تفاقم الخلافات يهدد زيادة تمويلات مكافحة المناخ

الدول النامية باستثناء الصين تحتاج إلى قرابة 2.4 تريليون دولار سنويا بحلول عام 2030.
الخميس 2024/10/10
من يقدر على حل آفة التلوث؟

يرجح المحللون أن تتعرض الدول الغنية لضغوط في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ الذي تحتضنه أذربيجان خلال نوفمبر لزيادة المليارات من الدولارات التي تقدمها للدول الأكثر فقرا باعتبارها جزءا من مساهماتها لتمويل قضية مكافحة الاحتباس الحراري.

باريس- يسود خلاف بين بلدان العالم بشأن اتفاق مهم مرتبط بالمساعدات المخصصة للتعامل مع تغيّر المناخ، إذ تهدّد الانقسامات حيال الجهة التي ستدفع والمبالغ التي سيتم دفعها فرص التوصل إلى اتفاق في قمة كوب 29 الشهر المقبل.

يبدأ مؤتمر الأمم المتحدة بعد ستة أيام فقط على الانتخابات الأميركية فيما تخيّم على المفاوضات العودة المحتملة لدونالد ترامب، الذي أعلن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ.

وسيحضر قادة العالم اجتماعا لمدة يومين في مستهل القمة في أذربيجان التي تواجه انتقادات على اعتبارها دولة نفطية يعرف عنها عدم تسامحها مع المعارضة.

وفي مفاوضات هذا العام، التي تستمر من 11 إلى 22 نوفمبر المقبل أصبح مصطلح تمويل المناخ الطنان يشير إلى الصعوبات التي يواجهها العالم النامي في الحصول على الأموال التي يحتاجها للاستعداد للاحتباس الحراري العالمي.

وبشكل عام، هو المال الذي يتم إنفاقه بطريقة “متوافقة مع مسار نحو انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المنخفضة والتنمية المقاومة للمناخ”، وفقا للصياغة المستخدمة في اتفاق باريس.

مختار بابايف: المفاوضات معقّدة، لو أنها سهلة لتمّ حلها بالفعل
مختار بابايف: المفاوضات معقّدة، لو أنها سهلة لتمّ حلها بالفعل

ويشمل ذلك الأموال الحكومية أو الخاصة في الطاقة النظيفة مثل طاقتي الشمس والرياح، والتكنولوجيا مثل المركبات الكهربائية، أو تدابير التكيف مثل السدود لمنع ارتفاع مستوى سطح البحر.

وأُطلق على كوب 29 “كوب التمويل” نظرا إلى أنه من المفترض أن تعلن البلدان الثرية التي تتحمّل المسؤولية الأكبر عن الاحترار العالمي عن التزامات لزيادة مساعداتها بشكل كبير للدول الأصغر للتحرّك من أجل المناخ.

وتنقضي مهلة صرف 100 مليار دولار سنويا في 2025، وهو أقل بكثير من احتياجات البلدان النامية. لكن أكبر المانحين، بما في ذلك أوروبا والولايات المتحدة، لم يوضحوا بعد المبلغ الذي سيكونون على استعداد لدفعه، إذ يقاومون الضغوط حتى لعرض مبلغ تقريبي.

ولكن هذا الالتزام يُنظَر إليه على أنه رمزي للغاية، وحاسم في إطلاق العنان لمصادر أخرى للمال، وخاصة رأس المال الخاص.

كما تلعب الدبلوماسية المالية دورها في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومجموعة العشرين، حيث تريد البرازيل المضيفة صياغة ضريبة عالمية على المليارديرات.

وتدعم فرنسا وكينيا وبربادوس أيضا فكرة فرض ضرائب عالمية جديدة، على سبيل المثال على النقل الجوي أو البحري، بدعم من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

ومن بين الخيارات أيضا إعادة توجيه إعانات الوقود الأحفوري نحو الطاقة النظيفة أو محو ديون البلدان الفقيرة في مقابل الاستثمارات المناخية.

وتصدر دعوات إليهم للتعهّد بتريليونات لا مليارات الدولارات فحسب أثناء قمة كوب 29، لكن المناشدة من أجل مبالغ جديدة وكبيرة من الحكومات تتزامن مع حالة مع الضبابية السياسية والاقتصادية بالنسبة للعديد من الدول المانحة.

وحضّت أذربيجان، وهي جمهورية سوفياتية سابقة تقع بين روسيا وإيران ولا تملك خبرة كبيرة في الدبلوماسية الدولية، الأطراف المعنية على استغلال “المرحلة الأخيرة الحاسمة” قبل كوب 29. وسيعقد اجتماع وزاري الأربعاء في باكو على أمل إحراز تقدّم.

وقال المسؤول التنفيذي السابق في قطاع النفط الذي يشغل منصب وزير البيئة ورئيس قمة كوب 29 مختار بابايف “هناك مفاوضات معقّدة. لو أنها سهلة لكان تم حلّها بالفعل. إما سينجح الوزراء أو أنهم سيفشلون معا”. وأضاف في التصريحات الصادرة عنه الشهر الماضي “كل عيون العالم عليهم الآن”.

ويقدر الخبراء المكلفون من الأمم المتحدة أن الدول النامية، باستثناء الصين، تحتاج إلى 2.4 تريليون دولار سنويا بحلول عام 2030. لكن الخط الفاصل بين تمويل المناخ والمساعدات الأجنبية ورأس المال الخاص غالبا ما يكون غير واضح، ويدفع النشطاء إلى شروط أكثر وضوحا تحدد من أين تأتي الأموال، وبأي شكل.

ويفيد مراقبون بأن تحرّك القيادات في مجال المناخ كان ضعيفا هذا العام في ظل تركّز الأنظار على مشاكل أخرى رغم الحرائق والفيضانات وموجات الحر والجفاف في أرجاء العالم.

وبوضعها الحالي، تعد الجهود الدولية لخفض الغازات المسببة لمفعول الدفيئة التي تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض غير كافية لإبقاء الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما بعد الثورة الصناعية، وهو المستوى المحدد في اتفاقية باريس.

وقال رئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ جيم سكيا لصحيفة ذي تلغراف هذا الشهر “يحتمل بأننا في طريقنا نحو احترار عالمي بثلاث درجات مئوية بحلول العام 2100 إذا واصلنا السياسيات القائمة حاليا”.

وتعاني البلدان النامية بشكل غير متناسب من تداعيات تغير المناخ وتسعى إلى اتفاق في كوب 29 يضمن “تمويلا من أجل المناخ” يتجاوز التريليون دولار سنويا، أي ما يعادل عشرة أضعاف المبالغ الحالية.

وتسعى هذه البلدان إلى اتفاقية جديدة لا تغطي كلفة التكنولوجيا منخفضة الكربون وإجراءات التأقلم مثل السدود عند البحار فحسب، بل تغطي التعافي من الكوارث المعروف باسم ملف “الخسائر والأضرار”، وهو أمر لا ترغب الدول المتقدمة بأن يكون مشمولا.

إيفانز نجيوا: يجب علينا ألا نسمح للآخرين بالتخلي عن مسؤولياتهم
إيفانز نجيوا: يجب علينا ألا نسمح للآخرين بالتخلي عن مسؤولياتهم

وتنوي البلدان الملزمة بالدفع والمدرجة على قائمة للبلدان الصناعية وُضعت عام 1992 وتم تأكيدها في اتفاقية باريس للمناخ 2015، مواصلة الدفع لكنها تطالب بأن تساعدها الاقتصادات الناشئة.

ورفضت البلدان النامية ذلك بشكل واضح فيما تشدد على أن إدراج مزيد من الدول المانحة على القائمة غير مطروح للنقاش.

وقال إيفانز نجيوا من ملاوي الذي يرأس مجموعات البلدان الأقل نموا التي تضم الدول الـ45 الأكثر عرضة لتداعيات التغير المناخي، “علينا ألا نسمح للآخرين بالتخلي عن مسؤولياتهم”.

ويعد احتمال عودة ترامب إلى السلطة من بين “القضايا الأساسية” التي تؤثر على المفاوضات، وفق ميشاي روبرتسون، كبير مفاوضي المناخ عن “تحالف البلدان الجزرية الصغيرة”.

ونسبت فرانس برس إلى روبرتسون قوله “ترون ترددا أكبر بكثير عموما من قبل أولئك الذين يساهمون عادة. أعتقد.. بأنهم ينتظرون معرفة إن كانت ستكون هناك حكومة يؤمل أن تبقى في اتفاقية باريس للمناخ”.

وفي وقت يطرأ الجمود على المحادثات، طلبت أذربيجان من منتجي الوقود الأحفوري جمع مليار دولار للتحرّك من أجل المناخ وتعهّدت القيام بأول تبرّع، نظرا لارتباط اقتصادها بالنفط والغاز.

وندد الناشطون بالخطوة على اعتبارها غسل أخضر من قبل دولة تزيد إنتاجها من الوقود الأحفوري وسبق لرئيسها إلهام علييف أن وصف الغاز في أذربيجان بأنه “هبة ربّانية”.

وأفاد أندرياس سيبر من منظمة أورغ 350 أن تردد أذربيجان في التعامل مع قضية التخلي المرحلي عن استخدام الوقود الأحفوري، وهو تعهّد صدر أثناء قمة كوب 28 التي استضافتها الإمارات، “بات نمطا مثيرا للقلق”.

وأفاد تقرير لمجموعة باحثين دولية قبل شهر من انعقاد المؤتمر، بأن العالم في طريقه ليشهد زيادة في المتوسط درجة الحرارة بواقع 2.7 درجة مئوية بحلول عام 2100.

ويحلل الباحثون 35 مؤشرا حيويا في كوكب الأرض سنويا. وأشار التقرير الذي تم نشره الثلاثاء إلى أنه في العام الماضي، وصلت 25 من هذه المؤشرات لمستويات قياسية تحمل تبعات سلبية على المناخ.

وكتب الفريق الذي يقوده وليام ريبل، الأستاذ في جامعة ولاية أوريغون الأميركية أن الاحترار العالمي تم التنبؤ به على نحو صحيح لمدة نصف قرن “ورغم هذه التحذيرات، ما زلنا نتحرك في الاتجاه الخاطئ”.

وبحسب التقرير، ارتفعت انبعاثات الغازات الدفيئة سنويا بنسبة 2.1 في المئة خلال 2023، لتصل إلى مستوى قياسي. ويرجع أكثر من نصف الانبعاثات على مستوى العالم إلى الدول الثلاث الأكثر تسببا في الانبعاثات، وهي الصين والولايات المتحدة والهند.

10