سفير السودان في الإمارات في مواجهة مع حكومته لرفضه التصعيد

الخرطوم - طلبت وزارة الخارجية السودانية من سفيرها لدى الإمارات عبدالرحمن شرفي، إخلاء منزله على الفور وسحب السيارة المخصصة له، بعد رفضه تنفيذ توجيهاتها بتصعيد الأمور مع أبوظبي وانتقادات شديدة اللهجة وجهها للحكومة على خلفية الشكوى التي تقدمت بها إلى الأمم المتحدة.
وكان السفير شرفي قد رفض تقديم مذكرة احتجاج للخارجية الإماراتية، متحفظا على الأدلة التي قدمتها الحكومة السودانية لإدانة الإمارات في الأمم المتحدة، واصفا إياها بأنها “ضعيفة” وغير كافية لتبرير اتخاذ خطوات تصعيدية.
وحاول شرفي إيضاح نتائج سياسة حكومته تجاه الإمارات، وتداعياتها السلبية على مصالح البلاد، واصفا إياها بأنها “متهورة” وغير محسوبة العواقب. وأشار إلى أن مثل هذه القرارات قد تضر بالعلاقات الثنائية التي تعد الإمارات فيها شريكا إستراتيجيا للسودان على المستوى السياسي والاقتصادي.
وترى أوساط دبلوماسية أن قضية السفير شرفي تثبت مدى التناقض داخل الحكومة السودانية وعدم الدراية بالإجراءات والبروتوكولات الرسمية والتخبط في القرارات مع وجود تيارات متعددة، إذ سبق أن قدمت شكوى ضد الإمارات في الأمم المتحدة تفتقر إلى الأدلة والإثباتات في الوقت الذي يوجد فيه السفير السوداني في أبوظبي.
وحاول السفير إصلاح العلاقات بين البلدين التي تسببت الحكومة السودانية بتوترها بمبررات غير حقيقة وبتحريض من الإسلاميين، حيث أطلق مبادرة لتحسين العلاقات بين الخرطوم وأبوظبي في سبتمبر الماضي الأمر الذي أثار حفيظة القوات المسلحة والموالين لها.
وفي تعليق على قرار الخارجية السودانية بطلبه تقديم مذكرة احتجاج للإمارات، اعتبر شرفي أن هذا الإجراء يفتقر إلى المهنية الدبلوماسية المتعارف عليها، مشيرا إلى أن الطريقة الأنسب كانت تكمن في استدعاء السفير الإماراتي في الخرطوم وتسليمه المذكرة بشكل رسمي. وأكد أن دوره كسفير يجب أن يركز على تعزيز العلاقات وليس تصعيدها دون مبررات واضحة أو أدلة قوية.
◙ قضية شرفي تثبت مدى التناقض داخل الحكومة السودانية وعدم الدراية بالإجراءات والبروتوكولات الرسمية والتخبط في القرارات
وأثار هذا الموقف ردود فعل متباينة داخل الدوائر السياسية والدبلوماسية في السودان، حيث رأى البعض أن قرار الخارجية يعكس ضغوطا داخلية على الحكومة السودانية للتصعيد مع الإمارات في ظل الصراعات الإقليمية والسياسية المتفاقمة، بينما اعتبر آخرون أن موقف السفير شرفي يأتي من منطلق الحفاظ على علاقات جيدة مع شريك مهم مثل الإمارات.
والقرار بسحب الامتيازات من السفير، بما في ذلك منزله الرسمي والسيارة المخصصة له، يشير إلى مدى التوتر في العلاقة بين السفير والحكومة السودانية، مما يضع مستقبل العلاقات السودانية – الإماراتية تحت المجهر، خاصة في ظل الأوضاع السياسية المعقدة التي يمر بها السودان داخليا.
وأشارت مصادر إلى أن هذا الإجراء يؤكد ضعف سيطرة الحكومة على القضايا المتعلقة بالعلاقات الخارجية، أو نتيجة لخلافات بين المسؤولين عن تلك القضايا، وتعدد مراكز القرار.
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي قبل أيام رفض شرفي أمر استدعاء من قبل الحكومة، وأنه لن يقوم بالحضور أو التسليم إلا لحكومة سودانية منتخبة من قبل الشعب السوداني، وليس لسلطة الانقلاب العسكري الحالية. وجاء رد السفير على برقية بعثها وكيل وزارة الخارجية المكلف أنس الطيب الجيلاني، أبلغه فيها بنقله إلى رئاسة الوزارة اعتبارا من الاثنين.
وسبق أن تعرض مقر رئيس بعثة دولة الإمارات في العاصمة السودانية الخرطوم إلى اعتداء من خلال طائرة تابعة للجيش السوداني، ولاقى تنديدا عربيا واسعا، باعتباره انتهاكا خطيرا للمواثيق والأعراف الدولية التي تجرم الاعتداء على حرمة المباني والبعثات الدبلوماسية، ومقرات منتسبي السفارات.
ومنذ بدء الحرب السودانية في أبريل 2023، تؤكد الإمارات حرصها على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان، وتشدد في كل مناسبة على ضرورة تغليب صوت الحكمة والحوار السلمي وإعلاء مصالح السودان العليا والحفاظ على أمنه واستقراره.