مجزرة طولكرم تعكس عزما إسرائيليا على توسيع نطاق الحرب

طولكرم (الضفة الغربية)- تعد الضربة التي نفذتها القوات الجوية الإسرائيلية في مخيم طول كرم، الأكبر في الضفة الغربية حتى الآن في العمليات التي تصاعدت بشدة منذ بدء الحرب في غزة قبل عام تقريبا وتعد أيضا واحدة من أكبر الهجمات منذ الانتفاضة الفلسطينية الثانية قبل عقدين، فيما تسلط في الوقت ذاته الضوء على توسيع الجيش الإسرائيلي لنطاق الحرب.
ولم تكن الضفة الغربية التي تضم مقر السلطة الفلسطينية، بمنأى عن التصعيد العسكري الإسرائيلي، لكن ضربة الخميس شكلت انعطافة في مسار هذا التصعيد الذي لا تبدو له نهاية ويظهر عزم إسرائيل على توسيع الحرب للضفة ومخيماتها بذريعة ملاحقة الفصائل المسلحة.
وتظهر الأنقاض بمقهى في مدينة طولكرم بالضفة قوة الضربة الجوية الإسرائيلية التي وقعت مساء أمس الخميس وأسفرت عن مقتل قائد محلي كبير في حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) و17 آخرين على الأقل.
ووقعت الضربة في مخيم نورشمس للاجئين في طولكرم، أحد أكثر المخيمات كثافة سكانية في الضفة الغربية وحطمت تماما المقهى في الطابق الأرضي. ووجد عمال الإنقاذ أنفسهم يبحثون وسط أكوام من الأنقاض الخرسانية وسط رائحة الدماء التي ما زالت تفوح في الهواء.
وتظهر حفرتان في مستوى علوي المكان الذي اخترق فيه الصاروخ المبنى المكون من ثلاثة طوابق قبل أن يصل إلى المقهى، الذي يعمل به حفار لإزالة الأنقاض.
وقال نمر فياض صاحب المقهى الذي قتل شقيقه في الضربة "سمعنا صوت انفجار قوي جدا غير معتاد بالنسبة للأصوات إللي سمعناها من درونات وصواريخ مسيرة فتوجهنا مباشرة لمكان القصف فشوفنا مشهد اللي حضرتك شوفتيه المشهد الدامي، طبعا ما كان هيك كان مشهد الجثث والأشلاء على الأرض... سمعنا صوت صاروخ غير معتاد صوت انفجارات متتالية، انفجارين أو ثلاثة متتاليات واشتعلت النيران وصارت تطلع الدخنة (الدخان)"
وأضاف "إحنا معتادين على أصوات المسيرات وعلى أصوات المسيرات الانتحارية طبعا. كان الصوت كثيف جدا وشديد وقوة الانفجار ما اعتدنا عليها، من 2002 ما سمعنا انفجار بها الزخم. طبعا الصواريخ استهدفت مبنى سكنيا لناس مدنيين آمنين عائلة كاملة مسحت من السجل المدني. بأي ذنب؟ أيش ذنبها؟ عائلة نائمة ومطمئنة في منزلها. أصبح لا يوجد أمان للشعب الفلسطيني ومن حق الشعب الفلسطيني تشريع المدافعة عن نفسه".
وقال سكان إن الضربة وقعت بعد تجمع في وسط المخيم للمسلحين المتواجدين هناك. وحين انتهى التجمع، توجه البعض إلى المقهى.
وقال الجيش الإسرائيلي إن الضربة قتلت زاهي عوفي رئيس مكتب حماس في طولكرم المضطربة بشمال الضفة الغربية. وشهدت المدينة اشتباكات متكررة بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلين فلسطينيين.
وأضاف الجيش أن الهجوم يضاف إلى "عدد من أنشطة مكافحة الإرهاب المهمة" التي أجريت في المنطقة منذ بداية الحرب.
وقال سكان محليون إن قائدا آخر من حركة الجهاد الإسلامي المدعومة من إيران قُتل أيضا لكن لم يرد تأكيد بعد من أي من الفصيلين.
وقال الدفاع المدني الفلسطيني إن 18 شخصا على الأقل لقوا حتفهم من بينهم عائلة مؤلفة من خمسة أفراد في شقة في نفس المبنى.
ومع مرور عام تقريبا على الهجوم الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر، أبرزت الغارة على طولكرم مدى اتساع نطاق الحرب الآن.
وبالإضافة إلى القتال في قطاع غزة الذي تحول الآن إلى أنقاض إلى حد كبير، تخوض القوات الإسرائيلية قتالا في جنوب لبنان، في حين أصبحت أجزاء من الضفة الغربية التي شهدت حملات اعتقال ومداهمات متكررة، تشبه منطقة حرب شاملة في الأسابيع الأخيرة.
وشهدت المدن المضطربة في شمال الضفة الغربية مثل طولكرم وجنين عمليات متكررة واسعة النطاق ضد الجماعات المسلحة الفلسطينية في مخيمات اللاجئين.
وقال فيصل سلام رئيس لجنة خدمات مخيم طولكرم "ما حصل في طولكرم هو صورة مصغرة لما يجري في غزة من استهداف المدنين الأطفال والنساء والشيوخ وقتلهم بدم بارد بالقصف بطائرات إف 16".
وقُتل أكثر من 700 فلسطيني في الضفة الغربية على مدى العام الماضي معظمهم من المقاتلين المسلحين، لكن بينهم أيضا شبابا من رماة الحجارة العزل ومدنيين عابرين قتلوا أثناء الاحتجاجات.
وفي الوقت نفسه، قتل فلسطينيون عشرات من الجنود والمدنيين الإسرائيليين في الضفة الغربية وإسرائيل وتمت أحدث العمليات في تل أبيب حيث قتل فلسطينيان من الضفة الغربية سبعة أشخاص بالرصاص .