زيادة الإنفاق وتراجع النفط يوسعان عجز الموازنة السعودية

العجز المالي بلغ ثمانية مليارات دولار بنهاية الربع الثالث، وهو ما يزيد على نصف إجمالي العجز حتى الآن هذا العام.
الأربعاء 2024/11/06
جهود مضاعفة في مسار الإصلاح الاقتصادي

الرياض - تواجه السعودية استمرار منغصات العجز المالي في الموازنة بعد نعمة الفوائض، التي حققتها عام 2022 مع ارتفاع أسعار النفط الخام، بينما يراقب المحللون الخطوات التي يتبعها المسؤولون لمواجهة تأثيرات مشكلة قد تدوم أعواما.

وبلغ العجز المالي 30 مليار ريال (ثمانية مليارات دولار) بنهاية الربع الثالث، وهو ما يزيد على نصف إجمالي العجز حتى الآن هذا العام، إذ أثر انخفاض أسعار النفط على الإيرادات وارتفع مستوى الإنفاق.

وسجلت الحكومة عجزا بلغ نحو 58 مليار ريال (15.47 مليار دولار) خلال الأشهر التسعة من العام الجاري، وفقا لبيانات نشرتها وزارة المالية الاثنين الماضي.

وراجع المسؤولون مؤخرا تقديرات العجز لهذا العام إلى 31.47 مليار دولار من 21 مليار دولار متوقعة في البداية في الموازنة، أي حوالي ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

مونيكا مالك: كنا نتوقع دائما بعض الإنفاق الزائد مقارنة بالموازنة الأصلية
مونيكا مالك: كنا نتوقع دائما بعض الإنفاق الزائد مقارنة بالموازنة الأصلية

وكان عجز الموازنة في الربع الثالث من العام الماضي قد بلغ 9.5 مليار دولار بسبب انخفاض حاد في عائدات النفط، ولكن العجز في تسعة أشهر بلغ 11.73 مليار دولار، أي أقل من الرقم المماثل هذا العام.

وقالت مونيكا مالك كبيرة الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري لرويترز “كنا نتوقع دائما بعض الإنفاق الزائد من قبل الحكومة مقارنة بالموازنة الأصلية، لكننا مازلنا نرى عجزا ماليا يمكن التحكم فيه بنحو 2.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي”.

وسجلت السعودية إيرادات إجمالية بلغت 254.53 مليار دولار حتى نهاية سبتمبر، بزيادة 12 في المئة على أساس سنوي، في حين بلغ الإنفاق في الفترة ذاتها أكثر من 270 مليار دولار، بزيادة 13 في المئة، وفقا لبيانات حكومية.

وارتفع الإنفاق الرأسمالي، المرتبط في المقام الأول بالإنفاق على البنية التحتية، 33 في المئة خلال الفترة الفاصلة بين يناير وسبتمبر الماضيين مع سعي الحكومة إلى زيادة الاستثمار.

وأكدت أرامكو الثلاثاء أنها ستحافظ على توزيعات الأرباح السخية للمساهمين البالغة 31.1 مليار دولار على أساس ربع سنوي رغم انخفاض الأرباح الفصلية. وتعد إيرادات الشركة مصدرا رئيسيا لدعم المالية العامة للحكومة.

وقالت المجموعة العملاقة، خامس أكبر شركة في العالم من حيث القيمة والمملوكة بشكل كبير للدولة التي تعد أكبر مصدّر للنفط، في بيان إن “الانخفاض من 32.58 مليار دولار العام الماضي إلى 27.6 مليار دولار، ناجم خصوصا عن تراجع أسعار النفط الخام”.

ويبلغ إنتاج السعودية حاليا ما يقارب تسعة ملايين برميل يوميا، أي أقل من قدرتها الإنتاجية البالغة 12 مليون برميل يوميا. ويعكس الرقم المنخفض نسبيا سلسلة من قرارات خفض الإنتاج بدأت في أكتوبر 2022.

من المتوقع أن يرتفع إنتاج النفط وسعره في العام المقبل، وهو ما سيؤدي إلى انتعاش النمو الاقتصادي الإجمالي

وتعمل أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم على مضاعفة جهودها في مسار الإصلاح الاقتصادي، الذي تبلغ كلفته مليارات الدولارات، إذ تستثمر بكثافة لتحقيق أهداف إستراتيجية التحول المعروفة باسم “رؤية 2030”.

وتهدف الإستراتيجية إلى تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط مع الاستثمار في مشاريع البنية التحتية الضخمة، والتي تهدف إلى تنشيط قطاعات مثل السياحة والرياضة والتصنيع.

وفي حين بلغ إجمالي الإنفاق العام 90.4 مليار دولار في الربع الثالث مرتفعا 15 في المئة على أساس سنوي، وصل إجمالي الإيرادات إلى 82.4 مليار دولار في الربع ذاته متراجعة من 94.4 مليار دولار في الربع السابق.

ومع اقتراب فعاليات ضخمة مثل معرض إكسبو 2030 والألعاب الشتوية الآسيوية في 2029، تراجع السعودية خطط الإنفاق، حيث سيجري تأجيل بعض المشاريع أو تقليصها وإعطاء الأولوية لأخرى.

ومن المتوقع أيضا أن يرتفع إنتاج النفط وسعره في العام المقبل، وهو ما سيؤدي إلى انتعاش النمو الاقتصادي الإجمالي.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ترتفع أسعار النفط بواقع 0.9 في المئة هذا العام إلى حوالي 81 دولارا للبرميل. وقد أكد في وقت سابق أن السعودية بحاجة إلى أسعار تقترب من 100 دولار للبرميل لتحقيق التوازن في موازنتها.

وقال جهاد أزعور مدير دائرة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق لرويترز في مقابلة أجريت معه مؤخرا “إستراتيجية تقليص مستوى التخفيضات الطوعية ستزيد من النمو وستزيد أيضا من الإيرادات، وتحسن أيضا حسابها الخارجي”.

وذكرت الحكومة السعودية أنها ستلجأ إلى أدوات الدين لسد العجز المالي بعدما بلغ إجمالي الدين في نهاية شهر سبتمبر 310 مليارات دولار ارتفاعا من 290 مليار دولار في بداية العام الحالي.

ويرى محللون أن مستويات الدين العام تظل منخفضة بالنسبة إلى اقتصاد بمجموعة العشرين وأن تراجع أسعار الفائدة وتحسن ظروف السوق من شأنهما أن يدعما متطلبات التمويل.

11