كلمات متقاطعة من أجل رأفت الهجان

لا يمكن لأحد أن يتذكر رأفت الهجان إلا وتتدفق صور عبدالعزيز من ذاكرته.
السبت 2024/10/12
خيال مرسي صنع الكثير من الحوادث الخيالية

انتحل محمود عبدالعزيز شخصية رأفت الهجان الذي انتحل شخصية رفعت الجمال من خلال صالح مرسي الذي ألف رواية عن حياة جاسوس مصري اخترق المجتمع الإسرائيلي في خمسينات القرن الماضي ليصل إلى طبقاته السياسية العليا، فكان صديقا لرئيسة الوزراء غولدا مائير.

ولكن ديفيد شارل سمحون وهو الاسم الذي عُرف به الهجان في المسلسل المصري هو غير جاك بيتون، الاسم الذي حمله رفعت الجمال في ألمانيا، وقد عاش سنوات في بلدة صغيرة قريبة من فرانكفورت بعد حرب أكتوبر 1973 حتى وفاته.

صنع خيال مرسي الكثير من الحوادث الخيالية من أجل أن يكون المسلسل التلفزيوني مشوقا وهو كان كذلك ولكن ما لم يفكر فيه المؤلف هو أن فراو ريشتر وهو الاسم الذي أُطلق على زوجة رأفت أو جاك الألمانية لن تتمكن من التعرف على الشخص الذي أحبته وعاشت معه وأنجبت منه ابنها الوحيد دانيال.

هل هو جاك بيتون الذي تشهر أوراقه يهوديته أم هو رفعت الجمال الذي تشير إليه هويته المصرية، أم هو رأفت الهجان الذي قام محمود عبدالعزيز بأداء دوره على الشاشة؟

كان رفعت الجمال وهو الشخصية الواقعية يهوى التمثيل وقد ظهر في عدد من الأفلام التي أدرك من خلالها أنه ممثل فاشل. غير أن الفشل في دوره التمثيلي في إسرائيل يعني الموت، لذلك فإنه استمات من أجل أن يكون ديفيد شارل سمحون بكل ما كان يتطلبه الدور من أقنعة وازدواجية عيش.

وكان مقنعا في تقلباته لأن الموت كان هو الآخر مقنعا. رجل واجه الموت وحيدا كما لو أنه حقيقته التي لا تقبل التأجيل. لم يفكر في بطولته المؤجلة التي ستمنحه شهرة لم يعش بريقها.

كان هدفه أن يبقى حيا وهو ما لم يكن متأكدا منه. برع محمود عبدالعزيز في أداء دوره فصارت صورة “الهجان” الحقيقية وهي صورة رفعت الجمال باهتة بالمقارنة مع صورته.

لا يمكن لأحد أن يتذكر رأفت الهجان إلا وتتدفق صور عبدالعزيز من ذاكرته. لو أن حكاية الجاسوس المصري ظلت حبيسة الرواية لاحتفظ الجمال ببريق البطل غير أن ذلك البريق استولى عليه عبدالعزيز كاملا حين تحولت الرواية إلى مسلسل تلفزيوني.

حل الممثل محل الشخص الحقيقي حين استولت النسخة على حقوق الأصل. فهل ظُلم رفعت الجمال حين حلّ محله رأفت الهجان بالقناع الذي صنعه محمود عبدالعزيز؟ قد يظن الكثيرون أن الجمال لو كان حيا ورأى عبدالعزيز يعيده إلى ماضيه لشعر بالسعادة. ذلك مجرد تكهن قد يفسده شعور الجمال بأن الممثل سرق حياته.

18