السعودية تعزز صناعة الإعلام باعتماد مؤشر وطني لقياس المشاهدات

تسعى السعودية لتعزيز التحول الإعلامي ودعم اقتصادياته وتوطين صناعة الإعلانات؛ وذلك عبر مشاريع محلية تساعد المستثمرين المحليين والدوليين على مراجعة قراراتهم الإستراتيجية وتمكين أصحاب المصلحة في الصناعة من الوصول إلى الجمهور المستهدف من خلال نهج علمي وإحصائي.
الرياض - قرر مجلس صناعة الإعلان السعودي في اجتماعه السنوي لعام 2024 اعتماد مشروع “تام السعودية” كمعيار وطني لقياس نسب مشاهدات المحتوى الإعلامي، والذي يدعم القطاع عبر توجيهه نحو الفرص المتاحة في صناعة المحتوى، بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030.
ويعتبر مشروع “تام” مبادرة رائدة، ويعنى بقياس نسب مشاهدي التلفزيون. ويوفر مجموعة بيانات دقيقة وموثوقة وفق أعلى معايير الصناعة العالمية للإعلام، حول تعامل الجمهور مع وسائل الإعلام، تُعرف بالمقياس الذهبي. وقد تم تصميم البرنامج ليخدم مقدمي خدمات البث التلفزيوني والناشرين الرقميين والوكالات الإعلامية والإعلانية المختلفة، ويتم تنفيذه بالتعاون مع شركة “نيلسن” الرائدة في توفير قياس الجمهور والبيانات.
وأوضح سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي أن المشروع يُمثل نقلة نوعية مهمة لتعزيز التحول الإعلامي؛ حيث يعد مؤشرا وطنيا لقياس وصول المحتوى المرئي والرقمي للجمهور، مبينا أنه يسهم في الشفافية والوضوح، ومنهجية اتخاذ القرارات، ورفع الجودة، ودعم اقتصاديات القطاع، وتوطين صناعة الإعلان.
ويدعم نظام “تام” الأهداف الأوسع لرؤية 2030 من خلال مساعدة المستثمرين المحليين والدوليين على مراجعة قراراتهم الإستراتيجية وتمكين أصحاب المصلحة في الصناعة من الوصول إلى الجمهور المستهدف من خلال نهج علمي وإحصائي. وهو جزء من خارطة طريق المملكة لتحقيق النمو المستدام.
ونوه الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لتنظيم الإعلام، رئيس مجلس إدارة صناعة الإعلان عبداللطيف العبداللطيف، إلى أن المشروع يأتي ضمن التزامات الهيئة بتطوير البنية التحتية للإعلام في المملكة، وتعزيز الشفافية في القطاع من خلال تقديم بيانات دقيقة لأصحاب المصلحة، بمن في ذلك وكالات الإعلان وشركات البث والناشرون الرقميون، حول نسب مشاهدات المحتوى الإعلامي؛ وهو ما يدعم إجراءاتهم نحو اتخاذ قرارات مبنية على بيانات علمية واضحة.
ويشكل الجمهور السعودي للمعلنين جزءًا كبيرًا من المستهلكين في المنطقة، لذلك أصبح قياس الجمهور أكثر أهمية للحصول على معلومات دقيقة تمكن أصحاب البث والمعلنين ووكالات الإعلان من تطوير المحتوى والتخطيط لحملات فعالة وموجهة للوصول إلى الجمهور المناسب.
ويسعى المعلنون في المنطقة إلى جذب الجماهير التلفزيونية. وفي عالم اليوم، حيث تتغير سلوكيات المشاهدين حول المحتوى بسرعة، يسعى القائمون على الإعلام جاهدين لجلب قياس تلفزيوني ورقمي يتكيف مع التطورات.
ويعد القياس منهجية بحث إعلامي مكرسة لتحديد حجم الجمهور ومعرفة خصائصه، مثل الفئة العمرية والمنطقة الجغرافية، وقياس كيفية استخدام المستهلك للمحتوى التلفزيوني والرقمي. وتقدم هذه البيانات للمسوقين ومقدمي خدمات البث فرصًا جديدة لإعداد محتوى يدعم تفاعل المشاهدين.
وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة التصنيف الإعلامية “إم.آي.سي” المهندس بندر المشهدي أن اعتماد “تام السعودية” كمعيار رسمي لقياس نسب مشاهدة المحتوى الإعلامي سيمثل تحولًا في صناعة الإعلام بالمملكة، مؤكدا أن البيانات الدقيقة التي يوفرها البرنامج ستعزز قدرة صناع المحتوى على تحسين إستراتيجياتهم وتوجيهها نحو تقديم محتوى يلبي تطلعات الجمهور.
5
ساعات معدل الاستخدام اليومي للتلفزيون في السعودية، حيث أن 70 في المئة من السعوديين والمقيمين في المملكة يستخدمون القمر الاصطناعي
يشار إلى أن الهيئة العامة لتنظيم الإعلام ترأس مجلس صناعة الإعلان، الذي يضم في عضويته ممثلين من إحدى عشرة جهة من منشآت القطاع الخاص التي تعمل في المجالين الإعلاني والإعلامي، لتقديم الرؤى والمقترحات التي تدعم إستراتيجيات توطين صناعة الإعلان في المملكة وتطوير إنتاج المحتوى الإعلامي.
واستكملت شركة التصنيف الإعلامية عمليات التركيب والتدريب في أكثر من 2000 منزل في 24 مدينة على مستوى مناطق المملكة، وذلك قبل المدة المحددة للإطلاق بوقتٍ كاف، كما تم عمل مسح لحوالي 7000 منزل في المدن المستهدفة للتعرف على سلوك الجمهور والحصول على بيانات أكثر دقة، “مما يتيح استقطاب قاعدة عملاء عريضة ومميزة وكسب ثقة المستفيدين من الخدمة”.
وأكدت الشركة حرصها على تقديم قراءات وأرقام حقيقية ودقيقة تخدم صناعة الإعلام، وتدعم الإعلان الشفاف والواقعي الذي يساعد على اتخاذ القرارات الصحيحة مستقبلاً.
ويهدف المشروع إلى تحقيق التوازن في دراسة نسبة المشاهدين في السعودية، والاستمرار في تأهيل الشريحة الحالية لضمان دقة الأرقام المقدمة، وتقديم قراءات صحيحة وشفافة لتحقيق الهدف الرئيسي وهو خلق سوق جديدة للإعلام والإعلان على أسس متينة وقيم تعزز الشفافية وتساعد الشركات الإعلامية.
وشملت خطة عمل شركة التصنيف الإعلامية قيام القسم التقني بإضافة العديد من المميزات الدقيقة التي تدعم الجودة وتحقق أقصى فائدة للاستبيان؛ منها إضافة متوسط دخل الفرد، وطبيعة العمل، وعدد الساعات التي يقضيها الشخص لمشاهدة الدعاية، وغير ذلك من المزايا الأخرى.
ويقول خبراء إن “الحاجة ملحة لمقاييس المشاهدة التلفزيونية، في ظل الجدل الساخن الذي تشهده الساحة حاليا حول نسب مشاهدة القنوات الفضائية العربية، التي باتت معيارا مهمّا للوكالات الإعلانية في اختيار القنوات التي تبث إعلاناتها عليها”. وتلعب استطلاعات قياس نسب المشاهدة دورا لا يمكن إنكاره في رسم وتشكيل الساحة الإعلامية العربية واللاعبين الأساسيين فيها.
مساع لتحقيق التوازن في دراسة نسبة المشاهدين في السعودية، والاستمرار في تأهيل الشريحة الحالية لضمان دقة الأرقام المقدمة، وتقديم قراءات صحيحة وشفافة
ويؤكد الخبراء أن وجود مثل هذه الاستطلاعات لم يعد نوعا من الترف أو الرفاهية وإنما هو ضرورة ملحة لا يمكن الاستغناء عنها، ليس فقط في توجيه ميزانيات الإعلان، وهي ضخمة، ولكن أيضا في توجيه صناعة الدراما التي أصبحت تقوم على المليارات التي تنفق سنويا في هذا المجال، خصوصا إنتاج أعمال للموسم الدرامي الرمضاني؛ فهذا الدور المتنامي يتطلب وجود جهات تتولى توفير معلومات وبيانات شفافة وموثوقة حول نسبة المشاهدين، وتمثل مؤشرات مهمة لإرشاد وتوجيه منتجي الدراما في الاتجاه السليم.
وكشفت بيانات حديثة أن متوسط عدد مشاهدي التلفزيون في السعودية يبلغ نحو 19 مليون مشاهد شهريا، فيما بلغ عدد مشاهدي أفلام ومسلسلات الكرتون في المملكة قرابة 13 مليونا في العام 2022، بحسب بندر المشهدي والرئيس التنفيذي لشركة “مانجا” للإنتاج عصام بخاري.
وأشار المشهدي إلى أن معدل الاستخدام اليومي للتلفزيون في السعودية يصل إلى 5 ساعات، لافتاً إلى أن 70 في المئة من السعوديين والمقيمين في المملكة يستخدمون القمر الاصطناعي، و30 في المئة منهم يشغّلون التلفزيون بنظام البث المباشر عبر المنصات التلفزيونية.
وأوضح أن هذه الأرقام تظهر أن انتشار التلفزيون باقٍ في السعودية؛ لكونه يجمع كل أفراد الأسرة في مكان واحد. وعلى الصعيد ذاته كشف الرئيس التنفيذي لشركة “مانجا” للإنتاج عن أن عدد مشاهدي محتوى الرسوم المتحركة (الأنمي) في السعودية وصل إلى 12 مليونا و900 ألف، وذلك عام 2022.
وقال بخاري “يشير هذا إلى الأثر الكبير للمحتوى في السوقين المحلية والعالمية، وأن محتوى الأنمي قادر على أن يكون مؤثرا وملهما في السعودية”. وأوضح أن مسلسل “أساطير من قادم الزمان” استطاع وحده أن يحقق نحو 100 مليون مشاهدة، وهو أول عمل سعودي وعربي يدخل إلى المنصات الصينية، ويُعرض في 5 قنوات تلفزيونية يابانية، وعُرض في عدة دول.