صعوبات مالية تضعف دور البنوك التونسية المشتركة في التنمية

غياب دور البنوك في النهوض بالاقتصاد التونسي أدى إلى استمرار معظمها وخاصة الخاصة في تحقيق المزيد من الإيرادات وحصنت نفسها أكثر من الأزمات.
الجمعة 2024/11/01
الكلام وحده لا يكفي لجذب الزبائن

تونس - تواجه البنوك التونسية المشتركة مع بلدان أخرى تراجعا في نشاطها ما استوجب تدخل الدولة في أكثر من حالة وبأكثر من طريقة للرفع من رأسمال هذه المؤسسات المالية التي تم إنشاؤها في إطار شراكات ثنائية كبنوك تنموية قبل أن تتحول إلى بنوك عامة (تجارية).

وكانت وزيرة المالية سهام البوغديري قد أكدت أن عدم إنقاذ هذه البنوك ستكون له انعكاسات على تصنيف البنوك التونسية عموما، وأيضا على العلاقات مع البلدان الشريكة فيها.

وجاءت تصريحات الوزيرة خلال مصادقة البرلمان الثلاثاء على مشروع قانون يتعلق بالترخيص للدولة بالاكتتاب في رأس مال البنك التونسي السعودي بمبلغ 49.6 مليون دينار (نحو 16 مليون دولار) كمساهمة في عملية زيادة رأس ماله بمبلغ إجمالي يقدر بنحو 32.17 مليون دولار.

والبنوك المشتركة العاملة في البلاد يبلغ عددها خمسة هي البنك التونسي السعودي وبنك تونس الإمارات والبنك التونسي الليبي والبنك التونسي الكويتي والبنك الفرنسي التونسي، وفق المنصة الإلكترونية لوزارة المالية.

وتتحمل معظم الأنظمة المصرفية في العالم مسؤولياتها في دفع الاقتصاد طالما موّلت الاستثمار وسهّلت الوصول إلى القروض، لكن في تونس الوضع مختلف، إذ تبدو وكأن بنوكها في جزيرة معزولة لا علاقة لها بالتنمية.

سهام البوغديري: عدم إنقاذ هذه البنوك له انعكاسات على تصنيف القطاع
سهام البوغديري: عدم إنقاذ هذه البنوك له انعكاسات على تصنيف القطاع

وينشط في البلاد حوالي 43 بنكا، تنقسم بين 23 بنكا مقيما، تتضمن مؤسسات حكومية وخاصة، وسبعة بنوك غير مقيمة و8 مؤسسات للإيجار المالي وبنكي أعمال وشركتين للدفع ومؤسستين لإدارة الديون.

وتشير التقديرات إلى أن إجمالي أصول هذه المؤسسات البنكية يبلغ قرابة 50 مليار دولار، حيث تستحوذ البنوك المقيمة على 92.7 في المئة من هذه الأصول.

وأدى غياب دور البنوك في النهوض بالاقتصاد التونسي المتعثر، في ظل السياسات النقدية والمالية القائمة، بما في ذلك رفع أسعار الفائدة لتطويق التضخم، إلى استمرار معظمها وخاصة الخاصة في تحقيق المزيد من الإيرادات وحصنت نفسها أكثر من الأزمات.

وتظهر البيانات الرسمية أن ودائع البنوك ذات رؤوس الأموال المشتركة لا تتخطى 2.4 في المئة من إجمالي الودائع مقارنة بالبنوك التونسية من القطاع الخاص التي تستحوذ على 35 في المئة من إجمالي الودائع. أما البنوك الأجنبية فتستحوذ على نحو 32.8 في المئة والبنوك الحكومية على 29.8 في المئة من إجمالي الودائع.

وبالنسبة إلى القروض فإن البنوك المشتركة تسهم بحوالي 2.7 في المئة من إجمالي قروض القطاع المصرفي، وأن نشاطها في السوق لا يتجاوز ثلاثة في المئة.

وتؤكد المؤشرات أن ستة بنوك يتقدمها بنك تونس العربي الدولي، تهيمن على 75 في المئة من هذا المجال، وعلى 73 في المئة من سوق القروض، وتحقق أرباحا تقدر بأكثر من ستين في المئة من إجمالي ما يجنيه القطاع.

وتملك الدولة كلا من البنك الوطني الفلاحي وبنك الإسكان والشركة التونسية للبنك، فضلا عن مساهمتها في 16 بنكا خاصا من بين 24 مؤسسة مالية تعمل في البلاد، بينها ثلاثة بنوك غير مقيمة.

وأكدت البوغديري أن مساهمة الدولة بشكل مباشر في عمليات زيادة رأس مال البنوك المشتركة ستقتصر على البنك التونسي السعودي، بينما سيسهم البريد التونسي في زيادة رأس مال بنك تونس الإمارات.

◙ مساهمة تونس بشكل مباشر في عمليات زيادة رأس مال البنوك المشتركة ستقتصر على البنك التونسي السعودي

وأشارت أمام البرلمان أن الصناديق الاجتماعية التونسية عبرت عن رغبتها في تمويل البنك التونسي الليبي.

وتم منذ ثمانينات القرن الماضي إطلاق بنوك مشتركة في إطار شراكات مع بلدان عربية أخرى كالكويت والإمارات والسعودية وقطر وليبيا، لإتمام أو إنجاز مشاريع تنموية بالبلاد، قبل أن يتم تحويلها لاحقا إلى بنوك عامة يتعين عليها منافسة البنوك التجارية.

وأوضحت البوغديري أن عددا من هذه البنوك لم تكن قادرة على المنافسة بحكم صغرها وعدم كفاءة منظومة الحوكمة إلى جانب رصد العديد من الاختلالات على مستويي التنظيم والتسيير.

وتأرجحت سياسة السلطات التونسية تجاه هذه البنوك ما بين التوجه نحو التخلي عن مساهماتها فيها والحفاظ على هذه المساهمات أو الرفع منها.

وكان التوجه الحكومة في 2018 يميل نحو التخلي عن المساهمة في بعض البنوك العمومية والتي لا تتجاوز مساهمة تونس فيها 50 في المئة. وتغير هذا المسار في العام الماضي، حيث تم إقرار المحافظة على مساهمات الدولة في هذه المؤسسات.

ويتضمن برنامج إنقاذ هذه البنوك التدقيق على مستوى الحوكمة والأداء والسياسة التجارية ويشمل مختلف السيناريوهات والفرضيات ويضبط حجم الأموال الذاتية الضرورية لتمكينها من مواصلة نشاطها.

11