سحر فليك يبثّ الروح في البلوغرانا

الكلاسيكو أعاد للألماني هانز فليك هيبته كمدرب محنك قادر على اللعب مع الكبار لجهة الهزات التي تعرض لها مع منتخب بلاده.
الأربعاء 2024/10/30
نظرة ثاقبة

برشلونة يعود يا سادة. عاد البارسا الذي يعرفه الجميع إلى حضرة عالم كرة القدم الإسبانية والعالمية. عاش عشاق الكرة الإسبانية لحظات مؤثرة ليلة السبت الماضي أعادتهم إلى الزمن الجميل، زمن ليونيل ميسي وأندريس إنييستا وتشافي هيرناديز والرفاق من صانعي الملاحم التاريخية للبلوغرانا. وكأنّ سحرا ما بثه المدرب الألماني هانز فليك في روح النجوم اليافعين ليعود بعجلة الزمن إلى الوراء.

انتصار مدوٍّ برباعية للاشيء ضد الغريم الأزلي ريال مدريد المدجج بنجومه وعلى معلبه سانتياغو برنابيو بالذات. هل هو حلمٌ أم حقيقةٌ؟ لا إنها الحقيقة مكتملة بجميع أركانها. من كان يصدق هذا الانتصار التاريخي الذي حققه برشلونة في الكلاسيكو. لمَ الغرابة في ذلك يقول البعض فيما يحاول آخرون أن يستنكروا على البلوغرانا فرحته بالقول إن الريال لم يكن في “صحنه” بلغة الكرة ولم يشفع له دهاء مدربه العجوز الإيطالي كارلو أنشيلوتي وخبرته ليعود في المباراة على أقله بهدف أو اثنين حفظا لماء الوجه وحفاظا على هيبته القارية.

منْ كان يظنّ أن برشلونة انكسر وتراجع فهو واهم، ومن كان يتصوّر أن النادي الكتالوني العريق سيبقى رهين التعويل على نجم بعينه فهو واهم أيضا، ومن كان يعتقد أيضا أن البارسا لن يعود إلى حضرة الكبار، فهذا لغو لا يمتّ لكرة القدم ونواميسها بصلة. الكلاسيكو يلعب بأوراق مكشوفة ويلعب بدرجات متفاوتة شرط الحضور الذهني للاعبين والمدرب يوم المباراة أو لنقل يوم الامتحان. الكلاسيكو الإسباني مثلما عودنا دائما هو امتحان يتوجب أن يخوضه “الجنود” (اللاعبون) على أرض الملعب بقدرة واقتدار وأن يتحلوا بالثقة والرصانة المطلوبين ويتقيدوا بتعليمات المدرب لكسر الخصم وضربه في مقتل.

◙ الكلاسيكو يلعب بأوراق مكشوفة ويلعب بدرجات متفاوتة شرط الحضور الذهني للاعبين والمدرب يوم المباراة أو لنقل يوم الامتحان

هذا بالضبط ما فعله زملاء الشاب لامين يامال وروبرت ليفاندوفسكي وغيرهما من نجوم برشلونة الذين راهنوا على الثبات والجاهزية ورسموا البسمة على محيّا عشاقهم في كل مكان. سحر البارسا لن يتقادم، سحر الكبار لا يموت، سحر برشلونة يتجدد من جيل إلى جيل.. هذه ربما تكون الحقيقة التي اكتشفها البعض ليلة الكلاسيكو المثير الذي لعب بروح قتالية لكلا الفريقين حتى لا ننكر على المادريديين شغفهم بناديهم والوقوف وراءه في السراء والضراء.

فعل ريال مدريد كل شيء في شوط المباراة الأول، الذي كان شوط الوقوع في فخ التسلسل في كم من مرة. سجل النجم الفرنسي ومعبود الجماهير المادريدية كليان مبامبي أكثر من هدف لكنه لم يُحتسب. الفتى الأسمر ربما لم يكن محظوظا أو أنّ سحرا ما ظل يطارده منذ أن كان في ناديه الباريسي سان جرمان والذي لطالما حلم معه بتتويج قاري لكنه لم يفلح، رغم حجم الأموال التي ضخها القطري ناصر الخليفي. ذلك طور ثان من رحلة هذا الشاب مع الحظ يصعب شرحه لكنه سيترك للزمن وللمستطيل الأخضر فهما القادران على فك شيفرة هذا اللغز.

المهمّ أن “الفار” اشتغل شغلا كبيرا ليحبط آمال جماهير الملكي ويحرمها في أكثر من مناسبة من فرحة، ولو لدقائق أو ثوانٍ، من أخذ الأسبقية. حتى أن مستوى التهكم بعد اللقاء على مدرب الريال بلغ أشده حين علق أحد الساخرين على أنشيلوتي بكونه كان واقعا في فخ التسلسل على خط الملعب مع مدرب البارسا فليك. الأكيد أن رحلة الغريمين الأزليين سوف لن تنتهي عند هذا الكلاسيكو المثير الذي فاز به برشلونة وأقنع وأظهر أنه لا ينحني رغم الانكسارات التي تعرض لها.

لكن الأكيد أيضا أن هذا الكلاسيكو أعاد للألماني هانز فليك هيبته كمدرب محنك قادر على اللعب مع الكبار لجهة الهزات التي تعرض لها مع منتخب بلاده في أكثر من مناسبة. فهنيئا للنادي الكتالوني بهذا الجيل الشاب الذي أظهر أنه يمتلك طموحا لا ينتهي، وحظا أوفر للريال في قادم الاستحقاقات وأكثرها أهمية والأكيد أنه سيكون لقاء العودة وفي برشلونة بالذات في مسرح “الكامب نو”.

17