نسيم رأس رماني تضع المطبخ البحريني على القائمة العالمية

تعتبر الشيف البحرينية نسيم رأس رماني من أبرز الطهاة المبدعين والمتميزين بفضل مهاراتها وشغفها الشديد بالمأكولات، واستطاعت أن تجذب الانتباه إليها، ليس فقط في البحرين الغنية بتراثها الثقافي ومطبخها المتنوع، بل أيضًا على مستوى العالم.
المنامة - بعد مشاركتها في موسمين من النسخة الشرق أوسطية لبرنامج المسابقات التلفزيوني “توب شيف” على قناة “إم بي سي”، حققت نسيم رأس رماني إنجازا بارزا بالوصول إلى النهائيات، حيث تميزت بموهبتها الفريدة في تقديم المطبخ البحريني بأسلوب مبتكر.
وتعتبر نسيم أن انتقالها من مجال الهندسة إلى عالم الطبخ كان رحلة طويلة ومليئة بالتجارب المتنوعة. وتقول “بدأت كمتدربة في أحد أكبر الفنادق ذات الخمس نجوم في البحرين، وبعد ذلك انضممت إلى مدرسة للطبخ على مدار السنوات الخمس الماضية لمواصلة مسيرتي المهنية. كانت تلك الرحلة مليئة بالعمل الجاد والتحديات الذاتية والتعلم المستمر”.
وتحدثت الشيف نسيم عن بداية رحلتها في مجال الطهي ومصادر إلهامها، فقالت “بدأت منذ سن مبكرة جدا، فقد كنت دائما أحب الطعام والطهي والتجريب. كان حلمي دائما أن أتحول إلى طاهية محترفة. عائلتي لم تعارضني أبدا، بل شجعتني على ممارسة هواياتي وألهمتنا للنظر إلى الحياة بإيجابية وفضول، وهو ما ساهم في تنمية شغفي وزيادة ثقتي بنفسي”.
وأسهمت تجربتها العملية ضمن مطاعم حائزة على نجمة ميشلان بفرنسا وسويسرا في تشكيل أسلوبها، إذ تعلمت الانضباط واحترام فنون الطهي، ما أثر بشكل كبير على جودة أطباقها.
وتعكس نسيم شغفها بالطهي الاحترافي والمعاصر من خلال أطباق تجمع بين الأصالة والحداثة.
وتعتبر تجربتها “توب شيف” فرصة نادرة تحمل في طياتها توترا ومفاجآت وتحديات، فضلاً عن الشعور بالمسؤولية كطاهية تمثل بلدها عبر التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي. وعن هذه التجربة تقول “مثل هذه المسابقات قادرة على تحويل المواهب الكامنة إلى حقيقة، حيث تتلاقى الأفكار المبدعة مع المهارات اليدوية لصنع طبقٍ متكامل”.
وعن أصعب طبق أعدته خلال المنافسة قالت “أعتقد أن جميع الأطباق تمثل تحديا بحد ذاتها، خاصة إذا لم أقم بتجربتها من قبل أو كانت غير تقليدية. الأطباق الإبداعية التي تحتوي على أفكار جديدة دائما تحمل مخاطر محتملة. لكنني أؤمن بأن المخاطرة وابتكار الأفكار هما السبيل الوحيد إلى التقدم”.
ومن خلال موسمين من البرنامج تلقت نسيم دروسا قيّمة، أبرزها ضرورة الالتزام الكامل والتفاني في العمل. وتعبر عن ذلك بقولها “إما أن تفعل ذلك بكل قوتك وتركيزك، أو لا تفعل ذلك على الإطلاق”، وهي فلسفة ساعدتها على الحفاظ على هدوئها وانضباطها أثناء تحقيق أهدافها.
وقد تمكنت من شق طريقها بنجاح على الرغم من التحديات التي واجهتها كطاهية عربية في بيئات احترافية. وعن ذلك تقول “كنت واحدة من القلائل في هذا المجال. اعترف بأنها كانت تجربة صعبة، فالعمل في المطابخ ذات الصيت يتطلب طاقة جسدية ونفسية عالية ومثابرة للتعلم من أفضل الطهاة”.
وتتحدث نسيم عن أسرار التميز بين الطهاة المحترفين، مبرزة أهمية التواضع والإبداع واحترام كل مكون غذائي. وتشير إلى وجود فروقات بين الطاهي المحترف والهواة، معتبرة أنه يجب على غير المحترفين التحقق مرتين قبل مشاركة أي معلومات عن الطعام أو الوصفات.
وفي سياق تقديم الأطباق البحرينية بطرق مبتكرة تعتقد نسيم أن الطعام يعكس هوية الطهاة وثقافاتهم، حيث تستلهم من جذورها البحرينية وتجارب طفولتها. وتؤكد على أهمية الجمع بين تقنيات الطهي الأساسية والشغف لإعداد أطباق تحمل هوية وقصة تجعلان تجربة تناولها مميزة.
ومع تزايد النقاش حول كيفية تطوير الأطباق البحرينية، تشدد نسيم على أهمية احترام التقاليد، لكنها ترى أن دورها كطاهية معاصرة لا يقتصر على الحفاظ على الثقافة، بل يمتد إلى تعزيزها من خلال تقديمها بطرق جديدة؛ ذاك أن “فن الطعام هو وسيلة لرواية تاريخ وثقافة بلدي، وهو ما يعزز القيمة التي تحملها أطباقي”.
وفي برنامج “توب شيف” تفتخر نسيم بتقديم طبق “السيفيتشي” البحري، الذي يروي قصة البحر وتجربة الغوص في الكنوز البحرية، وقد أسمته “البحرين”.
وتصف المطبخ البحريني بأنه يتميز بمكونات فريدة وتعقيد نكهات يتداخل مع ثقافات أخرى، ما يجعله مليئا بالحب والراحة، ويظهر كيف يمكن للطعام أن يكون تعبيرا عن المشاعر والثقافة.
وتؤمن نسيم بأن المخاطرة هي مفتاح النجاح في مجال الطهي، حيث تشجع نفسها على تجربة أشياء جديدة بدافع شغفها. وتقول “الدافع يأتي من الداخل. العاطفة والفضول والانضباط هي الأسس التي تساعدني على الابتكار”.
وبعد عشرة أعوام من العمل في هذا المجال أصبحت نسيم طاهية مستقلة، تنقل خبرتها إلى الآخرين من خلال التعليم والتدريب، في حين تواصل تطوير مهاراتها وتقنياتها في الطهي الاحترافي. وتقول “اليوم أستمتع بعالمي في الطهي بكل حرية وسعادة”.