انتخاب نعيم قاسم تثبيت لحالة فراغ القيادة في حزب الله

قاسم ليس الشخصية الكاريزمية القادرة على إبقاء البيئة الاجتماعية للحزب كما كانت، أو الفاعل المتمكن من مشاغلة بقية السياسيين.
الأربعاء 2024/10/30
رجل المرحلة

بيروت – انتخب الثلاثاء نعيم قاسم أمينا عاما لحزب الله بعد أكثر من شهر على مقتل الأمين العام السابق حسن نصرالله، في خطوة تهدف إلى ملء فراغ القيادة الذي يعيشه الحزب، لكن ينظر إليها على أنها ترسيخ للفراغ وأبعد ما يكون عن بديل لنصرالله، بسبب افتقاده لكاريزما القيادة وهو ما يحتاجه الحزب في هذه المرحلة.

وتقول أوساط لبنانية إن نعيم قاسم لا يمتلك مواصفات تؤهله لاستلام قيادة الأحزاب، وإنه لم يصلح أن يكون أمينا عاما عام 1992 بعد اغتيال الأمين العام الأسبق عباس الموسوي، فكيف يمكن أن يكون الشخص الذي يلملم الحزب في هذا الظرف.

وإذا كان قاسم قادرا على إبقاء تماسك الحزب كتنظيم بحكم الانضباط والرواتب والضبط والربط العسكري، فإنه ليس الشخصية الكاريزمية التي تكون قادرة على إبقاء البيئة الاجتماعية للحزب في لبنان كما كانت، أو الفاعل السياسي المتمكن من مشاغلة بقية السياسيين القريبين من حلفاء أو الأبعد ممّن يعتبرهم الحزب مناوئين لخطه السياسي الموالي لإيران.

تعيين نعيم قاسم بمثابة تقديم شخصية ضعيفة تميل إلى الحوار والتهدئة لفتح الطريق أمام أيّ مبادرة تعرض لوقف الحرب بأقل ما يمكن من الخسائر للحزب

وتلتهم البيئة الاجتماعية والسياسية الصعبة من يتصدى لها إن لم يكن متمكنا. وإذا كان نصرالله قد نجح في استقطاب طيف واسع في صفه بالتخويف بواسطة سلاحه أو بإغراءات الدعم والحماية، فإن حزب الله ما بعد الحرب الحالية لن يكون قادرا على التخويف ولا الإغراء، وفي ظل قيادة رخوة سيكون الوضع أكثر صعوبة.

وكما عجز سعد الحريري وفؤاد السنيورة عن الإبقاء على تماسك تيار المستقبل، فإن نعيم قاسم أضعف من أن يقوم بدور القيادي البديل في حزب الله، حتى لمرحلة انتقالية إلى حين تتم صناعة البديل الذي يقدر على ترتيب وضع حزب الله في الساحة اللبنانية.

وترتبط مسيرة قاسم ذي اللحية البيضاء والذي يضع عمامة رجال الدين الشيعة البيضاء، ارتباطا وثيقا بمسيرة نصرالله، وكان يتحرك في ظله، لكنه لا يمتلك ملكة الخطابة مثله أو القدرة على الاستقطاب والمناورة، ما سيؤثر على صورة الحزب في الداخل والخارج.

وأعلن حزب الله الثلاثاء انتخاب نعيم قاسم أمينا عاما خلفا لنصرالله الذي اغتيل في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 سبتمبر الماضي.

وأورد الحزب في بيان “عملاً بالآلية المعتمدة لانتخاب الأمين العام، توافقت شورى حزب الله على انتخاب سماحة الشيخ نعيم قاسم أمينا عامّا لحزب الله”. وقال مصدر مقرّب من حزب الله إنّ انتخابه جرى قبل يومين وتمّ الإعلان عنه الثلاثاء.

وبحسب المصدر، سيشغل قاسم منصب الأمين العام للحزب حتى انتهاء الحرب، على أن يتم انتخاب مجلس شورى جديد يتولى انتخاب الأمين العام.

ويظهر التعيين المؤقت لنعيم قاسم أن الدوائر القيادية في حزب الله، أو من بقي منها تدفع به إلى الواجهة لكونه الشخصية الأبرز في الحزب التي بقيت على قيد الحياة، وليس لقناعتها بأنه الأجدر بخلافة نصر الله.

الحزب تلقى ضربات موجعة
الحزب تلقى ضربات موجعة

ويراهن مراقبون لبنانيون على أن هدف الحزب وإيران من تعيين نعيم قاسم هو تقديم شخصية ضعيفة تميل إلى الحوار والتهدئة لفتح الطريق أمام أيّ مبادرة تعرض لوقف الحرب بأقل ما يمكن من الخسائر للحزب. لكن إسرائيل قد لا تتيح الوقت للأمين العام الجديد للبدء في مسار تقديم التنازلات.

وفي أول رد إسرائيلي على اختيار قاسم، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت “التعيين مؤقت والعد التنازلي بدأ”.

وكتبت الحكومة الإسرائيلية في منشور على حسابها الرسمي باللغة العربية على منصة إكس تقول “قد تكون فترة توليه هذا المنصب الأقصر في تاريخ هذه المنظمة الإرهابية إذا سار على درب سابقيه حسن نصرالله وهاشم صفي الدين”. وأضافت “لا حل في لبنان إلا تفكيك هذه المنظمة كقوة عسكرية”.

ورحّبت حركة حماس الفلسطينية الثلاثاء بانتخاب قاسم. وقالت في بيان تهنئة “نعتبر هذا الانتخاب دليل تعافي الحزب من الاستهدافات التي تعرضت لها الهيئات القيادية، ونؤكد وقوفنا إلى جانب القيادة الجديدة للحزب”. ويأتي انتخاب قاسم بعد اغتيال رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله هاشم صفي الدين الذي كان يعتبر المرشح الأبرز لخلافة نصرالله.

انتخاب قاسم جاء بعد اغتيال رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله هاشم صفي الدين الذي كان يعتبر المرشح الأبرز لخلافة حسن نصرالله

وظهر قاسم في ثلاثة خطابات متلفزة منذ مقتل حسن نصرالله، آخرها في 15 أكتوبر الجاري. وأكد حينها أنّ “الحلّ هو بوقف إطلاق النار”، لكنه شدد على أن الحزب ماض في معركته، وأن إسرائيل “ستهزم”.

وانضوى قاسم (71 عاما) في حركة أمل التي يتزعمها حاليا رئيس البرلمان نبيه بري، لدى انطلاقتها في السبعينات. ثم كان في العام 1982 أحد مؤسسي حزب الله الذي انطلق بدعم إيراني إثر الاجتياح الإسرائيلي للبنان.

وفي العام 1991، عيّنه الأمين العام السابق للحزب الموسوي، نائبا له. وبعد اغتيال الموسوي في ضربة إسرائيلية في جنوب لبنان في العام 1992، خلَفه حسن نصرالله أمينا عاما للحزب، وبقي قاسم في منصبه.

وبينما توقّف حسن نصرالله عن الظهور العلني منذ سنوات طويلة، فقد كان نعيم قاسم يظهر في العلن في مناسبات عدّة. وكان يجري مقابلات تلفزيونية مع وسائل إعلام عربية وغربية، ويشارك في تخريج طلاب مدارس المصطفى التابعة له وفي تكريم المتفوقين، ويعطي دروسا دينية، ويشارك في احتفالات حزب الله متقدما الصفوف الأمامية خصوصا في المناسبات التي يتحدث فيها نصرالله عبر الشاشة.

وخلال قرابة عام من التصعيد بين حزب الله وإسرائيل، شارك في تشييع مقاتلين وقادة من الحزب، كان آخرهم قائد قوة الرضوان، قوات النخبة في حزب الله، إبراهيم عقيل الذي قتل بغارة إسرائيلية في سبتمبر قبل أيام من مقتل نصرالله.

وبحسب مصدر مقرب من حزب الله، تولّى قاسم مهام إدارة الملف الحكومي في لبنان من خلال متابعة عمل الوزراء والنواب، إضافة إلى ملف البلديات والنقابات اللذين يشكلان عصب حزب الله في المؤسسات الرسمية.

 

اقرأ أيضا:

        • ريف العراق ملجأ الهاربين من الحرب في لبنان

        • لبنان يخشى "حزب الله"… بل يخشى إيران!

1