كيف تقلع عن التدخين

على الإنسان أن يقنع نفسه جيدا بكل ما يريد الإقدام عليه، حتى لو كان الإقلاع عن التدخين. وخصوصا الإقلاع عن التدخين.
الأحد 2024/10/20
كن حاسما في موقفك من التدخين

كنت على يقين من أن السجائر ستقضي عليّ إن لم أبادر بالقضاء على وجودها في حياتي. فأن يقضي الإنسان أكثر من ثلاثين عاما وهو يدخن بشراهة بمعدل يتجاوز 60 سيارة يوميا مع شيشة صباحية وأخرى مسائية في بعض الأحيان، فذلك يعني الانتحار البطيء والاستعداد لتقبّل النتائج المؤلمة التي قد تفرض نفسها في أيّ لحظة .

المثير في الأمر، أن تكون مقتنعا بأن تلك السيجارة تأخذ جزءا من حياتك. في إحدى المناسبات كنت في لقاء مع الفنان المغربي الكبير عبدالوهاب الدوكالي، وعندما استأذنته بإشعال سيجارة رفض، وقال لي: كل سيجارة تنقص من العمر 15 دقيقة.

كان حاسما في موقفه من التدخين معتبرا إياه عدوا من الواجب تحديه بالمقاطعة التامة. ورحم الله الفنان شعبان عبدالرحيم، وهو يغني على لحنه الرتيب: «حبطل السجاير وأكون إنسان جديد. و من أول يناير خلاص حشيل حديد”.

الدراسات العلمية ترى أن ما يقرب من 10 في المئة من الأشخاص الذين يقلعون عن التدخين في سن 65 عاما يكتسبون 8 سنوات على الأقل من العمر مقارنة بأولئك الذين لا يفعلون ذلك، و8 في المئة من الأشخاص الذين يقلعون عن التدخين في سن 75 عاما يكتسبون 4 سنوات على الأقل من العمر مقارنة بأولئك الذين يستمرون في التدخين، بينما يبلغ متوسط العمر المتوقع للمدخن البالغ من العمر 75 عاما 9 سنوات. إذا توقف هذا الشخص عن التدخين، فسوف يستعيد في المتوسط 0.7 سنة أي 7.8 في المئة من متوسط العمر المتوقع .

في ثلاث مناسبات، حاولت الانقطاع عن التدخين وكنت سرعان ما أعود إليه أكثر لهفة واشتياقا. ذات يوم قررت أن أبتكر طريقة جديدة وهي أن أقضي فترة تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر أخاطب فيها نفسي بمساوئ السيجارة، وبعواقب إدمانها، وما قد أتعرض له لاحقا من أمراض وعلل.

منذ أربع سنوات وفي مثل هذا اليوم، كنت في مكتبي أمام جهاز الكمبيوتر، فتحت علبة السجائر، تناولت منها سيجارة وأشعلتها وأخذت منها نفسا عميقا. قلت: هذه هي السيجارة الأخيرة وسأترك العلبة مفتوحة أمامي متحديا إرادتي. بعد ثلاثة أسابيع كنت قد تخليت عن التدخين، ورميت العلبة في سلة المهملات، والسبب أنني كنت قد أعددت نفسي لذلك تماما عبر ذلك الخطاب الخفي الذي كنت أمارسه معها.

أدركت أن مسألة التقليل من السجائر من الصعب أن تساعد في الإقلاع عنها تماما، والسبب أن الإنسان يمر بالكثير من الضغوط اليومية في حياته، وقد يمر في أيّ لحظة بظروف قد تدفعه إلى حالات من  التوتر أو الاكتئاب أو الحزن أو انفلات الأعصاب وبالتالي إلى فقدان الرقابة عن نفسه والعودة إلى التدخين بشراهة، وكأنه لم يتخذ قرار التقليل منه .

للاستمرار في الإقلاع عن التدخين، كان لا بد من تغيير الطقوس العادات اليومية، وعدم مخالطة المدخنين، وتجنب كل ما يثير الغضب والتوتر، والأهم من ذلك الخروج إلى الطبيعة. بالنسبة إليّ خرجت منذ ذلك الوقت إلى الريف ولم أعد إلى المدينة إلا في أيام معدودات لقضاء بعض الشؤون والحاجات.

بعد السنوات الأربع، أدركت أن البرمجة هي أساس كل شيء، وأن على الإنسان أن يقنع نفسه جيدا بكل ما يريد الإقدام عليه، حتى لو كان الإقلاع عن التدخين. وخصوصا الإقلاع عن التدخين.

18