خبراء يجمعون الأعمال الكاملة للمؤرخ إبراهيم بن صالح بن عيسى في 19 مجلدا

الرياض- أنجزت “دارة الملك عبدالعزيز”، كتابا موسوعيا من تسعة عشر مجلدا، بعنوان: “الأعمال الكاملة للمؤرخ إبراهيم بن صالح بن عيسى”.
ويقع هذا المشروع العلمي الضخم الذي يضم مؤلفات الشيخ إبراهيم بن صالح بن عيسى، في تسعة عشر مجلدا، وهي: مخطوط حرب البسوس، وحاشية الروض المربع، وتاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد، وعقد الدرر، ومختصر عنوان المجد، والمجموع الكبير، وجامع الفوائد، ويضم منتقى من مجموع المنقور، وتاريخ منقول من نوازع، وتلخيص أمراء البلد الحرام، وأيام العرب في الجاهلية، إلى جانب جامع الفوائد، وأشعار مختارة، ثم تراجم العلماء، ونوادر الوثائق، ويختم بتقييدات ابن عيسى.
◄ العمل على إنجاز الموسوعة استغرق الكثير من الوقت والجهد في البحث عن أماكن وجود المخطوطات والوثائق والرسائل
وقد بدأ العمل بجمع المواد ورصد المخطوطات وتحديد أماكن وجودها داخل المملكة العربية السعودية وخارجها، ثم العمل على صفها وطباعتها في أكثر من 7000 صفحة، ثم فحصها ومراجعتها وفهرستها وتحقيقها والتعليق على ما يحتاج منها إلى تعليق، وأُعدت فهارس للمجموع تسهل على الباحث الحصول على المعلومة التي يسعى إليها.
ونظرا إلى حجم المشروع وتنوع فنونه ما بين شرعية وتاريخية ولغوية وجغرافية وأنساب وأشعار وتراجم، فقد شُكلت لجان للمشروع، مكونة من: اللجنة الإشرافية، ولجنة ضبط النص والمطابقة، ولجنة جمع المخطوطات والوثائق، واستغرق العمل على المشروع سنوات عدة، حيث مر بمراحل، ووصل عدد أفراد فريق العمل ما يقارب من عشرين شخصا، موزعين على اللجان المذكورة آنفا.
وسار المشروع على منهجية واضحة من حيث جمع ما أمكن من تراث الشيخ إبراهيم بن عيسى، ونسخه، من أجل الاطلاع على محتويات ما كتب الشيخ، خاصة أنه قد ترك تراثا كبيرا، لكنه مشتت في أماكن مختلفة، ثم رتبت هذه المنسوخات بحيث ما تبين أنه كتاب له اسم مستقل طبع بعنوانه، وما كان من المجاميع والأوراق التي كان يدون فيها ابن عيسى أبحاثه وفوائده وملخصاته، فقد نُسخت كل مجموعة على حدة.
وكانت الأصول التي جرى الرجوع إليها هي مخطوطات الكتب التي جمعت من مناطق مختلفة من بلدان العالم، فمن المملكة العربية السعودية جمعت 350 مخطوطة، و220 وثيقة، و133 رسالة، ومن دولة الكويت 102 مخطوطة، ومن جمهورية مصر 15 مخطوطة، ومن جمهورية العراق مخطوطة واحدة، وكذلك من الولايات المتحدة الأميركية.
واستغرق العمل في هذا المجموع الكبير كثيرا من الوقت والجهد في البحث عن أماكن وجود المخطوطات والوثائق والرسائل، وتصنيفها وتدقيقها وتحقيقها، ومقارنة نسخها.
ومن التحديات التي واجهت مشروع إنجاز الأعمال الكاملة للشيخ ابن عيسى أن كتبه ليست مجموعة في مكان واحد، بل متفرقة، فبعضها في خزائن المكتبات في داخل المملكة أو خارجها، وقد يكون في الحصول على بعضها مشقة، إضافة إلى أن كتبه ودفاتره يغلب عليها طابع الكنانيش، وليست مؤلفات مرتبة لها عناوين واضحة، كما أنها ليست مرقمة في معظمها، فكانت تحتاج إلى المزيد من النظر. ومن التحديات أيضا أن الكثير من أوراق ابن عيسى قد كُتبت بخط مستعجل، وفيها الكثير من الشطب وبعض أوراقها مهترئة أو متآكلة، فلزمها كثير من التدقيق والمراجعة؛ لفك الخط وقراءته.
وجاءت الموضوعات المطروحة في مؤلفاته متنوعة، فلم تقتصر على علم معين، ومن أبرز سمات مؤلفاته – من حيث عمق المحتوى العلمي – أنها تناسبُ طالبَ العلم في بدءْ تكوينهِ العلمي والثقافي، كما أنها تناسب المنتهي، والشيخ، وصاحبالاختصاص.
وثمةَ سمة بارزة أخرى جاءت في مؤلفات ابن عيسى تمثلت بالمختصراتِ، والمنتخباتِ من الكتب والأشعارِ، والأحداثِ، ولم نقتصر على تاريخ العرب وأيامهم؛ بل تعدتهُ إلى تاريخ العجم، كما اعتنت بتراجمِ العلماءِ، ونوادرِ الوثائقِ.
يذكر أن المؤرخ “إبراهيم بن صالح بن عيسى”، من مواليد عام 1270 هجريا في بلدة أشيقر، وترعرع في بيئة دينية وعلمية، وتلقى تعليمه في وقت مبكر من عمره، وتتلمذ على عدد من علماء عصره، وتوفي عام 1343هـ في عنيزة ودفن فيها. وتتسم تجربته وإنتاجه بالموسوعية، والاهتمام بتوثيق تاريخ الدولة السعودية.
ويطلق عليه الباحثون لقب أديب الفقهاء وفقيه الأدباء لموسوعيته، ومن أبرز طلابه ممن صاروا علماء فيما بعد الشيوخ عثمان بن صالح القاضي، عبدالرحمن بن ناصر السعدي، عبدالله بن عبدالرحمن الجاسر، سليمان بن صالح البسام، عبدالله بن عبدالوهاب بن زاحم، عمر بن محمد بن فنتوخ، محمد بن مانع، محمد بن علي البيز، عبدالله بن خلف الدحيان، محمد بن ناصر الحناكي، وغيرهم.
وتضم المجموعة الكاملة للمؤرخ مؤلفاته ومراسلاته التي تعكس حياته العلمية والاجتماعية، وكانت لبن عيسى إسهامات كبيرة في توثيق تاريخ الجزيرة العربية في مختلف مراحله ما يجعل من جمع أعماله توثيقا هاما لتاريخ البلاد والحضارات التي تعاقبت عليها وأهم الأحداث التي عاشتها المنطقة، دون إغفال للتاريخ الأدبي والثقافي فيها.