استئناف حركة المبادلات التجارية في معبر رأس جدير بين ليبيا وتونس

تونس – أعلن مسؤول من الجمارك في تونس السبت استئناف المبادلات التجارية بين تونس وليبيا عبر المعبر الرئيسي بين البلدين في رأس جدير بعد توقف دام أكثر من 8 أشهر.
وقال المدير الجهوي للجمارك بولاية مدنين (جنوب شرق) تونس عماد زريق إن الجانب الليبي أنهى أشغال تهيئة الممرات الخاصة بالمبادلات التجارية من الجانب الليبي من المعبر.
وأكد في تصريح لإذاعة “موزاييك” المحلية الخاصة في تونس، السبت، أن ” سلطات الأمن والجمارك من الجانب التونسي تواصل عملها بشكل طبيعي وأن إصلاحات وترتيبات سيتم اعتمادها تطبيقا للاتفاق بين الجانبين”.
ويقع معبر رأس جدير في مدينة بن قردان بمحافظة مدنين جنوب شرق تونس، ويبعد نحو 30 كلم عن مركز المدينة، وقرابة 180 كلم عن العاصمة الليبية طرابلس. ويعدّ المعبر أهمّ معبر برّي لغرب ليبيا ويربطها بتونس، لكنّه أيضا منفذ للتهريب تتنافس الميليشيات المسلّحة الليبية على السيطرة عليه.
وأوقفت ليبيا في مارس الماضي حركة عبور المسافرين والسلع من جانب واحد بدعوى إعادة تهيئة المعبر، في أعقاب اضطرابات أمنية.
ولاحقا توصل الأمازيغ وحكومة عبدالحميد الدبيبة إلى اتفاق، لكن ذلك لم يؤد إلى فتح المعبر. ويسيطر الغموض على التفاهمات في حين يرجّح مراقبون اندلاع الاشتباكات من جديد بين الطرفين في أيّ لحظة، خاصة مع تشديد الحكومةِ الرقابةَ على التهريب، وهو ما يزعج الأمازيغ الذين يسيطرون على خطوط التهريب بين تونس وليبيا.
وفتح المعبر بالكامل بعد توقيع اتفاق أمني بين البلدين، في بداية يوليو الماضي غير أن الحركة التجارية ظلت متعثرة.
وانتزع الدبيبة مهمّة التفتيش في المعبر من شرطة الحدود وكلف إدارة إنفاذ القانون بذلك، ما يعكس تشددا حيال التهريب وخاصة تهريب الوقود.
وضبطت دوريات أمنية ليبية السبت كميات من الوقود المهرب في مركبات للمسافرين عبر معبر رأس جدير الحدودي بين تونس وليبيا، بالإضافة إلى بضائع مختلفة كانت تمر سابقا دون مشاكل.
وقامت حكومة الدبيبة بصيانة المعبر من الجانب الليبي، وهو ما أدى إلى تأخر افتتاحه الذي لم يتم إلا في مطلع الشهر الحالي. ولم تشمل الصيانة سوى إضافة بعض البوابات.
وقدر “المعهد الوطني لرؤساء المؤسسات” وهو منظمة غير حكومية في تونس، في تقرير له، الخسائر الاقتصادية المترتبة على إغلاق المعبر لعدة أشهر، بـ180 مليون دينار تونسي (حوالي 60 مليون دولار).
وأضاف أن الخسائر يمكن أن تصل إلى 300 مليون دينار (100 مليون دولار أميركي) بنهاية العام الجاري.
الطرفان التونسي والليبي يسعيان إلى زيادة حجم التجارة البينية في السنوات القادمة ليبلغ 5 مليارات دينار، وذلك عبر إرساء جميع الآليات الكفيلة بذلك
وبحسب بيانات وزارة التجارة التونسية، تقدر قيمة الصادرات التونسية إلى ليبيا عبر معبر رأس جدير وحده بنحو 160 مليون دولار في 2023 من بين حوالي 883 مليون دولار إجمالي الصادرات التونسية إلى ليبيا في نفس العام.
ويقول مراقبون، إن معبر رأس جدير يحتاج إلى بنية تحتية متقدمة وبالخصوص سكك الحديد لنقل البضائع، كما أن الحالة اللوجستية للمعبر ليست على أحسن حال، وسط دعوات على اقتصار نشاط المعبر على نقل الأشخاص دون السلع.
وأفاد الخبير المالي والمصرفي محمد صالح الجنادي “نحبّذ أن يظل المعبر لتنقل المسافرين من الجانبين التونسي والليبي دون تنقل البضائع، لأن الفترة التي تم فيها إغلاق المعبر تحسن مستوى مؤشرات الاقتصاد التونسي”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “السلطة التونسية قامت بالعديد بالإجراءات لإيقاف التوريد في الفترة الأخيرة، وفي الوقت الذي يعتبر فيه البعض لمعبر شريان اقتصادي وتجاري بين البلدين، فإنه لا يفيد الدولة اقتصاديا، بل تحول إلى نشاط بعض العصابات التي تنقل البضائع”.
وفي سؤاله حول إمكانية تطوير معبر رأس جدير لوجيستيا، قال محمد صالح الجنادي، “الإمكانيات التونسية محدودة في المقابل لا توجد دولة قائمة الذات في ليبيا التي تعاني انقساما سياسيا بحكومتي الشرق والغرب، وهذا ما يزيد الصعوبات بشأن تطوير الحركة للمعبر في الاتجاهين”.
وكان المعبر الحدودي برأس الجدير سابقا يستقبل بين 150 و170 شاحنة معدة للمبادلات التجارية. ويسعى الطرفان التونسي والليبي إلى زيادة حجم التجارة البينية في السنوات القادمة ليبلغ 5 مليارات دينار، وذلك عبر إرساء جميع الآليات الكفيلة بذلك.