تحديات تعترض استخدام الأمونيا الخضراء في الشحن البحري

القطاع يصطدم بمعضلتي التكاليف والسلامة لاستخدام الوقود النظيف.
الثلاثاء 2024/10/29
التحول ليس أمرا هينا

تصطدم شركات الشحن البحري التي تكافح لتنظيف أعمالها، بما ينسجم مع مساعي مسح البصمة الكربونية بتحديات تتعلق بصعوبة استخدام الأمونيا الخضراء وذلك بالنظر إلى مشكلتي التكاليف والسلامة، ما قد يبطئ من تحقيق أهداف الصناعة التي تعد من أبرز الملوثين في العالم.

لندن - أكمل الشاحنون في أحد أكبر موانئ التصدير في العالم في غرب أستراليا، بأمان أول عملية نقل للأمونيا من سفينة إلى أخرى الشهر الماضي، وهو اختبار رئيسي لتبنيها كوقود بحري في الدفع نحو طاقة أنظف.

ومن المقرر أن تدخل أول سفن الشحن التي تعمل بالأمونيا الخدمة في العام 2026، وهو أحد البدائل العديدة، التي تستغلها الصناعة لتقليص البصمة الكربونية التي تشكل أحد الاتجاهات الرئيسية لتنظيف قطاع النقل البحري.

لكن الخبراء يقولون إن الأمونيا تواجه عقبات كبيرة تتعلق بالتكلفة والسلامة كوقود شحن مقارنة بغيرها، مثل الغاز الطبيعي المسال والميثانول والوقود الحيوي.

وتكمن جاذبية الأمونيا في أنها خالية من الكربون، وستكون وقودا خاليا من الانبعاثات إذا تم تصنيعها من الهيدروجين المنتج بالكهرباء المتجددة. لكن السلامة تشكل تحديًا كبيرًا للمنتج المستخدم عادة في الأسمدة والمتفجرات.

لور باراتجين: غياب التنظيم والخبرة وسُميّة الأمونيا عوامل ردع للسلامة
لور باراتجين: غياب التنظيم والخبرة وسُميّة الأمونيا عوامل ردع للسلامة

وقالت لور باراتجين، رئيسة العمليات التجارية في شركة التعدين العملاقة ريو تينتو لوكالة رويترز “حاليا، يشكل الافتقار إلى التنظيم والخبرة في الاستخدام وسُميّة الأمونيا على متن السفن عوامل ردع رئيسية للسلامة”.

وريو أكبر منتج عالمي لخام الحديد وأكبر مصدر في مدينة دامبير الأسترالية، حيث أجريت تجربة نقل الأمونيا. وهي تدير سفنًا كبيرة تعمل بالوقود المزدوج تعمل بالوقود البحري التقليدي أو الغاز المسال، لكنها لم تستأجر أو تطلب سفنا تعمل بالوقود المزدوج بعد.

وأضافت باراتجين “في انتظار ثقتنا وثقة شركائنا والصناعة والمجتمعات، في السيطرة على المخاطر بشكل كافٍ، سننظر في استئجار سفن تعمل بالوقود المزدوج للأمونيا، وهو ما يظل توقيته المحدد غير مؤكد”.

كما يتردد الشاحنون الآخرون. وعلى مستوى العالم، تم طلب 25 سفينة تعمل بالوقود المزدوج بالأمونيا فقط حتى هذا العام، متخلفة عن أسطول يضم 722 سفينة تعمل بالغاز و62 سفينة تعمل بالميثانول حتى العام ذاته، بما في ذلك الطلبات والسفن التي تعمل بالفعل.

ولا يوجد سوى سفينتين صغيرتين تعملان بوقود الأمونيا في الخدمة الآن، بما في ذلك قاطرة في اليابان.

وفي أواخر سبتمبر الماضي أعلنت أيموجي، إحدى الشركات التي تُقدِّم حلول تحويل الأمونيا إلى طاقة فعَّالة وقابلة للتطوير والمتقدَّمة، أنّه تمّ إكمال أول سفينة بحرية في العالم تعمل بالأمونيا وخالية من الكربون لرحلتها الأولى بنجاح.

وانطلقت السفينة أن.أتش 3 كاركين، وهي قاطرة بحرية تم بناؤها في الأصل عام 1957، وتزويدها بنظام تحويل الأمونيا إلى طاقة كهربائية من أيموجي، على أحد روافد نهر هدسون، من المنبع من مدينة نيويورك.

ويُشكِّل هذا الإجراء التجريبي خطوة مهمة نحو الحد من انبعاثات الكربون العالمية وتمكين الصناعة البحرية من تحقيق هدف المنظمة البحرية الدولية المتمثل في التوصّل إلى صافي انبعاثات كربونية صفرية بحلول عام 2050.

لا يوجد حاليا في الخدمة سوى سفينتين صغيرتين تعملان بوقود الأمونيا الخضراء، بما في ذلك قاطرة في اليابان

وتنتج صناعات الشحن العالمية ما يقرب من مليار طن من الغازات المسببة للاحتباس الحراري سنويا، أي ما يعادل انبعاثات دولة من مجموعة السبع مثل ألمانيا أو اليابان.

وبمعنى آخر تُنتج حركة الملاحة البحرية الدولية ما يقرب من 3 في المئة من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية، أي أنها أكثر من الانبعاثات المباشرة من قطاع الطيران الذي يتعرض لانتقادات شديدة.

ويشكل تزويد السفن بالوقود، تحديات خاصة بالأمونيا، والتي يمكن أن تسبب تسممًا حادا وتلفا للجلد والعينين والجهاز التنفسي.

وقال يوشيكازو يوروشيتاني، المدير العام لقسم الوقود البحري في شركة ميتسوي أو أي.كي لاينز، التي تصمم ناقلة بضائع سائبة تعمل بالأمونيا، إن “الخطر الأكبر هو التسرب أثناء عمليات التزويد بالوقود”، بالإضافة إلى التسرب من خزانات الوقود.

وحددت دراسة أجراها المركز العالمي لإزالة الكربون البحري 400 خطر مرتبط بتزويد السفن بالأمونيا، والتي يقول المركز إنه يمكن التخفيف منها بإجراءات مثل وصلات الإطلاق في حالات الطوارئ لإغلاق الأنظمة عند اكتشاف تسرب.

لين لو: استخدام الأمونيا يتطلب تحمل أكثر من ضعفي كمية الوقود
لين لو: استخدام الأمونيا يتطلب تحمل أكثر من ضعفي كمية الوقود

وتعمل المنظمة على تطوير خطة تفصيلية للاستجابة لحالات الطوارئ في حالات تسرب الأمونيا، والتي يصعب احتواؤها مقارنة بتسربات النفط.

وقالت لين لو، الرئيسة التنفيذية للمركز العالمي لإزالة الكربون البحري (جي.سي.أم.دي) إنه “بالنسبة إلى النفط، يمكنك أن ترى ذلك، فهو يبقى هناك وينتشر في الماء. لكن الأمونيا تتبدد في الهواء”.

وقد طورت شركة نيبون يوسين كايشا اليابانية (أن.واي.كي)، التي وافقت على بناء أول ناقلة غاز متوسطة الحجم تعمل بالأمونيا في العالم، معدات خاصة لتزويد السفن بالوقود بالأمونيا.

وقال تاكاهيرو روكورودا، المدير العام لمجموعة أعمال الجيل القادم للوقود في شركة أن.واي.كي، إن “الصناعة ستحتاج إلى وضع إرشادات للبحارة لإدارة الوقود بأمان”.

وقامت سنغافورة، أكبر مركز لتزويد السفن بالوقود في العالم، باختيار شركات لدراسة جدوى الأمونيا لتوليد الطاقة والتزويد بالوقود، وهي تعمل على تطوير معايير تزويد السفن بالوقود بالأمونيا.

وسيتعين على التكاليف أن تنخفض بشكل حاد لجعل الأمونيا قادرة على المنافسة في مجال التزويد بالوقود.

وتظهر أرقام الصناعة أن تزويد السفن بالأمونيا يمكن أن يكلف ما بين ضعفين إلى أربعة أضعاف تكلفة الوقود التقليدي، وذلك بسبب العرض المحدود لقطاع النقل البحري وكثافة الطاقة التي تقل بنحو مرتين ونصف عن الوقود التقليدي.

وقال لو “إذا كنت تريد السفر لنفس المسافة، فإما أن تحمل حوالي ضعفين ونصف هذه الكمية من الوقود، أو عليك التزود بالوقود بشكل متكرر حتى يكون لديك ما يكفي من الوقود لتتمكن من القيام بهذه الرحلة”.

وتؤكد شركة وارتسيلا المصنعة للمحركات إن محركات الأمونيا تحتاج أيضًا إلى صيانة إضافية لأن الوقود تآكلي. ومع ذلك، تتوقع هيئة الشحن الأميركية أن تشكل الأمونيا حوالي ثلث التزود بالوقود بحلول عام 2050.

وقال كيني ماكلين، مدير العمليات في شركة بيناينسولا الموردة لوقود السفن “بالتأكيد لن نطرح أيّ منتج في السوق حتى نتأكد بنسبة 100 في المئة من إدارة جميع المخاطر بشكل صحيح”.

11