ضوابط جديدة على أنشطة الجمعيات الدعوية والخيرية في المساجد الكويتية

السلطات الكويتية تسرع جهودها لضبط العمل الدعوي والخيري جرّاء ما يتهدّد البلاد من خطر الانزلاق نحو الترويج للتشدّد وحتّى الإرهاب وتمويلهما.
الثلاثاء 2024/11/05
نحو استعادة المساجد لدورها الأصلي: العبادة

الكويت- ظهر تتالي القرارات والإجراءات التي تتخذها السلطات الكويتية بشأن عمل الجمعيات الخيرية والدعوية، جدية في ضبط العمل الخيري والدعوي وتضييق مساحة الحرية الكبيرة التي تمتّع بها القائمون عليه والعاملون في مجاله على مدى سنوات طويلة حدّ التسيّب والانفلات في الكثير من الأحيان.

وجاءت الانتباهة الرسمية لهذا النشاط الرائج بقوّة داخل المجتمع الكويتي الميسور والمتدين بنسبة كبيرة، بسبب ما أصبح ينطوي عليه من مخاطر على أمن البلد وسمعته الدولية جرّاء ما يتهدّده من خطر الانزلاق نحو الترويج للتشدّد وحتّى الإرهاب وتمويلهما، فضلا عن اختراق الفساد له من الداخل وتحويله في بعض الأحيان إلى وسيلة للاحتيال وطريقة للإثراء غير المشروع.

وأعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية عن إقرارها جملة من الضوابط الجديدة على أنشطة الجمعيات والمبرات الخيرية في المساجد تشمل عدم السماح بإقامة أي نشاط دعوي أو ثقافي أو خيري من دون الحصول على موافقتها.

◄ أمثال الحويلة تلفت إلى أن الإجراءات الاحترازية الحالية التي تتخذها الجهات الحكومية تهدف بالمقام الأول إلى النأي بالبلد عن دخول المنطقة الرمادية
أمثال الحويلة تلفت إلى أن الإجراءات الاحترازية الحالية التي تتخذها الجهات الحكومية تهدف بالمقام الأول إلى النأي بالبلد عن دخول المنطقة الرمادية

وطلب بدر العتيبي، الوكيل المساعد لقطاع المساجد في الوزارة، من الجهات المختصة في وزارته توجيه الأئمة والمؤذنين بعدم السماح لتلك الجمعيات والمبرات بإقامة أنشطة من قبيل حلقات تحفيظ القرآن والأنشطة الثقافية والدعوية في المساجد إلا بعد إظهار الموافقة مع هويتهم الشخصية.

ونص تعميم صادر عن مكتب العتيبي على ضرورة إطلاع المسؤولين على كتاب الموافقة النهائية من وزارة الشؤون الاجتماعية، كجهة مشرفة على عمل الجمعيات، على إقامة النشاط في المسجد، متضمنا الفترة الزمنية والحد الأقصى المخصص لها، وفي حال انتهاء النشاط يتم إيقاف الجمعية القائمة عليه إلى حين التجديد مع موافقة وزارة الشؤون الإسلامية الجهة المشرفة على المساجد.

كما حظر التعميم على الأئمة والمؤذنين إقامة أي نشاط إلا بعد مخاطبة مكتب وكيل الوزارة المساعد لقطاع المساجد، مع مراعاة عدم تسلم الإدارة أي كتب أو طلبات مقدمة من الجمعيات والمبرات الخيرية تخص إقامة الأنشطة.

ولا تقتصر دوافع السلطات الكويتية لتسريع جهود ضبط العمل الدعوي والخيري على أسباب داخلية بل تشمل أيضا عوامل خارجية مرتبطة بسمعة البلد وعلاقاته بالمجتمع الدولي.

وتخشى السلطات أن يتحوّل انخراط جهات كويتية في أعمال خارج البلاد مخلّة بالقوانين الدولية إلى عامل مؤثّر على سمعة الكويت وعلاقاتها مع الدول، وذلك تحت يافطة العمل الخيري والإنساني.

ويعرف العمل الدعوي والخيري في الكويت وما يرتبط به من عمليات جمع للتبرعات نشاطا وازدهارا فريدين بدفع من التيارات الإسلامية المختصّة في ممارسته منذ عقود.

وحذّرت وزيرة الشؤون الاجتماعية الكويتية أمثال الحويلة مؤخرا من أنّ بلادها باتت “قاب قوسين من دخول المنطقة الرمادية التي لا تؤثر سلبا على سمعة الكويت فحسب، بل على اقتصادها أيضا، إلى جانب جملة تداعيات سلبية أخرى”.

◄ بدر العتيبي طالب بمنع الجمعيات والمبرات الخيرية من إقامة أي نشاط دعوي أو خيري داخل المساجد إلا بترخيص مسبق من السلطات
بدر العتيبي طالب بمنع الجمعيات والمبرات الخيرية من إقامة أي نشاط دعوي أو خيري داخل المساجد إلا بترخيص مسبق من السلطات

وتشير الوزيرة بذلك إلى انطلاق ما يعرف بمرحلة الرقابة المعززة التي تشهدها الكويت حاليا من جانب المنظمات المالية الدولية وتحديدا مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق وشمال أفريقيا “مينافاتف” المعنية بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

وجاء تحذير الوزيرة خلال لقاء عقدته مع ممثلي العشرات من الجمعيات الخيرية ودعت خلاله إلى “تصحيح إجراءين خاصين بالعمل الخيري الكويتي قبل المراجعة الدولية المرتقبة والمحددة في أكتوبر 2025″، لافتة إلى أن الإجراءات الاحترازية الحالية التي تتخذها الجهات الحكومية تهدف بالمقام الأول إلى النأي بالبلد عن دخول المنطقة الرمادية، في التصنيف الدولي للبلدان وفق جهودها في التصدي لتمويل الإرهاب وغسيل الأموال.

وكانت وزارة الشؤون الاجتماعية الكويتية قد شرعت في وضع عدد من جمعيات النفع العام والمَبَرَّات المخالفة للقوانين تحت مجهر الملاحظة تمهيدا لحلّها.

وبدا أن الوزارة بصدد تحريك المياه الراكدة لملف العمل الجمعياتي والخيري في البلاد. وفي إطار تفعيل الدور الرقابي على أعمال جمعيات النفع العام والجمعيات والمبرات الخيرية، أحاطت الوزيرة الحويلة مجلس الوزراء علما بإعداد الوزارة دراسة عن أوضاع عدد من جمعيات النفع العام، والتي تبيّن أنّها غير فعالة ومخالفة لمواد القانون رقم 24 لسنة 1962 في شأن الأندية وجمعيات النفع العام، تمهيدا لإصدار قرار بحل وتصفية هذه الجمعيات.

وتطرقت الوزيرة في لقائها بممثلي الجمعيات الخيرية إلى مسألة تسييس العمل الخيري وقالت إنّ “الوزارة تحسن الظن والنوايا حيال القائمين على العمل الخيري، غير أننا مطالبون دوليا بالكثير من الإيضاحات حول أعمال وأنشطة ومشروعات الجهات الخيرية”.

وشملت الإجراءات الحكومية الكويتية لضبط العمل الخيري تقييد الحركة الدولية للقائمين عليه من خلال حظر سفر موفدي الجهات الخيرية في رحلات إغاثية إلى الدول التي تتعرض لظروف أمنية وسياسية غير مستقرة، حيث قالت الوزيرة إنّ الهدف من ذلك هو حماية القائمين على العمل الخيري وعدم تعرضهم لأي مكروه، مطالبة ممثلي الجمعيات الخيرية بالتعاون الواسع مع الوزارة في الفترة الراهنة ليتسنى تخطي مسألة التقييم الدولي.

3