دعم ترشيح جعجع يضاعف فرص حل أزمة الرئاسة في لبنان

يزداد الحديث في لبنان عن خيار دعم سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية باعتباره الخيار الأقرب والأكثر واقعية لإنهاء مسألة الشغور الرئاسي، لكن الأمر سيحتاج إلى دعم داخلي من السنة، وخارجي من السعودية، في ما يظل خيار بقية المرشحين محدودا ولا يساعد على تجاوز الأزمة السياسية والأمنية في لبنان.
بيروت- يبرز اسم سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية وسليمان فرنجية رئيس تيار المردة المقرب من حزب الله ومن الرئيس السوري بشار الأسد كمرشحين للرئاسة اللبنانية مع ازدياد الحديث عن ضرورة إنهاء الشغور الرئاسي حاليا كضرورة لوقف الحرب بدعم دول إقليمية.
ولا يزال قائد الجيش جوزيف عون حاضرا كخيار ثالث يحظى بقبول من بعض الدول الإقليمية، بينما يراهن جعجع أن الضرورات الراهنة تقتضي انتخابه إذ يعد وجود رئيس للجمهورية في لبنان شرطا أساسيا للتوصل إلى وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، مشيرا إلى أن الرئيس الجديد يجب أن يكون ملتزما بتنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بنزع سلاح الحزب، والتي يعتبرها مفتاح الحل للوضع الحالي.
ويتطلب انتخاب جعجع أن تتبنى السعودية ترشيحه، وأن يحظى بأصوات النواب السنّة في البرلمان. وقد ذكر في تصريحات سابقة أن فوزه يتأمن بأصوات السنّة، وأصوات المعتدلين والتغييريين وبعض النواب المسيحيين، ما يعني خسارة إيران.
وكان لافتا تزامن تصريحاته التي شدد فيها على أن أنصاف الحلول يجب ألا تستمر في بلاده، مع زيارة رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف العاصمة بيروت، إذ تعتبر طهران من أكثر الأطراف المعطلة لحسم هذا الملف.
وقال جعجع في ختام مؤتمر الحوار الوطني “دفاعاً عن لبنان” الذي دعا إليه حزب القوات، إن قوى خارجية سيطرت على قرار الحرب في لبنان. وأضاف أنه “يجب استعادة الدولة اللبنانية في هذه المرحلة بالتحديد”، مردفاً أن لا استقرار في البلاد دون بناء الدولة.
كذلك أكد أنه يجب وضع خارطة طريق واضحة للحالة السياسية في لبنان. وبيّن أنه يجب وقف إطلاق النار قبل أي شيء آخر في البلاد.
ويعاني لبنان من شغور رئاسي منذ حوالي عامين نتيجة الخلافات السياسية بين حزب الله وحلفائه من جهة، وحزب القوات اللبنانية وخصوم الحزب من جهة أخرى. ويعتبر حزب القوات اللبنانية، الذي يقوده جعجع، القوة المسيحية الكبرى في البرلمان اللبناني.
وشهد البلد مؤخرا إعادة تفعيل الحركة الدبلوماسية الغربية والعربية التي تمثّلت بشكل خاص باللجنة الخماسية والتي تضمّ كلًا من قطر والسعودية ومصر وفرنسا والولايات المتحدة.
ومع بدء مرحلة التصعيد الإسرائيلي على لبنان تمّت إعادة طرح النقاش حول ضرورة انتخاب رئيس للجمهوريّة؛ لمعالجة تداعيات الحرب على المستويات كافة الداخلية والخارجيّة.
وفي 8 أكتوبر 2023، أعلن حزب الله فتح “جبهة إسناد” لحركة حماس في غزة ضد إسرائيل، وهو ما قوبل بمعارضة من عدة أحزاب لبنانية، بينها القوات اللبنانية.
وتصاعدت المواجهات بين حزب الله وإسرائيل اعتبارا من 23 سبتمبر الماضي، حيث شنت إسرائيل غارات جوية على لبنان، مستهدفة معاقل لحزب الله وبدأت بعد أيام عمليات برية في جنوب لبنان.
ولفت جعجع بأن لا ثقة للمجتمع الدولي والعربي بالمنظومة الحاكمة الآن في لبنان، مشدداً على أنه يجب انتخاب رئيس جمهورية ذي مصداقية ويطبق القرارات الدولية.
كما أوضح أن الرئيس المقبل يجب أن يتعهد بأن يكون القرار الإستراتيجي بيد الدولة، ويحصر السلاح بيد الجيش اللبناني فقط، وهو مطلب بات الأول بالنسبة للبنانيين الذين لم تكن لهم يد في اندلاع الحرب ولطالما رفضوها.
ويدعم جعجع بالإضافة للعديد من القوى السياسية والشارع اللبناني عموما رئيس الجمهورية الذي يلتزم بحصر السلاح بيد الدولة، مشدداً “نريد من الرئيس القادم أن يتعهد باستعادة أسس الدولة”. وأكد أنه “مع غياب الدولة اللبنانية سيبقى الوضع كما هو الآن”.
وبالإضافة إلى دعوات المسؤولين الغربيين الذين يزورون لبنان بضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، برز خطاب داخلي يقوده رئيس مجلس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري ينادي بضرورة انهاء الشغور الرئاسي، بالرغم من أن الأخير كان متهما من أطراف معارضة بأنه هو الذي يُعرقل انتخاب رئيس.
وأوحى الاتفاق بين الرئاستين، بالإضافة إلى الدعوات المتتالية التي وجّهتها بقية الأطراف والأحزاب، بأن الطبقة السياسية باتت تعي خطورة استمرار الفراغ الرئاسي، وبالتالي ضرورة وضع كل الخلافات والاصطفافات الداخلية والخارجية جانبًا، والخروج بخطاب أو بأداء وطنيّ مسؤول يتخطى المصالح الفئوية بين المحورين المتخاصمين، وبالتالي إعادة استئناف جلسات مجلس النواب لانتخاب الرئيس.
وقد بدا الطرح المتجدد داخليا مرتبطا بالحديث عن ضرورة وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب ونشر الجيش في الجنوب وتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701 الذي وضع حدا لحرب يوليو عام 2006.
وهو ما اعتبره البعض ترجمة للتداعيات السياسية للضربات المتلاحقة على حزب الله. وبالتالي قد يكون التوجّه لانتخاب رئيس يتم التسويق له على أنه سيكون توافقيا لا يستفز طرفا ضد الآخر، هو بمكان ما إرضاء للغرب الذي تسعى الحكومة اللبنانية لاستمالته من أجل الضغط لوقف لإطلاق النار وتقديم مساعدات للبلاد في ظل الظروف المأساوية التي تمرّ بها.
وتتواصل المساعي الدولية لاسيما الأميركية والفرنسية من أجل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، الذي مني بخسائر فادحة خلال الأسابيع الماضية، تجلت أقواها في اغتيال أمينه العام، حسن نصرالله.
وعلى الرغم من تأكيد الحكومة اللبنانية أنها تؤيد وقف النار وتطبيق القرار الأممي 1701 الذي ينص على إخلاء المناطق الحدودية من أي مظاهر مسلحة وانسحاب القوات الإسرائيلية منها، أشار المسؤول الإعلامي لحزب الله محمد عفيف إلى أن الحزب مستعد لحرب قد تطول.
علماً أن العديد من مسؤولي الحزب الذي يعتبر أقوى الفصائل المدعومة إيرانياً في المنطقة، وأكثرها تسلحاً، أعلنوا مراراً خلال الأيام الماضية أن الأولوية لوقف الحرب، التي فتحت في الثامن من أكتوبر 2023 “إسناداً لغزة”.
إلا أن وتيرتها تصاعدت بشكل عنيف مؤخراً بعد أن اغتالت إسرائيل العديد من قيادات الحزب الكبرى.
وكان حزب القوات اللبنانية قد عرض نهاية الأسبوع الماضي، خريطة طريق للحل تقوم على توقف لإطلاق النار، والذهاب لانتخاب رئيس يتعهد مسبقاً بتطبيق القرارات الدولية، وخصوصاً القرارات 1559 و1680 و1701.
ويؤكد حزب الكتائب تأييده تطبيق الـ1559 الذي ينص على حل جميع الميليشيات ونزع سلاحها، إذ أن رئيس الحزب النائب سامي الجميل، اعتبر في يوليو الماضي؛ أي قبل توسع الحرب على لبنان، أن القرار 1559 يختصر المطلوب لإنقاذ لبنان، لافتاً إلى أنه “لو طبّق، لَمَا كانت هناك حاجة للقرار 1701. فالـ1559 هو الأساس ويؤكد حق لبنان بحصر السلاح بيد الجيش، وتجريد الميليشيات منه، ومع عدم تطبيقه ستبقى حياة اللبنانيين معلّقة إلى ما لا نهاية”.