معبر المصنع الرابط بين سوريا ولبنان.. شريان حيوي خارج الخدمة

يعتبر معبر المصنع شريان حياة حيويا بالنسبة إلى سوريا ولبنان، وقد تحول في الأيام الماضية إلى معبر رئيسي للحالات الإنسانية والنازحين القادمين من مختلف أنحاء لبنان، قبل أن تقصفه إسرائيل.
وقبل التصعيد الإسرائيلي في لبنان كان المعبر يشهد حركة تجارية كبيرة بين سوريا ولبنان حيث تمر من خلاله بين 30 و40 شاحنة يوميًا، وتصدر سوريا عبره الألبسة والقطنيات والمصنوعات البلاستيكية، وكل المواد الغذائية باستثناء الخضار والفواكه.
وصرح عضو غرفة تجارة دمشق ياسر أكريّم بأن التصعيد الإسرائيلي في لبنان أثر بشكل كبير على انسياب البضائع المصنّعة محليّا، لاسيما أن الكثير من المواد الأولية الداخلة في صناعتها مستوردة، ما يمكن أن يرفع الأسعار إن لم يكن هناك حل لذلك.
ونقلت صحيفة “الوطن” المقربة من الحكومة السورية عن أكريم قوله إنه نتيجة تخوف المستوردين (عن طريق لبنان أو غيره)، شهدت المواد الاستهلاكية المستوردة حاليًا انكماشًا كبيرًا.
السوريون، خاصة في المنطقة الحدودية، يتخوفون من أن يطالهم التهديد الإسرائيلي لاسيما مع تكثيف إسرائيل غاراتها على مواقع يعتقد أنها لحزب الله والحرس الثوري الإيراني
ويعد لبنان متنفسا للمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية التي تواجه أزمة اقتصادية خانقة نتيجة سنوات من الحرب الأهلية والعقوبات المفروضة على دمشق من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ويعتبر معبر المصنع أحد أهم المعابر الستة الشرعية التي تربط لبنان مع سوريا بريا، إذ يقع على طريق دمشق – بيروت. وقصفت إسرائيل المعبر في الرابع من أكتوبر الحالي، ما أدى إلى قطع الطريق، وتبرر إسرائيل قصفها بأن المعبر يستخدم لأغراض عسكرية من قبل حزب الله اللبناني.
وقال وزير النقل اللبناني لوكالة رويترز في وقت سابق إن القصف الإسرائيلي أحدث حفرة بقطر أربعة أمتار وقطع الطريق الواصل بين لبنان وسوريا، الذي يستخدمه مئات الآلاف للفرار من القصف الإسرائيلي.
ولا يزال الطريق الدولي مغلقا في الاتجاهين حتى اللحظة جراء الغارة. وكان عشرات الآلاف من اللبنانيين واللاجئين السوريين قد سلكوه منذ بدء إسرائيل غاراتها الكثيفة على معاقل حزب الله.
وصرح مسؤول في وزارة النقل السورية الإثنين بأن الطريق بين دمشق وبيروت مازال “مقطوعا بالكامل” أمام حركة السيارات، لكنه “متاح للأشخاص سيرا على الأقدام”.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الإثنين إنّ الضربات الإسرائيلية الأخيرة على المعبر الحدودي الرئيسي بين لبنان وسوريا تعيق فرار النازحين وتعرقل عمليات المساعدات الإنسانية، محذرة من أنّها تعرض المدنيين لـ”مخاطر جسيمة”.
وأضافت المنظمة “حتى لو استهدفت هجمة إسرائيلية هدفا عسكريا مشروعا، قد تبقى غير قانونية إذا كان يُتوقَّع أن تسبب أضرارا مدنية مباشرة غير متناسبة مع المكسب العسكري المتوقع”.
وتابعت “إذا كانت قوات حزب الله تستخدم المعبر لنقل الأسلحة، فهي أيضا تتقاعس عن اتخاذ جميع التدابير الممكنة لحماية المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها”.
وأعلن الجيش الإسرائيلي في بيان الجمعة أنه أغار على نفق أرضي تحت الحدود اللبنانية – السورية، كان حزب الله الذي تمده إيران بالمال والسلاح يستخدمه “لنقل الكثير من الوسائل القتالية”.
معبر المصنع يعتبر أحد أهم المعابر الستة الشرعية التي تربط لبنان مع سوريا بريا، إذ يقع على طريق دمشق – بيروت
وقال الجيش في بيانه “بتوجيه استخباري دقيق من هيئة الاستخبارات العسكرية أغارت مقاتلات سلاح الجو على نفق أرضي عابر للحدود اللبنانية – السورية بطول حوالي 3.5 كلم كان يستخدمه حزب الله لنقل الكثير من الوسائل القتالية ولتخزينها تحت الأرض”.
ولفت مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، خلال زيارة إلى الجانب السوري من المعبر، إلى أن تدفق الأشخاص “تراجع، لكن مازال مئات الأشخاص يتدفقون، وهم يتدفقون أيضا عبر نقاط حدودية أخرى”. وأضاف أن متطوعي الهلال الأحمر “يساعدون الناس في نقل أمتعتهم عبر الحدود” بينما لا يزال الطريق مقطوعًا.
وأحصت السلطات اللبنانية عبور أكثر من 370 ألف شخص من لبنان إلى سوريا، في الفترة الممتدة بين 23 و30 سبتمبر الماضي، غالبيتهم سوريون. وأوضح غراندي أنّ سودانيين وفلسطينيين وأشخاصا من جنسيات أخرى أيضا اجتازوا المعبر، إلى جانب السوريين واللبنانيين.
ومنذ 23 سبتمبر الماضي وسّعت إسرائيل نطاق عملياتها في لبنان، لتشمل جل مناطقه، بما فيها العاصمة بيروت، عبر غارات جوية غير مسبوقة عنفا وكثافة، كما بدأت توغلا بريا في جنوبه، في خطوة تستهدف ضرب البنية التحية لحزب الله.
ويتخوف السوريون، خاصة في المنطقة الحدودية، من أن يطالهم التهديد الإسرائيلي لاسيما مع تكثيف إسرائيل غاراتها على مواقع يعتقد أنها لحزب الله والحرس الثوري الإيراني في الداخل السوري.
ويعاني السوريون من مخلفات حرب أهلية لم يسدل ستارها بعد، وقد أثرت على مختلف مناحي الحياة داخل البلاد ولاسيما المنحى الاقتصادي الذي لا يزال يتلمس خطاه بين أنقاض الحرب.