تساؤلات في الكويت عن جدوى إلغاء ودمج هيئات حكومية لتقليل الإنفاق

من نقاط ضعف مقترحات دمج المؤسسات بحسب منتقديها افتقارها للآليات التنفيذية وعدم التنسيق بشأنها مع أهل الاختصاص.
الثلاثاء 2024/10/01
زحمة هيئات متداخلة الوظائف

الكويت - تجاوزت فكرة دمج وإلغاء عدد من الهيئات والمؤسسات الحكومية في الكويت مرحلة المقترح النظري، وتحوّلت إلى مقترح تفصيلي معروض من قبل وزارة المالية على مجلس الوزراء لاتخاذ قرار بشأنه.

ويأتي المقترح ضمن عملية إصلاح مؤسسات الدولة التي تشمل تحسين أداء القطاع العمومي والحدّ من تضخمه وتقليص مصاريفه التشغيلية الباهظة.

لكن ردود الفعل الأولية على عملية الدمج والإلغاء أبرزت وجود خلافات بشأن جدواها وفاعليتها، وهي خلافات كانت دائما لصيقة بعملية الإصلاح المنشودة في الكويت، وارتبطت غالبا بوجود جهات نافذة في مؤسسات الدولة معروفة بممانعتها للإصلاح ورغبتها الشديدة في الإبقاء على الأوضاع كما هي نظرا لاستفادتها الكبيرة منها، دون أن ينفي ذلك وجود جهات أخرى ناقدة بشكل موضوعي للإصلاحات التي يتم اقتراحها.

وكان مجلس الأمّة (البرلمان) بمثابة قلعة حصينة لمعارضي الإصلاح قبل أن يتم حلّه وتعليق العمل بمواد في الدستور لفترة زمنية محدّدة، بقرار من أمير البلاد، الأمر الذي فتح الباب للإصلاح الذي بدأت تتعدّد المقترحات بشأنه والمجالات التي سيطالها.

دوائر تشكك في الجدوى المالية الفعلية لعملية دمج المؤسسات وإلغاء بعضها، معتبرة ذلك من الإصلاحات الشكلية والسطحية البعيدة عن الإصلاح الجذري المنشود

ورفعت وزارة المالية الكويتية مقترحات إلى مجلس الوزراء بشأن دمج وإلغاء هيئات ومؤسسات حكومية اعتبرتها متداخلة في المهام، موضّحة أنّ للخطوة فوائد مادية مباشرة تتمثل في توفير خمسين بالمئة من الميزانية التشغيلية للهيكل الإداري والحكومي. وربطت بعض الدوائر العملية المذكورة بتوقّعات بحدوث أزمة مالية قد تنجم عن تذبذب متوقّع في أسعار النفط قد يؤول إلى انخفاضها بشكل كبير.

وشكّكت دوائر أخرى في الجدوى المالية الفعلية لعملية دمج المؤسسات وإلغاء بعضها، معتبرة ذلك من الإصلاحات الشكلية والسطحية البعيدة عن الإصلاح الجذري المنشود، ومحذّرة من وجود تأثيرات سلبية عكسية على أداء بعض المؤسسات.

وتشمل المقترحات الموضوعة من قبل وزارة المالية بين أيدي مجلس الوزراء دمج هيئة تشجيع الاستثمار المباشر وهيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص وجهاز برنامج التخصيص والصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

كما تشمل دمج الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات والهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات والمركز الوطني للأمن السيبراني وقطاع الاتصالات لتصبح تحت مسمى جديد هو “هيئة التحول الرقمي والاتصالات”، إلى جانب دمج الهيئة العامة للمعلومات المدنية والإدارة المركزية للإحصاء، ودمج إدارة نزع الملكية وجهاز المراقبين الماليين.

واقترحت الوزارة أيضا إلغاء الهيئة العامة للنقل البري وإحالة اختصاصاتها إلى وزارة الأشغال العامة، ودمج الهيئة العامة للزراعة والثروة الحيوانية مع الهيئة العامة للغذاء والتغذية تحت اسم الهيئة العامة للأمن الغذائي، ودمج معهد الكويت للأبحاث العلمية وهيئة أسواق المال.

وبررت الوزارة مقترحها الأخير بأنّ الجهات المذكورة لها طبيعة عمل خدمية مشابهة لعمل الوزارات والإدارات الحكومية والجهات ذات الميزانيات الملحقة، وأن تلك الجهات يتم تمويلها بصفة رئيسية من ميزانية الوزارات والإدارات الحكومية، حيث أن إيراداتها الذاتية محدودة، وإن كانت لديها شخصية اعتبارية مستقلة.

مقترحات بنقل تبعية الإدارة العامة للجمارك إلى وزارة الداخلية لتشابه طبيعة عملها من ناحية الضبط والتفتيش والرقابة

كما اقترحت دمج جهاز حماية المنافسة ووحدة تنظيم التأمين وذلك بداعي تدني مردودية الجهاز الذي لم يحقق بحسب وزارة المالية منذ إنشائه سوى ثلاثة في المئة من الإيرادات مقارنة بما تمّ توقعه لدى إنشائه.

ومن الهيئات المستهدفة بالإلغاء بحسب مقترح الوزارة المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية لوجود الأمانة العامة للتخطيط والتنمية، إضافة إلى دمج المؤسسة العامة للرعاية السكنية وبنك الائتمان تحت مسمى مؤسسة التمويل والرعاية السكنية لتشابه الاختصاصات، ودمج وحدة التحريات المالية مع الديوان الوطني لحقوق الإنسان ضمن برنامج في وزارة العدل، وفصل السلطة القضائية عن وزارة العدل لتصبح هيئة ملحقة تحت مسمى هيئة القضاء يكون مرجعها وزير العدل.

وتضمنت مقترحات الوزارة نقل تبعية الإدارة العامة للجمارك إلى وزارة الداخلية لتشابه طبيعة عملها من ناحية الضبط والتفتيش والرقابة، ودمج هيئة طباعة القرآن والأمانة العامة للأوقاف وبيت الزكاة مع وزارة الأوقاف وذلك لتشابه الاختصاصات. وكذلك دمج هيئة الشباب وهيئة الرياضة ومكافحة المنشطات للتشابه في العمل ودمج وكالة الأنباء الكويتية بوزارة الإعلام لتشابه الاختصاصات.

واعترضت بعض الدوائر بشدّة على تلك المقترحات ووصفتها بالعشوائية وبأنّها “انعكاس لرؤية متخبطّة”. ونشرت صحيفة الجريدة المحلية تقريرا قالت فيه إنّ “رؤية وزارة المالية لدمج الجهات والهيئات الحكومية خرجت إلى النور دون أي دراسة أو عرض آلية للتنفيذ، أو رسم سيناريو تداعيات ما بعد التنفيذ، أو حتى استشارة آراء المختصين، لتكون رؤيتها مثالا حيا على التخبط والتسرع والعشوائية، وسبيلا للوصول إلى تخريب الصالح بدلا من إصلاح الخَرِب”.

وكنموذج للنقد التفصيلي لبعض بنود مقترح وزارة المالية تساءل التقرير إن كان فصل السلطة القضائية عن وزارة العدل قد عرض مسبقا على المجلس الأعلى للقضاء “باعتباره الجهة المسؤولة عن شؤونه”. كما انصبّ النقد على نقل معهد الكويت للأبحاث العلمية وهيئة أسواق المال من هيئتين مستقلتين إلى ملحقتين، باعتبار المقترح “يحمل استهانة غريبة بالمعهد والهيئة على السواء”، وعدم تقدير من وزارة المالية لأهمية البحث العلمي وضرورة بقائه جهة مستقلة.

3