الجفاف الحاد يقوض محاصيل القمح عالميا

مخزونات القمح العالمية انخفضت من أعلى مستوياتها القياسية قبل خمس سنوات.
الجمعة 2024/10/11
مخزونات منخفضة

لندن - يراقب المحللون تأثيرات ظروف الطقس القاسية على إنتاج القمح في كبرى الدول المصدرة، الأمر الذي قد يخفض المخزونات التي كان من المتوقع بالفعل أن تصل إلى أدنى مستوياتها في تسع سنوات، بينما تغذي ارتفاعا مفاجئا في الأسعار في الأسواق العالمية.

ويضغط الجفاف الذي يصيب الموردين من روسيا، أكبر مورد في العالم، إلى الأرجنتين، على إنتاج الغذاء مما يجعله ضعيفا، حيث أشعلت الهجمات الروسية الأخيرة على سفن الحبوب في البحر الأسود المخاوف بشأن الحرب التي تحد من الإمدادات.

وبينما خسرت الأرجنتين وأستراليا، أكبر مصدرين في نصف الكرة الجنوبي، عدة ملايين من الأطنان من القمح بسبب الجفاف والصقيع، فإن نقص الرطوبة يؤثر على زراعات محاصيل عام 2025 في روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة.

وقال أولي هوي، رئيس الخدمات الاستشارية في شركة إيكون كوميديتس، ومقرها سيدني، لوكالة رويترز، إن “سوق القمح تزداد صرامة وستزداد سوءًا” بفعل المناخ.

وتظهر البيانات الأميركية أن مخزونات القمح العالمية انخفضت من أعلى مستوياتها القياسية قبل خمس سنوات، حيث أضر سوء الأحوال الجوية بالإنتاج والحرب الروسية – الأوكرانية في عام 2022 أديا إلى ارتفاع أسعار الحبوب مؤقتا.

أولي هوي: سوق القمح تزداد صرامة وستزداد سوءا بفعل المناخ
أولي هوي: سوق القمح تزداد صرامة وستزداد سوءا بفعل المناخ

وفي الأسبوع الماضي، أكدت كييف إن الهجمات الروسية ألحقت أضرارا بسفينتين للحبوب هناك، لكن وزيرة الزراعة الروسية أوكسانا لوت أشارت هذا الأسبوع إلى إن “المحاصيل الروسية عانت من الصقيع المتأخر ثم الجفاف منذ أبريل”.

وقالت لوت أثناء مؤتمر صحفي “في بعض المناطق، لم يكن هناك أي أمطار منذ أبريل”. وأضافت “لا أعرف ما إذا كانت هناك سنوات مثل هذه من قبل عندما حدث كل ما يمكن أن يحدث مع المناخ بالفعل”.

وستكون الدول التي تعتمد على توريد القمح وخاصة العربية والأفريقية أكثر عرضة لأي ضرر من تقلص الإنتاج العالمي بسبب عدم تحقيق كفايتها من الإنتاج المحلي سوى عدد محدود منها.

وفي أحدث التوقعات هذا الشهر، رفعت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) بشكل طفيف توقعاتها لإنتاج الحبوب العالمي للعام الجاري إلى 2.85 مليار طن من 2.85 مليار طن سابقا.

وقالت المنظمة إن “الزيادة تأتي نتيجة لتحسين توقعات إنتاج الأرز والقمح، والتي كانت أعلى من الانخفاض الطفيف في إنتاج الحبوب الصلدة عالميا”.

ومن المتوقع أن يزداد استخدام الحبوب عالميا بمقدار 12.4 مليون طن في موسم 2024 – 2025 إلى 2.85 مليار طن. وفي المقابل، خفضت المنظمة توقعاتها لمخزونات الحبوب العالمية عند نهاية موسم 2025 بمقدار 1.7 مليون طن إلى 888.1 مليون طن.

وفي السوق المادية، يتم تسعير قمح البحر الأسود في جنوب شرق آسيا عند حوالي 280 دولارا للطن، بما في ذلك التكلفة والشحن، ارتفاعا من 265 دولارا قبل شهر تقريبًا.

وقفزت العقود الآجلة للقمح في بورصة شيكاغو الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوياتها في أربعة أشهر، حيث تعافت السوق من أضعف مستوياتها منذ عام 2020 في يوليو.

وارتفعت العقود بشكل كبير في سبتمبر الماضي، وسط مخاوف من أن سوء الأحوال الجوية في كبار المصدرين قد يزيد من ضغط المخزونات العالمية التي تتجه بالفعل إلى أدنى مستوى لها في تسع سنوات.

الدول التي تعتمد على التوريد وخاصة العربية والأفريقية ستكون أكثر عرضة لأي ضرر من تقلص الإنتاج العالمي

ويحجم بعض المزارعين في الدول المصدرة، مثل أستراليا وكندا، عن المبيعات تحسبًا لارتفاع الأسعار أكثر.

وذكر أحد تجار الحبوب في سنغافورة يعمل في شركة دولية إن “هذا هو الاتجاه في معظم الأماكن التي يأتي منها القمح، والمزارعون لا يبيعون وأصبح الأمر مشكلة للتجار الذين تعهدوا بالمبيعات للمطاحن”.

وقال المزارع الأميركي دوج كيسلينغ (50 عاما) إنه يصلي من أجل هطول المطر على حقوله في تشيس بولاية كانساس بعد زراعة نحو 1200 فدان (486 هكتارا) من القمح خلال عام ثالث من الجفاف.

وقال “أستطيع أن أحفر بعمق ثلاث إلى أربع بوصات ولا توجد قطرة رطوبة واحدة في هذه التربة”، في إشارة إلى عمق يعادل 8 سنتمترات إلى 10 سنتمترات. وأضاف “إذا هطلت الأمطار، فسوف تنبت. وإذا لم تمطر، فسيكون الأمر صعبا حتى في العام التالي”.

وقال مايك شولتي، المدير التنفيذي للجنة القمح في أوكلاهوما، إن “آفاق الإنتاج في ولاية أوكلاهوما المجاورة أقل لعام 2025 مقارنة بعام 2024 بعد أن أدى الجفاف إلى إبطاء عمليات الزراعة”.

وتتوقع وزارة الزراعة الأميركية أن يبلغ مخزون القمح العالمي في نهاية العام 2024 – 2025 أدنى مستوى له في تسع سنوات عند 257.2 مليون طن حتى مع وصول توقعات الإنتاج العالمي إلى مستوى قياسي بلغ نحو 796.9 مليون طن.

ويتوقع المحللون الذين استطلعت رويترز آراءهم أن تخفض الوكالة توقعاتها للمخزونات الجمعة إلى حوالي 256.14 مليون طن.

وقال تيري رايلي، كبير الاستراتيجيين الزراعيين في شركة ماريكس “هناك مجال كبير للصعود (في الأسعار) إذا قررت وزارة الزراعة الأميركية خفض الإنتاج عالميا بنحو 3.5 مليون إلى 4 ملايين طن”.

وخفضت بورصة حبوب روزاريو تقديراتها لحصاد القمح إلى 19.5 مليون طن من تقدير سابق بلغ نحو 20.5 مليون طن.

وبحسب المحللون فإن أستراليا أنتجت على الأرجح نحو 32 مليون إلى 33 مليون طن من القمح، بزيادة عن العام الماضي، ولكن بانخفاض عن التقديرات السابقة بنحو 2 مليون إلى 3 ملايين طن.

وقال دينيس فوزنيسينسكي، المحلل في بنك الكومنولث، أثناء جولة في مزارع القمح في جنوب أستراليا هذا الأسبوع إن “الجو جاف للغاية، كما لحقت أضرار بسبب الصقيع”. وأضاف “المحاصيل لا تبدو جيدة”.

10