المركزي الروسي يزيد الفائدة إلى أعلى مستوى منذ عقدين

الاقتصاد الروسي لا يزال يعاني من محنة التضخم التي لا يبدو أنها في طريق الانخفاض.
السبت 2024/10/26
توقعات التضخم مرتفعة

موسكو - فاجأ البنك المركزي الروسي الأسواق الجمعة برفع سعر الفائدة الرئيسي مئتي نقطة أساس إلى 21 في المئة ليتجاوز المستوى القياسي الذي كان عليه بعد الحرب مع أوكرانيا والبالغ عشرين في المئة.

ولكن هذا المستوى من معدل التشديد النقدي هو الأكبر منذ شهر فبراير من العام 2003، مما يدل على أن الاقتصاد الروسي لا يزال يعاني من محنة التضخم التي لا يبدو أنها في طريق الانخفاض على الأقل في الأشهر الستة المقبلة.

وقال البنك المركزي في بيان إن “التضخم الحالي المعدل موسميا بلغ 9.8 في المئة خلال شهر سبتمبر بعد أن بلغ 7.5 في المئة خلال أغسطس وإن التوقعات التضخمية بين السكان بلغت أعلى مستوى لها منذ بداية العام الحالي”.

وأضاف “في الأفق المتوسط الأجل يظل ميزان المخاطر المتعلقة بالتضخم منحرفا بشكل كبير نحو العوامل المؤيدة للتضخم”. وأبقى المركزي على خطابه المتشدد قائلا إن “من الممكن رفع الفائدة مرة أخرى في الاجتماع القادم”.

وأوضح أن توقعات التضخم المرتفعة وانحراف الاقتصاد الروسي عن مسار النمو المتوازن فضلا عن تدهور ظروف التجارة الخارجية هي المخاطر الرئيسية. وتوقع أغلب المحللين الذين استطلعت وكالة رويترز آراءهم زيادة قدرها 100 نقطة أساس فقط على الأقل حتى نهاية العام الحالي.

ويأخذ القرار في الاعتبار مشروع الميزانية الجديد، والذي يُنظر إليه على أنه تضخمي بسبب زيادة الإنفاق العسكري وعجز أعلى من المتوقع بنسبة 1.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لهذا العام.

◙ 21 في المئة النسبة الجديدة لسعر الفائدة الرئيسي للبنك بعد زيادتها بمئتي نقطة أساس

كما أن المعدل هو الأعلى منذ تقديم السعر الرئيسي في عام 2013، ليحل محل سعر إعادة التمويل كتوجيه رئيسي للسوق. وتم تخفيض سعر إعادة التمويل إلى 18 من 21 في المئة خلال فبراير 2003 وظل أقل من 20 في المئة منذ ذلك الحين.

وينظر المحللون إلى الضعف الحالي للعملة الروسية، مع انخفاض سعر الصرف الرسمي للروبل مقابل الدولار الأميركي بأكثر من 12 في المئة منذ أوائل أغسطس الماضي، كعامل تضخمي قوي.

وفضلا عن ذلك، يعكس الارتفاع الدعم السياسي لقيادة البنك المركزي، التي واجهت ضغوطا غير مسبوقة من بعض أقوى رجال الأعمال في البلاد، بما في ذلك رؤساء أكبر شركات النفط والدفاع، لوقف دورة التشديد.

لكن البيانات الرسمية تظهر أنه على الرغم من إجراءات التشديد، فإن الإقراض للشركات لم يتباطأ. وقد نفذ البنك المركزي سلسلة من التدابير الإضافية في الأسابيع الأخيرة للحد من نمو الإقراض.

ويواصل الاقتصاد الروسي النمو ببطء، متأثرا بعوامل تعوق العرض مثل نقص القدرات الإنتاجية والموارد البشرية، في حين تدعم زيادة الإقراض والإنفاق المالي الطلب المحلي.

وخفض صندوق النقد الدولي، الذي ألغى مهمته إلى روسيا الشهر الماضي في أعقاب احتجاجات من قبل العديد من الدول الأوروبية، توقعاته للنمو الاقتصادي في روسيا بنسبة 0.2 إلى 1.3 في المئة خلال العام المقبل من 3.6 في المئة متوقعة هذا العام.

وأشار الصندوق إلى تباطؤ نمو الاستهلاك والاستثمار وسط سوق عمل أقل تشددا ونمو أكثر اعتدالا للأجور. وذكر أن توقعاته تفترض أن البنك المركزي يتبنى موقفا متشددا للسياسة النقدية. وتتوقع الحكومة الروسية رسميا تباطؤ النمو الاقتصادي إلى 2.5 في المئة من النمو المتوقع بنسبة 3.9 في المئة هذا العام.

وتشكو مجموعة متنامية من الشركات الصناعية الروسية وجماعات الضغط التجارية من ارتفاع الفائدة بشكل كبير وتحذر من أن أهداف تطوير البنية الأساسية قد لا تتحقق، ويتحمل المركزي العبء الأكبر من الانتقادات. ويقول الرؤساء التنفيذيون للشركات إن القضية أصبحت الآن حرجة، وتهدد بعرقلة مشاريع الاستثمار المستقبلية والنمو الاقتصادي.

◙ الاقتصاد الروسي يواصل النمو ببطء متأثرا بعوامل تعوق العرض مثل نقص القدرات الإنتاجية والموارد البشرية

وقال الملياردير الروسي أليكسي مورداشوف، أكبر مساهم في شركة سيفيرستال لصناعة الصلب، في أوائل أكتوبر الحالي إن التضخم، الذي يبلغ حاليا نحو 8.5 في المئة، “يشكل في نهاية المطاف تحديات أكثر قابلية للإدارة من أسعار الفائدة المرتفعة”.

وأضاف “الحاجة إلى رفع الفائدة للحد من التضخم واضحة، لكننا بدأنا نذهب إلى أبعد مما ينبغي. نقترب من موقف حيث قد يصبح الدواء أكثر خطورة من المرض”.

وأكد مورداشوف أن هناك علامات مقلقة على أن الشركات تحد من تمويل مشاريع الاستثمار، مفضلة الاحتفاظ بالأموال في حسابات ودائع عالية الفائدة، وهو ما من شأنه أن يعيق التنمية والنمو الاقتصادي.

ورفع البنك المركزي سعر الفائدة إلى 20 في المئة خلال فبراير 2022 لتهدئة الأسواق المضطربة بسبب الحرب مع أوكرانيا ووقف تدفق رأس المال. وخفض المعدل إلى 17 في المئة خلال شهر أبريل من العام نفسه.

وقال سيرجي تشيميزوف، رئيس تكتل الصناعة الحكومي روستيك، إن “القطاعات التكنولوجية الفائقة هي محركات التنمية، لكن سعر الفائدة الرئيسي المرتفع يكبح المزيد من النمو الصناعي”.

وقال في اجتماع عقد في أكتوبر بين شركات الدفاع وبناة الآلات إنه “يجعل القروض (الجديدة) للمزيد من تطوير الشركات بلا معنى عمليا”.

وفي قطاع الطاقة كثيف رأس المال، تتضاءل القدرة على بناء محطات جديدة وتحديث المحطات القديمة. وأدى التضخم إلى ارتفاع حاد في تكاليف المعدات، كما أدت العقوبات الغربية إلى الحد من قدرة موسكو على الوصول إلى التكنولوجيا.

وقالت ألكسندرا بانينا، رئيسة مجلس منتجي الطاقة في روسيا، لرويترز إن “مستوى الفائدة الرئيسي يعني أن الفائدة تشكل الآن الجزء الأكبر من سداد القروض، فنحن بحاجة إلى النضال للحفاظ على كفاءة نظام الطاقة لدينا”.

وأضافت أن “السعر الحالي يثقل كاهل تكلفة مشاريع الاستثمار بشكل كبير”. وتابعت أن “المزيد من النمو في سعر الصرف الرئيسي من شأنه أن يؤدي إلى المزيد من ارتفاع الأسعار لمشاريع الطاقة، وبالتالي أسعار الكهرباء في روسيا”.

10