مساع سعودية لتحويل الشرق الأوسط إلى مركز لوجستي عالمي

أعطت السعودية خلال انعقاد المنتدى اللوجستي العالمي (جلف 24) الذي اختتمت فعالياته الاثنين في الرياض أهدافا طموحة تتمثل في تحويل الشرق الأوسط إلى مركز للنقل والخدمات اللوجستية، لبناء نظام إقليمي متعدد المحاور يعزز سلاسل الإمداد العالمية.
الرياض - استغل المسؤولون السعوديون احتضان بلدهم للمنتدى العالمي للوجستيات ليطرحوا أفكارهم حول القطاع الذي يتحمل جزء كبيرا في تحريك التجارة العالمية، خاصة في ظل العثرات التي تعترضه في ظل التوترات الجيوسياسية الكثيرة.
وتلعب صناعة اللوجستيات دورا كبيرا في دعم القطاعات الأخرى، وتحقيق النمو الاقتصادي، حيث تعمل شركات القطاع في كل بلد على دعم الصادرات، واختزال وقت التصدير وتكلفته وتشجيع الصناعات المحلية مع تقديم حلول أكثر كفاءة.
وشدد وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح أثناء إحدى جلسات المنتدى تحت شعار “إعادة رسم خريطة الخدمات اللوجستية العالمية” والذي نظم على مدار ثلاثة أيام على أهمية قطاع النقل لحركة الاستثمار العالمي.
وقال إن “الأكثر أهمية بالنسبة إلينا في المنطقة، هو إقليمية سلاسل التوريد العالمية، حيث كانت العولمة جيدة للاقتصاد العالمي ولن يختفي هذا النظام، لكنه سيتطور إلى نظام إقليمي متعدد المحاور للنقل والخدمات اللوجستية”.
وأكد أن موقع منطقة الشرق الأوسط يؤهلها للعب دور مركزي في هذا المجال، “وسنعمل على بناء مركزنا اللوجستي الإقليمي الخاص بنا، بل نحن في طور إنشائه بالفعل، ولن نبدأ من الصفر”.
وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أطلق العام الماضي “المخطط العام للمراكز اللوجستية”، والذي يضم 59 مركزا بإجمالي مساحة تتجاوز 100 مليون متر مربع، من المقرر أن تكتمل بحلول نهاية هذا العقد.
ويستهدف المخطط تطوير الربط المحلي والإقليمي والدولي لشبكات التجارة الدولية وسلاسل الإمداد العالمية، بالإضافة إلى تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص.
كما يرمي إلى ترسيخ مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي، كونها تمتاز بموقعها الجغرافي الذي يربط ثلاثا من أهم قارات العالم، وهي آسيا وأوروبا وأفريقيا، وفق بيان صادر حينها.
وتعمل الحكومة وفق منهجية تسعى للصعود بترتيب السعودية ضمن أفضل 10 دول في مؤشر الأداء اللوجستي بحلول عام 2030.
وعبّر صالح الجاسر، وزير النقل والخدمات اللوجستية السعودي، عن تفاؤله بمستقبل الخدمات اللوجستية في المنطقة، مشدّداً على أن السعودية “تمضي نحو تحقيق هدفها بالتحول إلى مركز لوجستي عالمي بحلول عام 2030.
وقال “تستهدف الإستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية التي أطلقتها المملكة في منتصف عام 2021 استثمار أكثر من تريليون ريال (270 مليار دولار) حتى نهاية العقد الحالي، وتم بالفعل إنفاق نحو 200 مليار ريال (53.3 مليار دولار) منها”.
وتقدر شركة موردر أنتلجنس أن يبلغ حجم سوق الشحن والخدمات اللوجستية في الشرق الأوسط وأفريقيا نحو 163.5 مليار دولار في عام 2024.
ومن المتوقع أن يصل حجمه إلى 222.6 مليار دولار بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوي مركب يزيد عن 6 في المئة خلال الفترة المتوقعة بين عامي 2024 و2029.
ولي العهد السعودي أطلق العام الماضي "المخطط العام للمراكز اللوجستية"، والذي يضم 59 مركزا بإجمالي مساحة تتجاوز 100 مليون متر مربع
وتبدو الإمارات أحد المساهمين الرئيسيين في معاضدة جهود جارتها الخليجية باعتبار أن صناعة اللوجستيات تشكل أحد مفاتيح التنمية والتكامل الاقتصادي، ليس في المنطقة فحسب، بل ليصل مداها إلى كافة أرجاء العالم.
وشدّد سهيل المزروعي وزير الطاقة وتطوير البنية التحتية ورئيس الهيئة الاتحادية للمواصلات البرية والبحرية في دولة الإمارات، على أهمية التعاون الإقليمي في مجال النقل.
وأعلن أمام المنتدى “إذا جمعنا البنية الأساسية في الإمارات مع تلك الموجودة في السعودية، وعُمان والكويت وقطر، فإن أغلب بلداننا، إن لم يكن كلها، قد بنت بنية تحتية ضخمة للموانئ، لذا فإن ربط بعضها البعض، يشكل قفزة هائلة في الاتصال ستساعد العالم”.
وتعمل السعودية أكبر منتج للنفط في العالم حاليا على الانتهاء من تصميم مشروع لربط العاصمة الرياض بمدينة جدة وموانئ البحر الأحمر عبر خط للسكك الحديد كما كشف خلال المنتدى رميح الرميح نائب وزير النقل والخدمات اللوجستية.
ولفت الرميح خلال حديث أمام المشاركين في المنتدى إلى ضخامة المشروع الذي يتضمن تمديد خطوط القطارات لمسافة تزيد عن ألف كيلومتر.
ويهدف المشروع إلى ربط كافة دول الخليج العربي بالبحر الأحمر، حيث تمتد السكك الحديد بالفعل من شرق مدينة الرياض إلى موانئ الخليج.
وبعد إتمام المشروع يكتمل الربط البري بالقطارات الذي يتفادى أيّ اضطرابات مستقبلية للشحن البحري عبر باب المندب.
وأوضح الرميح أن العمل حاليا يجري للانتهاء من التصميم وترتيب تمويل هذا المشروع الذي سيمتد بعد ذلك إلى دول مجلس التعاون الخليجي. ولم يشر إلى الكلفة التقديرية لتشييده.
والمنتدى، الذي تنظمه وزارة النقل والخدمات اللوجستية، يسعى إلى استكشاف فرص إعادة تشكيل حركة التجارة العالمية وسلاسل الإمداد، عبر توحيد جهود الشركاء.
وأوضح وزير النقل والصناعة المصري كامل الوزير، في مداخلة خلال المنتدى أن بلاده انتهت من تطوير 15 ميناء تجاريا.
وقال الوزير الذي يشغل منصب نائب رئيس الوزراء المصري أن عمليات التطوير تمت بمشاركة كبرى شركات التشغيل والإدارة العالمية، من ضمنها شركات من دولة الإمارات، بما يعزز الدور الإقليمي للموانئ المصرية.
وعلى هامش فعاليات المنتدى اللوجستي العالمي تم توقيع 69 اتفاقية بقيمة إجمالية تبلغ 17 مليار ريال (4.53 مليار دولار).
وخلال اليوم الأول للمنتدى، منحت الهيئة العامة للطيران المدني السعودية 4 رخص تجارية لممارسة الأعمال التجارية واللوجستية في المنطقة اللوجستية المتكاملة بالرياض لشركات عالمية في مجال التكنولوجيا والخدمات اللوجستية والتجارة الإلكترونية.
وسلمت الهيئة ترخيصا تجاريا لشركة سافاير إحدى الشركات التابعة لشركة آلات بالشراكة مع إحدى الشركات في قطاع التكنولوجيا للقيام بالعمليات التصنيعية الخفيفة والخدمات اللوجستية، وتم تسليم ترخيص لشركة دانفوس الدنماركية للقيام بعمليات التصنيع الخفيفة.
وفي مجال التصنيع، سلمت الهيئة ترخيصا لشركة بحري للخدمات اللوجستية لتقديم الخدمات اللوجستية لشركة بوينغ والخاصة بقطع غيار الطائرات.
وفي مجال التجارة الإلكترونية، سلمت الهيئة ترخيصا لشركة شي إن الصينية للقيام بتوزيع المنتجات الخاصة بهم وليكون مركز التوزيع في المنطقة الخاصة اللوجستية المتكاملة مركزا إقليميا يخدم دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.