تشتت القوى الوسطية يضعف موقف الحكومة الأردنية

رئيس الحكومة جعفر حسان يراهن على الأحزاب الوسطية لتشكيل حزام نيابي قوي في مواجهة نفوذ جماعة الإخوان.
الخميس 2024/10/03
الإخوان يستفيدون من تشرذم محور الاعتدال

عمان - تشهد الساحة السياسية الأردنية حالة مخاض عسيرة في علاقة بالمناقشات الجارية بين القوى الحزبية لتشكيل تحالفات انتخابية، تمنحها قدرة على التأثير داخل مجلس النواب الجديد.

وتقول أوساط سياسية إن الأمور لا تبدو سالكة بالنسبة إلى الأحزاب الوسطية، التي يراهن عليها رئيس الحكومة الجديد جعفر حسان لضمان حزام نيابي قوي داعم لحكومته في مواجهة نفوذ جماعة الإخوان المسلمين التي حققت عبر ذراعها السياسية حزب جبهة العمل الإسلامي تفوقا في الانتخابات التشريعية الأخيرة لاسيما على مستوى القائمات العامة (17 مقعدا من أصل 41 مقعدا).

وتوضح الأوساط أن المناوشات التي حصلت عشية الانتخابات التي جرت في العاشر من سبتمبر الماضي، وما تلاها من عملية تشكيل الحكومة الجديدة، كل ذلك أثر على العلاقات بين قيادات الأحزاب الوسطية في الأردن. وأثار جعفر حسان غضب عدد من الأحزاب الوسطية المعروف قربها من المنظومة السياسية. وترى تلك الأحزاب أن حسان تعاطى بانتقائية مع المشاورات التي قادها لتشكيل حكومته، حينما اجتمع بأحزاب دون أخرى، ومنح حقائب وزارية لشخصيات حزبية بعينها.

وكان حسان كلف الأمين العام لحزب الميثاق الوطني وزير الإعلام السابق محمد المومني بحقيبة الاتصال الحكومي، والأمين العام لحزب "تقدم" البرلماني السابق خالد البكار بمهام وزارة العمل.

وتعتقد الأوساط ذاتها أن دوائر صنع القرار في الأردن ستحرص على إعادة لم شمل القوى الوسطية حيث أن حالة التشرذم الحالية لا تخدم عملية التحديث السياسي التي أطلقتها المملكة قبل نحو عامين، ومن شأنها أن تمنح جماعة الإخوان السيطرة على مجلس النواب الجديد، وهذا أمر بالتأكيد ستكون له ارتدادات كبيرة على حكومة حسان وعلى مشاريع القوانين التي تعتزم طرحها على مجلس النواب الجديد.

◙ الأمور لا تبدو سالكة بالنسبة إلى الأحزاب الوسطية التي يراهن عليها جعفر حسان لضمان حزام نيابي قوي داعم لحكومته في مواجهة نفوذ الإخوان المسلمين

وتشير الأوساط إلى أن هناك نواة لتحالف وسطي تشكل قبل أيام يمكن الرهان عليها لبناء تكتل وسطي واسع. واتفق حزبا "إرادة" الوسطي و"الوطني الإسلامي" مؤخرا على تشكيل تحالف نيابي. وجاء الاتفاق خلال اجتماع تنسيقي عقد برئاسة الأمينين العامين للحزبين، نضال البطاينة ومصطفى العماوي.

وأكدت قيادتا الحزبين على أن المجال مفتوح لباقي الأحزاب الوطنية الأخرى للانخراط، حيث أن “الهدف هو تحقيق أهداف مشتركة بين الحزبين بتوحيد الجهد الحزبي داخل البرلمان وتنظيمه وتوحيد الخطاب والموقف السياسي”.

وأشارت القيادتان إلى أن “التحديات التي تحيط بالأردن وفي الإقليم تتطلب الارتقاء والنهوض بالعمل البرلماني كما طالب الملك عبدالله الثاني وهذا ما ينتظره المواطن لكي تتغير نظرته وثقته بمجالس النواب". ونجح حزب إرادة الذي تشكل قبل نحو عامين في الحصول على 23 مقعدا في الانتخابات الأخيرة، فيما حصل الحزب الوطني الإسلامي، الذي يضم في أغلبه منشقين سابقا عن جماعة الإخوان المسلمين، على سبعة مقاعد.

ومن المفترض حسب الاتفاق أن يشكل الحزبان فيما يلي كتلة واحدة مندمجة ومتقاربة إلى حد ما، الأمر الذي يعزز فرصتيهما في التفاوض على اللجان. وهناك حديث عن مشاورات تجري لانضمام حزب الميثاق الوطني الذي حصل على نحو 30 مقعدا للتحالف الوليد لكن حتى الآن لم يتم الحسم في القرار.

ويقول المراقبون إن صدور إرادة ملكية بتأجيل الدورة العادية الأولى لمجلس النواب إلى السابع عشر من نوفمبر المقبل، يهدف إلى منح الأحزاب المزيد من الوقت للنقاش بشأن التحالفات، ولترتيب أوراقها تمهيدا لخوض معركة الانتخابات الداخلية لاختيار رئيس للمجلس الجديد واللجان التي تكتسي أهمية بالغة.

وأبدى مسؤولون حكوميون تململا حيال الطريقة التي تتعاطى بها الأحزاب مع الاستحقاقات المفروضة، والتي تعكس قلة نضج وعدم إدراك لدورها في عملية تنزيل الإصلاحات السياسية على أرض الواقع. وأكد وزير الشؤون السياسية والبرلمانية عبدالمنعم العودات أن التحديث السياسي هو مشروع وطني يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف الفاعلة وفي مقدمتها الأحزاب، وليس مسؤولية فردية تخص جهة دون غيرها.

وقال العودات خلال لقائه الأحد حزب تقدّم إن العلاقة مع الأحزاب يفترض أن تكون علاقة شراكة مبنية على الثقة والمسؤولية المشتركة والتعاون والتنسيق وتبادل الأفكار، لتطوير العملية السياسية. وأضاف، خلال اللقاء الذي يأتي ضمن سلسلة لقاءات مع الأحزاب لتعزيز العلاقة بين الجانبين، “أن الأردن استطاع التغلب على الظروف الإقليمية الصعبة، والمعقدة التي تهدد أمن واستقرار هذه المنطقة، والتي تفرض علينا ترتيب بيتنا الداخلي، وتعزيز وحدتنا الوطنية، وتعظيم عناصر قوة بلدنا في مواجهة كل الاحتمالات”.

◙ صدور إرادة ملكية بتأجيل الدورة العادية الأولى لمجلس النواب إلى السابع عشر من نوفمبر المقبل يهدف إلى منح الأحزاب المزيد من الوقت للنقاش بشأن التحالفات

وأكد العودات أن هذا يعتمد على مدى قوة وتماسك الأحزاب السياسية، وقدرتها على استقطاب شرائح المجتمع كافة، وصياغة برامج تحاكي عمليات النهوض بقطاعات ومؤسسات الدولة التي يمكن أن تتم على أساسها ممارسة صلاحية التشريع والرقابة التي يملكها مجلس النواب “بالتوازي مع هذه المرحلة من مسيرة بلدنا الديمقراطية”.

ولفت إلى أن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أشار في كتاب التكليف السامي للحكومة إلى أن مشروع التحديث السياسي من شأنه أن يضمن الحيوية السياسية في الانتقال إلى المئوية الثانية من عمر الدولة، وأن للحكومة دورا مهما في إنضاجه وتعزيزه من خلال علاقتها مع البرلمان والأحزاب على أسس مهنية تقوم على التعاون تشريعا ورقابة وفق الأطر الدستورية.

وأشار إلى “أن الملك وجه الحكومة للعمل مع مجلس النواب لتجذير أسس الديمقراطية، ومفاهيمها بما يعزز مؤسساتنا الديمقراطية، والدستورية، والمشاركة السياسية، وفتح قنوات الحوار مع المجلس، والتشاور مع لجانه وكتله وأحزابه في الشؤون والقرارات التي تمس حياة المواطنين وفق نهج يغلّب المصلحة الوطنية على مصلحة أي جهة ويضمن احترام كل سلطة لدور الآخر".

وأعرب العودات عن أمله في أن تكون العلاقة بين الوزارة والأحزاب تشاركية، بحيث تساهم الوزارة في تهيئة الظروف لعمل الأحزاب بشكل فاعل ومستدام وإزالة أي عقبات تواجهها سواء كانت إدارية أو قانونية.

وأكد أن مسؤولية “تطوير البيئة الحزبية تقع على عاتقنا جميعا، وأن الوزارة ستعمل على تهيئة بيئة تشريعية حاضنة وداعمة للأحزاب وتوفير آليات للتواصل معها ومع المؤسسات الوطنية ذات العلاقة ودعم الحوار الوطني، وصياغة برامج توعية وتثقيف لنشر ثقافة العمل السياسي خاصة لدى الشباب والمرأة”.

2