توجه في الكويت نحو مراجعة الإجراءات المتسببة بنقص اليد العاملة الوافدة في بعض القطاعات

الحكومة الكويتية تنتهج خطوات تصحيحية للقرارات المتخذة في عهد حكومات سابقة بشأن سوق العمل لتدارك النقص الحاد في أعداد العمال الوافدين.
الاثنين 2024/11/04
الاستغناء عن الوافدين ليس غدا

الكويت- تتّجه الحكومة الكويتية نحو مراجعة قيود كانت وضعتها سلطات البلاد في وقت سابق على عمل الوافدين الأجانب إلى البلاد والبالغين ستين سنة من العمر وذلك في إطار سلسلة من القرارات والإجراءات تمّ إقرارها آنذاك ضمن مخطّط يستهدف رفع نسبة توطين الوظائف كجزء من عملية ما يعرف بتعديل التركيبة السكانية والحدّ من عدد الوافدين. وتحدّثت مصادر مطلعة عن وجود توجّه لدى حكومة الشيخ أحمد العبدالله لإجراء تعديلات جذرية على قرار الهيئة العامة للقوى العاملة رقم أربعة وثلاثين لسنة 2022 والمتعلق بالعمال الوافدين ممن بلغوا الستين عاما فما فوق من حملة شهادة الثانوية العامة وما دونها أو ما يعادلها.

وقالت المصادر التي نقلت عنها، الأحد، وسائل إعلام محلية، إنّ هذا التوجّه أملته العوائق الذي ظهرت مع تطبيق هذا القرار منذ دخوله حيّز النفاذ وما خلّفه من آثار سلبية على سوق الشغل في الكويت.

ويظهر ذلك مجدّدا الصعوبات التي تواجهها السلطات الكويتية في تقويم اختلالات تراكمت في سوق العمل على مدى سنوات طويلة، بعد تضافر العديد من الأسباب الاقتصادية والاجتماعية لتكريسها.

◄ دفع شرائح من العمال ذوي الخبرات المتراكمة إلى المغادرة الفجئية يسبب نقصا في الأيدي العاملة لا يمكن تداركه بسرعة

وتعتمد الكويت في توفير السواعد والعقول لتحريك العجلة الاقتصادية وحتى لإدارة بعد المؤسسات العمودية وتنشيط بعد القطاعات مثل التعليم على الاستقدام من الخارج، ليس فقط بسبب وفرة الأموال المتأتية من الثروة النفطية، ولكن أيضا بسبب عدم قدرة مؤسساتها التعليمية على تخريج الكفاءات المطلوبة، فضلا عن حالة العزوف الشديدة من قبل المواطنين على العمل في مهن مرهقة وقليلة الدخل المادي خصوصا في القطاع الخاص، في مقابل التهافت على العمل في القطاع العمومي المريح والمدرّ لامتيازات مالية كبيرة والذي كثيرا ما تحوّل عمل المواطنين فيه إلى نوع من الكفالة الاجتماعية المقنّعة مع وجود الكثير من الإدارات والمصالح العمومية المحشوة بأعداد من الموظفين لا يمارسون أي أعمال فعلية.

وخبرت سلطات الكويت مدى الخلل الذي يمكن أن تحدثه أي إجراءات هادفة للحدّ بشكل سريع وفجئي من عدد الوافدين للعمل في البلاد، وذلك مع تعذّر سدّ الشغورات التي يتركونها في مجالات حساسة وحيوية مثل التعليم.

وينطبق ذلك على قرارات تقييد عمل الوافدين البالغين ستّين سنة من العمر.

◄ هناك توجّه لدى حكومة الشيخ أحمد العبدالله لإجراء تعديلات جذرية على قرار الهيئة العامة للقوى العاملة والمتعلق بالعمال الوافدين ممن بلغوا الستين عاما فما فوق

وظهر ذلك بحسب المصادر مع مغادرة الكثير من الكفاءات التي تمتهن حرفا يصعب إيجاد بديل للعاملين فيها للبلاد لعدم قدرتهم على دفع التكلفة المالية التي فرضها القرار المذكور والمقدرة بنحو 3270 دولار سنويا كشرط لتجديد عقودهم أو تحويلهم من مشغّل إلى آخر ليتسنى لهم مواصلة العمل على الأراضي الكويتية بصورة قانونية.

وتتحدّث دوائر إعلامية كويتية عن انتهاج الحكومة لمسار تصحيحي للقرارات المتخذة في عهد حكومات سابقة بشأن سوق العمل لتدارك النقص الحاد في أعداد العمال الوافدين.

وتقول ذات الدوائر إنّ الشيخ فهد اليوسف النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وزير الداخلية يتولّى قيادة ذلك المسار.

وتشمل إجراءات ترغيب الوافدين في مواصلة العمل في الكويت حماية حقوقهم المادية، حيث هدّد الشيخ فهد اليوسف مؤخرا بملاحقة الشركات التي لا تلتزم بدفع رواتب عمّالها بشكل منتظم.

وقال خلال لقاء جمعه أواخر الأسبوع الماضي مع ممثلي عدد من الشركات إنه سيتم التعامل بكل حزم واتخاذ الإجراءات القانونية الفورية بحق الشركات التي تخالف قرار مجلس الوزراء بشأن دفع أجور عمال الشركات بانتظام، مؤكّدا أنه “لا أحد فوق القانون” الذي “سيطبق على الجميع بمسطرة واحدة”.

كما تعهّد بأن يتابع أولا بأول التزام الشركات بدفع أجور عمالها، حيث أن تأخير وتخاذل بعض الشركات في دفع أجور العمال يدفعهم إلى الاعتصام أو الإضراب، مما يترتب عنه تعطيل العمل.

وتستقبل الكويت الغنية بالنفط أعدادا كبيرة من العمال الأجانب، الكثير منهم من جنوب وجنوب شرق آسيا، ويعمل معظمهم في المنازل وقطاع البناء والخدمات.

ومن المنتظر أن تشمل إجراءات تصحيح قرارات تقييد عمل الوافدين إلى الكويت بسنّ معينة بحسب صحيفة الجريدة المحلية أيضا القرار رقم ثمانية لسنة 2024 الذي أجاز للعمالة المستقدمة بتصاريح عمل على قطاع العقود والمشروعات الحكومية، العملَ خارجه وفق اشتراطات محددة، إلى جانب إلغاء شرط حصول صاحب العلاقة على مؤهل جامعي للتحويل من الحكومي إلى الخاص، إضافة إلى القرار رقم ستة للسنة نفسها والذي سمح بتحويل العمالة المنزلية إلى القطاع الأهلي لفترة محددة.

ومن شأن مختلف هذه الخطوات الإصلاحية بحسب الصحيفة أن تحدّ من الانعكاسات السلبية الواسعة التي يواجهها الاقتصاد الكويتي جراء الإصرار على تطبيقه في ظل ما تبعه من الاستغناء بسهولة عن آلاف الأيدي العاملة صاحبة الخبرة الممتدة لعقود بموجب القرار الذي لم يراع الخبرات المتراكمة التي يتمتع بها هؤلاء العمال ما يكرس ندرة العمالة الفنية المتخصصة.

3