغزارة إسهاماتها الإنسانية على مر العصور، وهي تعكس قصة نجاح أول تجمع عربي في اليونسكو يعمل على تجاوز الحدود الجغرافية وتحقيق أهداف طموحة، وتعاون حقيقي لإبراز ثراء الثقافة العربية، والتعريف بها في موقع يشهد حضور مسؤولين وشخصيات ثقافية من مختلف دول العالم في مقر اليونسكو.