مسار الطاقة الخضراء عالميا في مفترق الانتخابات الأميركية

تواجه صناعة الطاقة البديلة التي تعاني من تراجع المستثمرين، حالة من عدم اليقين الممتد بعدما أضافت الانتخابات الأميركية المزيد من الحذر وخاصة على مستوى الأسواق، مما يترك فقط أسهما مختارة على استعداد للاستفادة من أي دفعة يمكن أن توفرها أسعار الفائدة المنخفضة للتمويل.
ميلانو (إيطاليا) - حقق قطاع الطاقة الخضراء تقييمات تشبه الفقاعة خلال الأزمة الصحية، حيث تكدست صناديق رئيسية، منجذبة بانخفاض تكاليف التطوير ومنذ ذلك الحين، انعكست المكاسب بسبب عدة عوامل.
ومن بين تلك العوامل المنافسة المتجددة من الصين وعودة العوائد على الطاقة التقليدية، والقضايا البنيوية للمصادر المتجددة المرتبطة بتعطيل سلسلة التوريد، ونقص وصلات الشبكة وقضايا التخطيط.
وبالنسبة للولايات المتحدة، أثبت قانون خفض التضخم أنه حافز للاستثمار المتجدد، بما في ذلك في بعض الولايات، مما دفع بعض المحللين إلى القول إن فوائده ستستمر.
ويقول آخرون إن احتمال عودة الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض سيوجه التمويل إلى الوقود الأحفوري، حيث وعد بالمزيد من حفر آبار النفط، لكن فوز الديمقراطية كامالا هاريس سيكون ضروريًا لاستعادة الثقة في مصادر الطاقة المتجددة.
وحتى في ذلك الوقت، فإن التعافي لن يكون بحجم طفرة 2020 و2021، كما يقولون، وهو ما يعني أن ثمة قلق يطغى على أعمال هذه الصناعة الناشئة.
وقال ويل ماكنتوش وايت مدير الصناديق في شركة راثبونز لإدارة الأصول في المملكة المتحدة لرويترز إن “الأسعار تنخفض، حسنًا، لكن هذا في الواقع لا يحل مشكلات المنافسة أو الطلب في السوق النهائية، والذي لا يزال موجودا”.
واستطرد وايت الذي تدير شركته كل من تفويضات الاستثمار المستدامة والتقليدية بالإشارة إلى أن ذلك يؤثر “على مسار نمو أقل من ذي قبل”.
وسجلت صناديق الطاقة البديلة تدفقات صافية خارجة لمدة 17 شهرا متتاليا، وهي أطول سلسلة خسائر على بيانات منصة ليبر تعود إلى سبتمبر 2019.
وحتى الآن في عام 2024، سحب المستثمرون أكثر من 11 مليار دولار، ليصل إجمالي الأصول إلى 54.2 مليار دولار. وخلال طفرة عام 2021 في هذه المرحلة من العام، تجاوزت التدفقات الصافية 29 مليار دولار.
وفي غضون عام، يعني التراجع انخفاضا بنحو 28 في المئة في عدد الوحدات القائمة في صندوق آي شارس غلوبال كلين إنيرجي إي.تي.أف، الذي تشمل أكبر مقتنياته شركة فيرست سولار الأميركية إلى جانب شركة المرافق البريطانية أس.أس.إي وشركة يانغتز باور الصينية.
ومن المقرر أن يسجل مؤشر أم.أس.سي.آي غلوبال ألتينرتيف عامه الرابع من الانخفاضات، حيث انخفض بنسبة 18 في المئة منذ بداية 2024، في حين اكتسبت الأسهم العالمية 17 في المئة.
ويتداول المؤشر بخصم 2.7 في المئة عن الأسهم العالمية، على مقياس السعر إلى الأرباح المستقبلية، مقارنة بعلاوة الذروة التي بلغت 25 و50 في المئة خلال عامي 2020 و2022.
وأدى اندلاع حرب أوكرانيا في عام 2022 إلى عوائد قياسية لشركات الطاقة الكبرى وفي بعض الحالات إلى إعادة التفكير في استراتيجيات التحول إلى الطاقة المتجددة.
حكومات العالم لا تزال تحتاج وبشدة إلى حشد جهودها من أجل تحقيق أهداف التحول الأخضر بحلول نهاية العقد الحالي
ويقول ماكنتوش ومديرو صناديق آخرون إن قطاع الطاقة المتجددة لا يزال يستحق الاستثمار ولكن من خلال شركات حيث لا يكون هذا هو المحرك الوحيد للنمو.
ويرى المحللون أن إحدى الطرق للحصول على التعرض هي من خلال مشغلي الشبكة، مثل شركة تيرنا الإيطالية وإيبردرولا الإسبانية، والتي تكون أعمالها المنظمة أقل تقلبًا من أعمال الطاقة المتجددة البحتة.
وتحول بعض مديري الصناديق من الاستثمار الطويل إلى الاستثمار القصير في التحول إلى الطاقة الخضراء.
ووفقا لشركة ميديوبانكا للأبحاث، تعد شركة أورستيد لتطوير طاقة الرياح البحرية من بين أكبر 40 سهمًا متداولًا على المكشوف في موشر ستكوس.
وينتظر المستثمرون أن تبيع الشركة المزيد من الأصول لمساعدتها في إصلاح أوضاعها المالية وأعربوا عن قلقهم من أن فوز ترامب قد يعرض بعض مشاريعها في الولايات المتحدة لخطر عدم الحصول على التصاريح.
احتمال عودة الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض سيوجه التمويل إلى الوقود الأحفوري
وفتحت شركة إدارة الثروات السويسرية أل.أف.جي زيست مركزا قصيرًا على شركة فيستاس الدنماركية لتصنيع توربينات الرياح وإي.دي.بي رينوفافيس البرتغالية على أساس الرأي القائل بأنه بغض النظر عن الانتخابات الأميركية، فإن أرباح القطاع ستظل تحت الضغط.
وقال ألبرتو كونكا، كبير مسؤولي الاستثمار في أل.أف.جي زيست إن “معظم هذه الشركات مثقلة بالديون، والربحية منخفضة، وبينما تنمو، فإن الهوامش تزداد سوءًا بشكل تدريجي”.
وشهدت فيساتس، خامس أسوأ أداء على مؤشر فيتس يوروفيرست 300 على مستوى المنطقة هذا العام، انخفاضًا بنسبة 39 في المئة، وهي تعلن عن نتائجها الفصلية في يوم الانتخابات الأميركية، جنبا إلى جنب مع أورستيد.
وقالت هيرتا ألافا، الإستراتيجية في شركة نورديا في هلسنكي، إن “المنافسة الصينية، التي تقول إنها كانت عدوانية في الألواح الشمسية وتكثفت في توربينات الرياح، كانت مصدر قلق كبير للمستثمرين الغربيين”.
وأوضحت أن تخفيضات الأسعار لم تكن كافية حتى الآن لتحفيز استثمارات الطاقة النظيفة، وتم تعليق العديد من القرارات في انتظار وضوح نتيجة التصويت الأميركي.
وأشار إلى أن الطاقة النظيفة أصبحت “سوقًا لمختاري الأسهم”، وأن بعض صناديق الطاقة المتجددة التي يتم إدارتها بنشاط تفوقت على المؤشرات بهامش كبير. ولم تذكر أمثلة.
ومن بين الصناديق التي قاومت هذا الاتجاه روبيكو سمارت إنيرجي، وهو يدير بنشاط أصول بقيمة 3.2 مليار دولار، والذي ارتفع بنحو 10 في المئة هذا العام.
ومن بين الشركات الأخرى التي حققت أداءً متفوقًا شركة سوزلون إنيرجي الهندية، التي قامت بتثبيت مزارع طاقة الرياح في 17 دولة، والتي ارتفعت بنسبة تزيد عن 80 في المئة كما ارتفع سهم فيرست سولار بنسبة 19 في المئة.
ومن المتوقع أن تنمو السوق العالمية لتكنولوجيا الطاقة النظيفة من 700 مليار دولار الذي سجلها العام الماضي، إلى أكثر من تريليوني دولار بحلول عام 2035، بحسب ما ورد في تحليل نشرته الوكالة الدولية للطاقة، الأربعاء.
وأفادت الوكالة بأن التجارة في تكنولوجيات الطاقة النظيفة، مثل الطاقة الكهروضوئية وطواحين الهواء والسيارات الكهربائية والبطاريات ومضخات الحرارة، يبدو أنها ستتضاعف لثلاث مرات خلال عقد من الزمن، لتصل إلى 575 مليار دولار.
وأوضح المدير التنفيذي للوكالة، فاتح بيرول، أنه “من المنتظر أن تتضاعف قيمة سوق التكنولوجيات النظيفة في العقد المقبل، لتلحق بشكل متزايد بأسواق الوقود الأحفوري”.
وقال إنه “بينما تسعى الدول إلى تحديد دورها في اقتصاد الطاقة الجديد، صارت ثلاثة مجالات سياسية حيوية، وهي مجالات الطاقة والصناعة والتجارة، مترابطة بصورة متزايدة”.
وذكر أنه بينما يترك ذلك الحكومات أمام قرارات صعبة ومعقدة في المستقبل، يوفر هذا التقرير الجديد الرائد للوكالة الدولية للطاقة، أساسا قويا قائما على البيانات لقراراتها.
وأظهر تقرير للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا) نشر مطلع هذا العام أن حكومات العالم لا تزال تحتاج وبشدة إلى حشد جهودها من أجل تحقيق أهداف التحول الأخضر بحلول نهاية العقد الحالي.
وذكرت الوكالة التي تتخذ من أبوظبي مقرا لها، أن الدول عليها مضاعفة قدرات الطاقة المتجددة ثلاث مرات وبمعدل لا يقل عن 16.4 في المئة سنويا لتتمكن من تجسيد الهدف المتفق عليه في كوب 28.