هيئة الإذاعة والتلفزيون التركية تطلق خدمة بالفارسية لـ"إزعاج إيران"

جدل واسع في مواقع التواصل والإعلام الإيراني بسبب تصريحات مدير "تي.آر.تي".
الثلاثاء 2024/10/22
الإعلام أقوى الأسلحة

أنقرة - أعلن محمت زاهد سوباجي، المدير العام لهيئة الإذاعة والتلفزيون التركية الحكومية (تي.آر.تي) أنه سيتم إطلاق قناة “تي.آر.تي” الفارسية بحلول نهاية عام 2024. غير أن حديثه عن هدف القناة المتمثل في “إزعاج إيران” أثار جدلا واسعا في البلدين وأصبح مادة للهجمات التي تستهدف أنقرة في مواقع التواصل الاجتماعي.

وشنت وسائل إعلام إيرانية ومسؤولون حكوميون هجوما شرسا على سوباجي وأنقرة معتبرين أن تركيا تسعى إلى تأجيج التوترات مع إيران عندما يكون الشرق الأوسط على صفيح ساخن ومهددا باتساع دائرة الحرب.

وقال وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي الإيراني عباس صالحي إن تصريحات المسؤول الإعلامي التركي “أثارت غضب الإيرانيين”.

وفي اتصال هاتفي مع رئيس مركز الاتصالات الرئاسي التركي، قال صالحي إن “النهج المبدئي” لإيران في السياسة الخارجية يسعى إلى “تعزيز العلاقات مع جيرانها”.

من جهته أعرب مدير الإذاعات الموجهة في التلفزيون الإيراني أحمد نوروزي عن أمله في أن تدين السلطات التركية تصريحات سوباجي “بشكل صحيح وواضح”.

وروجت وسائل إعلام إيرانية، مثل موقع “بارس توداي”، أن “بعض السياسيين الأتراك يعتبرون أن التصريحات المناهضة لإيران التي أدلى بها سوباجي كانت تتماشى مع نظام الكيان الصهيوني”.

وسائل إعلام إيرانية تروّج أن "بعض السياسيين الأتراك يعتبرون تصريحات سوباجي متماشية مع نظام الكيان الصهيوني"

وتناقل الإعلام الإيراني تصريحات من أسماهم “المحللين” بأن “هذه الخطوة من جانب مسؤول إعلامي تركي، خاصة في ظل التوترات الإقليمية التي بلغت ذروتها، تثير القلق والشك”، معتبرين أن “الإجراء تهديد خطير ضد إيران”، بينما ذهب البعض الآخر إلى أن “إيران يجب أن تتخذ موقفًا قويًا ضد التهديدات الثقافية والإعلامية لتركيا ودول أخرى من خلال تعزيز الدبلوماسية العامة واستخدام القوة الناعمة”.

غير أن في أنقرة لم يصدر أي توضيح رسمي حول هذه التصريحات، بينما انتشرت على نطاق واسع في وسائل الإعلام الإيرانية، وأثارت ردود فعل واسعة بين المستخدمين.

وتراوحت ردود الفعل بين دعوة السلطات الإيرانية إلى الرد، واستخدام الأساليب المهينة والتهديدية ضد السياسات التركية.

ويعتقد قسم كبير من وسائل الإعلام المقربة من الحكومة الإيرانية أن إطلاق تركيا للشبكة الناطقة بالفارسية تم بهدف “إزعاج إيران”، معتبرا هذا الإجراء بمثابة نهج عدواني في الحرب الإعلامية.

وزعم إحسان موحديان، وهو أستاذ جامعي، في مقال له على موقع “دبلوماسي إيراني”، أن “الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يخطط لاستخدام قناة تي.آر.تي الناطقة بالفارسية في الترويج للفساد والفحشاء وفرض تركيا كمرجع حضاري في العالم الإسلامي برواية محرّفة”.

ردود الفعل تراوحت بين دعوة السلطات الإيرانية إلى الرد، واستخدام الأساليب المهينة والتهديدية ضد السياسات التركية

ورأى موحديان أن أبعاد هذه القضية تصل إلى “تقسيم إيران”، وتحدث عن سعي أنقرة لـ”إثارة المشاعر العرقية” و”تعزيز النزعة الانفصالية في إيران”، خاصة في “المناطق الأذرية”، مهددا تركيا بأن “إيران لن تحافظ من جانب واحد على حرمة الجوار إلى الأبد”.

ورأى البعض أن تصريحات سوباجي تعكس وجهة نظره الشخصية، لكن تركيا تعمل على بناء نفوذها الثقافي في المنطقة منذ سنوات باستخدام القوة الناعمة، لاسيما من خلال المسلسلات والإنتاجات التلفزيونية.

ويُظهر الإعلان عن إطلاق قناة باللغة الفارسية أن هذا البلد ينوي اتخاذ خطوات أكثر جدية في التأثير على المجتمعات الناطقة بالفارسية. ويكشف طموح تركيا لأنْ تصبح لاعبًا أقوى في مجال الدبلوماسية الثقافية.

ورأى الإعلام الإيراني أن تركيا تسعى إلى جذب السياح والمستثمرين الإيرانيين من خلال التسويق والإعلان وإظهار معالمها الثقافية والاقتصادية، معتبرا أن رغبة أنقرة ترجع إلى ضعف إدارة الإعلام الإيراني، ويعتقد أن تركيا تستغل الفرص المتاحة للهيمنة بشكل أكبر على الرأي العام في إيران.

وإثر عاصفة الانتقادات والضجة خرج مدير شبكة الإذاعة والتلفزيون التركية الحكومية ببيان يوضح فيه خلفية تصريحاته في جامعة أولوداغ في بورصة، قائلا “تصريحاتي كانت تتعلق بالمنافسة مع القنوات الناطقة باللغة الفارسية، وهم منزعجون من هذه المنافسة، وليس الحكومة الإيرانية”.

الإعلام الإيراني رأى أن تركيا تسعى إلى جذب السياح والمستثمرين الإيرانيين من خلال التسويق والإعلان وإظهار معالمها الثقافية والاقتصادية

وتابع “أقوالي حول الجملة التي استخدمتها في جامعة أولوداغ في بورصة تم فصلها عن معناها الأصلي ضمن جدول أعمال رسمي تم إنشاؤه، وسأشاركه مع الرأي العام”.

وأضاف أن خطابه الأكاديمي في جامعة أولوداغ في بورصة، الذي كان مرتجلا واستمر لمدة ساعة تقريبًا، لم يؤخذ كاملا وتم فصل جملة “المنافسة الإعلامية على المستوى الدولي” عن التصريح الأصلي الذي أصبح موضوع الساعة.

وفي الجزء المذكور في الخطاب تمت الإشارة إلى توسع شبكة وسائل الإعلام تي.آر.تي، والتأكيد على أنه في الفترة الأخيرة تمت إضافة تي.آر.تي الألمانية والروسية، والمنصات الرقمية الأفريقية والفرنسية والإسبانية والبلقانية، وهذه إحدى المسؤوليات الأساسية للمؤسسة الإعلامية التركية، التي تنافس بشكل جدي في هذه المجالات.

وأضاف أنه تم اقتطاع جملة من سياقها، لأن تي.آر.تي حققت نجاحا بجميع اللغات التي تبثها، وأزعجت المؤسسات الإعلامية العالمية المنافسة بتلك اللغات.

وتابع أن سياسة منشورات ومحتوى تي.آر.تي بكل قنواتها، بما في ذلك الإيرانية، واضحة للجميع من أجل المساعدة في تطوير العلاقات مع دول المنطقة، و”نعتقد أنه في مثل هذه البيئة الإعلامية التنافسية، ستعكس القناة الفارسية العلاقات المتنامية بين تركيا وإيران في مجال الإعلام”.

من جهتها أفادت وكالة أنباء الأناضول أن القناة من المقرر أن تنطلق بنهاية السنة الجارية في إطار سياسة الشرق الأوسط للحكومة التركية كي تغطي البلدان الناطقة باللغة الفارسية وهي إيران وأفغانستان وطاجيكستان.

وقد بدأت الحكومة التركية تغيير سياساتها الإعلامية خلال الأعوام الماضية وحاولت تغيير بعض التابوهات التي كانت معتمدة منذ 80 عاما في هذه الجمهورية العلمانية.

وقد بثت منذ عام 2004 برامج باللغة الكردية في الإذاعة الحكومية التركية كما تم منذ يناير العام الحالي تأسيس تلفزيون باللغة الكردية. وأسست مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الرسمية منذ نوفمبر من العام الماضي موقعا باللغة الفارسية للناطقين بالفارسية في الشرق الأوسط لبث آخر المستجدات والأخبار المتعلقة بتركيا وإيران والعلاقات بين البلدين.

5