إسرائيل تديم زخم الإنجازات ضد قادة محور "المقاومة": اغتيال اليد اليمنى للسنوار

الغزيون يخشون من تحول أنظار العالم عنهم إلى لبنان.
الجمعة 2024/10/04
اليد الإسرائيلية تطال روحي مشتهى

إعلان إسرائيل عن اغتيال قيادات من حماس بعد أشهر على العملية يحمل في أحد جوانبه رسالة إلى الجمهور الإسرائيلي عن الإنجازات المستمرة التي تحققها، في ظل ما تواجهه من عثرات في محاولاتها للتوغل في جنوب لبنان.

غزة - اختارت إسرائيل الإعلان عن اغتيال ثلاثة من القيادات البارزة لحركة حماس بينهم اليد اليمنى لرئيسها يحيى السنوار، بعد ثلاثة أشهر على العملية، فيما بدا الغرض من ذلك إدامة زخم الإنجازات ضد قادة محور المقاومة والتخفيف من وقع خسائرها في جنوب لبنان.

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان الخميس “من الممكن الآن تأكيد أمر تصفية كل من روحي مشتهى، الذي كان يعتبر عمليا رئيس سلطة (حكومة) حماس بقطاع غزة، وكذلك سامح السراج المسؤول عن ملف الأمن لدى المكتب السياسي (لحماس)، وسامي عودة رئيس جهاز الأمن العام لحماس”.

ولفت الجيش في بيانه إلى أن العملية نفذت في "غارة مشتركة شنها الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك) قبل نحو ثلاثة أشهر، خلال تواجدهم في مجمع تحت الأرض في شمال قطاع غزة". ويرى مراقبون أن إعلان الجيش الإسرائيلي عن مقتل القيادات الثلاثة بعد مضي أشهر، يندرج في سياق استنزاف معنويات الحركة الفلسطينية وباقي المحور الداعم لها الذي تقوده إيران، والذي تكبد خسائر قاصمة في الفترة الأخيرة.

ويشير المراقبون إلى أن الإعلان موجه أيضا للجمهور الإسرائيلي، لاسيما في ظل التعثرات التي يواجهها الجيش في محاولته للتوغل في جنوب لبنان، حيث يواجه مقاومة شرسة من مقاتلي حزب الله كلفته حتى الآن خسائر بشرية ومادية.

وعلى مدار الحرب الإسرائيلية على غزة، والتي ستدخل قريبا عامها الثاني تعرضت حماس لموجة اغتيالات طالت الصفوف العليا لقيادتها، وأبرزها اغتيال رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية في الحادي والثلاثين من يوليو خلال تواجده في مقر رسمي للضيافة في طهران.

وأعلن الجيش الإسرائيلي مؤخرا عن مقتل محمد الضيف قائد كتائب عزالدين القسام الجناح العسكري لحماس وأحد العقول المدبرة لهجوم السابع من أكتوبر على جنوب إسرائيل، في غارة جوية على منطقة خان يونس في الثالث عشر من يوليو. وقبل ذلك اغتيل صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، في هجوم بطائرة مسيرة استهدف مكتب الحركة في الضاحية الجنوبية لبيروت في الثاني من يناير الماضي. ويعد العاروري أيضا أحد مؤسسي كتائب عزالدين القسام.

ويرى المراقبون أن الخسائر المسجلة في صفوف حماس بالتأكيد لها تأثيراتها في النزاع لكنها ليست قاضية، حيث إن الحركة لا تزال تقاوم داخل القطاع، وسط مخاوف لدى سكان غزة من أن يؤدي التركيز على التصعيد الجاري في لبنان، إلى تحول انتباه العالم عن القطاع إذ قُتل العشرات جراء الضربات الإسرائيلية هذا الأسبوع، وأن تتقلص الاحتمالات، الضعيفة بالفعل، للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

سامي أبوزهري: اندلاع حرب إقليمية يمكن أن يؤدي إلى الضغط على إسرائيل
سامي أبوزهري: اندلاع حرب إقليمية يمكن أن يؤدي إلى الضغط على إسرائيل

وأدى تصاعد الصراع بين إسرائيل وحزب الله المدعوم من إيران على مدى الأسبوعين الماضيين إلى اشتباكات بين القوات الإسرائيلية وحزب الله داخل لبنان وفاقم المخاوف من اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقا. وتقول إسرائيل وحماس إن الصراع في لبنان قد يساعد في إنهاء الحرب في غزة، لكن بعض المحللين والمسؤولين من الدول التي تضطلع بدور الوساطة وسكان غزة يشككون في ذلك.

وقال حسام علي (45 عاما)، وهو من سكان مدينة غزة، لرويترز عبر تطبيق للمراسلة “التركيز على لبنان، هاد يعني أن حرب غزة طوالة”. وأضاف أن أسرته نزحت سبع مرات منذ بدء الصراع بين إسرائيل وحماس في السابع من أكتوبر من العام الماضي. وعندما أطلقت إيران صواريخ باليستية على إسرائيل في وقت متأخر من الثلاثاء، في هجوم توعدت إسرائيل بأن يكون الرد عليه “مؤلما”، رحب بعض سكان غزة بالرشقة الصاروخية التي أضاءت السماء فوقهم.

وقال سامي أبوزهري المسؤول الكبير في حماس إن احتمالات التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة كانت بعيدة قبل التصعيد في لبنان. ومن شأن مثل هذا الاتفاق أن يؤدي إلى إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة والإفراج عن فلسطينيين معتقلين في سجون إسرائيل. وأضاف أبوزهري أن اندلاع حرب إقليمية يمكن أن يؤدي إلى الضغط على إسرائيل للتوصل إلى اتفاق في غزة.

لكن مع تحول الاهتمام إلى لبنان فإن أمد الحرب في غزة قد يطول، حسبما قال أشرف أبوالهول مدير تحرير صحيفة الأهرام المملوكة للدولة في مصر، وهي من الدول المشاركة في جهود الوساطة خلال مفاوضات على مدى شهور من أجل وقف إطلاق النار.

وقال أبوالهول إن “الأخطر من كل ذلك ليس في كون التركيز الإعلامي قد انتقل إلى مكان آخر ولكن في حقيقة أنه لا يوجد أحد اليوم يتحدث عن صفقة أو عن وقف إطلاق نار، وهذا يمنح إسرائيل الحرية لاستكمال تنفيذ مخططاتها وعمليتها العسكرية في قطاع غزة”. ولم تظهر أي مؤشرات بعد على توقف الهجوم الإسرائيلي على حماس في غزة. وأفاد مسعفون الخميس بمقتل 99 فلسطينيا على الأقل في الساعات الأربع والعشرين الماضية.

وقال ماثيو ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، للصحافيين إن الولايات المتحدة لا تزال تركز على التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار رغم أن حماس “عازفة عن المشاركة” منذ أسابيع. ولفت مسؤولون من حماس ودبلوماسيون غربيون في أغسطس إلى أن المفاوضات تعثرت بسبب مطالب إسرائيلية جديدة بإبقاء قواتها في غزة.

وتحدثت نومي بار يعقوب، الخبيرة في دبلوماسية الشرق الأوسط في مركز تشاتام هاوس للأبحاث ومقره لندن، “بينما تقول إسرائيل منذ السابع من أكتوبر إن قدراتها العسكرية مع الضغط على حماس سيساهمان في إعادة الرهائن إلى ديارهم، فقد رأينا أن ما يحدث هو العكس تماما". وأضافت أن الحملة الإسرائيلية المكثفة على حزب الله “تحول الانتباه عن وقف إطلاق النار في غزة لأن التركيز في الوقت الراهن منصب على محاولة تفكيك أكبر قدر ممكن من الترسانة العسكرية للحزب اللبناني".

وقال مسؤول مطلع على محادثات وقف إطلاق النار في غزة لرويترز إن شيئا لن يحدث حتى بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية المقرر إجراؤها في الخامس من نوفمبر “لأن لا أحد يستطيع الضغط بشكل فعّال على (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو، وهو العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة".

وأضاف أن حزب الله أراد، خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، ربط مقترح وقف إطلاق النار لمدة 21 يوما مع إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار في غزة لكن إسرائيل رفضت ذلك وتم إلغاء المخطط. ورفض مسؤولون إسرائيليون كبار علنا فكرة وقف إطلاق النار سريعا مع حزب الله. وقال مصدران أمنيان مصريان إن مقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الأسبوع الماضي أدى إلى تعقيد فرص الوساطة.

2