التزام البنوك السعودية بتمويل المشاريع يصطدم بقلة الودائع

التمويل بالودائع ميسورة الكلفة والمستقرة لدى البنوك لن يكون كافيا لديها للاستجابة للطلب المتنامي المرتبط بالبنية التحتية ومشاريع التنمية المندرجة ضمن برامج الرؤية.
الثلاثاء 2024/11/05
تحدي المشاركة في الخطط التنموية

الرياض- يصطدم التزام القطاع المصرفي السعودي بتمويل مشاريع رؤية 2030 بصعوبات قلة الودائع والذي يشكل أحد التحديات أمام مشاركة البنوك في الخطط التنموية للتحول الاقتصادي.

وحذرت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية في تقرير حديث نشرته على منصتها الإلكترونية أن هذه المشكلة تضغط على البنوك رغم أن أجندة تنويع الاقتصاد توفر فرصة كبيرة لنمو القطاع ككل خلال السنوات المقبلة مدفوعا بنمو الطلب على القروض.

واعتبر خبراء موديز أن التحدي أمام البنوك يتمثل في أن التمويل بالودائع ميسورة الكلفة والمستقرة لن يكون كافيا لديها للاستجابة للطلب المتنامي المرتبط بالبنية التحتية ومشاريع التنمية المندرجة ضمن برامج الرؤية.

وتتضمن الرؤية مشاريع عملاقة في قطاعات مختلفة، بما في ذلك السياحة والإسكان والبنية التحتية وغيرها من المشاريع التي لم تكن سابقا في ذهن القيادة السعودية.

السيولة قد تنو بنسبة 10 في المئة مدعومة بالإصلاحات لجذب المزيد من المستثمرين الأجانب
السيولة قد تنو بنسبة 10 في المئة مدعومة بالإصلاحات لجذب المزيد من المستثمرين الأجانب

ومع أن مشاريع الرؤية تموّل حالياً بشكل رئيسي من خلال ضخ الأموال من صندوق الثروة السيادية أو الحكومة إلا أن الإقراض المصرفي سيشهد نموا مدفوعا بزيادة قروض الشركات وارتفاع اقتراض المقاولين من الباطن الذين يعملون في المشاريع العملاقة.

وعلى سبيل المثال، يشير إفصاح لصندوق الثروة البالغ حجم أصوله 930 مليار دولار إلى التزامات رأسمالية بحوالي 150 مليار ريال (40 مليار دولار) سنويا.

ويشكّل برنامج تملّك الإسكان محرّكاً للنمو الائتماني لدى البنوك خلال السنوات الخمس الأخيرة بعدما ارتفعت الرهون العقارية للأسر بشكل كبير من 29.3 مليار دولار في العام 2016 إلى حوالي 161.8 مليار دولار بنهاية العام الماضي.

وبما أن الرهون العقارية سجّلت بسعر فائدة ثابت خلال فترة انخفاض الفائدة، إضافة إلى امتداد فترة الحيازة غالبا من 25 إلى 30 سنة، فإن ذلك يمكن أن يشكل ضغطاً على هوامش القطاع.

ورغم ذلك، تقول موديز إن نمو الرهون العقارية يشهده تباطؤا عزته إلى ارتفاع الفائدة، واقتراب السعودية من تحقيق هدفها المتمثل في مستهدفها لتملك المساكن بنسبة 70 في المئة.

ووضع خبراء الوكالة في تقريرهم سيناريوهين محتملين لنمو الودائع لدى البنوك كنسبة إلى نمو الطلب على الائتمان خلال الـ18 شهرا القادمة، وهما سيناريو الحالة المرجعية الأساسية والسيناريو المتأزم.

وحتى في سيناريو الحالة الأساسية، يشير التقرير إلى عدم كفاية نموّ الودائع لدى المصارف السعودية من أجل تمويل الطلب المتنامي على مشاريع الرؤية الضخمة.

وفي سيناريو الحالة المرجعية الأساسية، تتوقع موديز نمو الائتمان أكثر من نموّ الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنحو مرتين ونصف، مستنداً إلى توقعات بإنجاز العديد من المشاريع المنتظر الانتهاء منها بين عامي 2025 و2027.

وتتوقع الوكالة نموا للودائع بنسبة 10 في المئة بدعم من الإصلاحات التي تنجزها السعودية لجذب المزيد من المستثمرين الأجانب.

وبالرغم من ارتفاع نموّ الودائع، تفترض موديز ارتفاع نسبة القروض إلى الودائع في قطاع الخدمات المصرفية من 104 في المئة خلال 2023 إلى 108 في المئة هذا العام و112 في المئة خلال العام المقبل. أما في حالة السيناريو المتأزم، فمن المحتمل زيادة النمو الائتماني بوتيرة أكثر حدة لتبلغ أكثر من ثلاث مرات من نموّ الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي.

ومع افتراض معدل نموّ الودائع مشابه لسيناريو الحالة الأساسية، فإن نسبة القروض إلى الودائع في قطاع الخدمات المصرفية سترتفع لتبلغ 113 في المئة خلال هذا العام و123 بنهاية عام 2025.

10

في المئة نسبة نمو الودائع بدعم من الإصلاحات التي تنجزها السعودية لجذب المزيد من المستثمرين الأجانب، وفق توقعات للوكالة

ولتضييق هذا الفارق، تتوقّع الوكالة أن تشهد البنوك تحولا إستراتيجيا نحو تنويع مصادر تمويلها، عبر توجهها بشكل أكبر نحو إصدار الديون الأساسية غير المدعومة بأصول والأوراق المالية الإضافية من الفئة 1، والتي بدأته قبل عامين، إضافة إلى الديون المستدامة والاقتراض المشترك بين البنوك.

ومن ضمن الخيارات الأخرى لزيادة السيولة، أشار التقرير إلى أن البنوك بإمكانها الاستفادة من خيار تمنحه الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري لتحويل أصول الرهون العقارية الأطول أجلاً وذات فائدة ثابتة إلى نقد، ومن ثم إتاحة السيولة لاستخدامات أخرى.

وتنويع مصادر تمويل البنوك رغم كونه مفيداً لتعزيز السيولة وتخفيف المخاطر، لكنه يحمل في طياته تحديات، وفق موديز، التي لخّصتها في أن الزيادة الكبيرة في الاعتماد على مصادر التمويل من السوق والتمويل الأجنبي قد يؤدي إلى بروز أوجه ضعف جديدة.

ويقول خبراء الوكالة إن أي تضييق مفاجئ وحاد للسيولة العالمية قد يؤدي إلى نقص السيولة في النظام المصرفي المحلي. وسبق أن رجحت موديز أن يتقلص صافي هوامش الفائدة لدى البنوك السعودية العام الحالي، بعد أن ظل ثابتا على نطاق واسع خلال عام 2023، مع ارتفاع تكاليف التمويل بسبب شح السيولة في القطاع المصرفي.

وتعرضت السيولة في البنوك لضغوط في 2022، حيث تجاوز نمو التمويل 14 في المئة، فيما نمت الودائع بواقع 9 في المئة. وأدى ارتفاع الفائدة إلى تكثيف المنافسة على التمويل، لكن الضغوط تراجعت في الأشهر العشرة الأولى من 2023 مع نموّ القروض والودائع بنسبة 9 في المئة لكليها.

وتقلص صافي هوامش الفائدة لدى البنوك في المتوسط منذ بدء رفع الفائدة في 2022، حيث انخفض إلى 2.9 في المئة على مستوى القطاع خلال 2023 من 3 في المئة خلال النصف الأول من عام 2022.

10