الجزائر تطوي ملف بريكس دون رجعة

أكدت السلطات الجزائرية عدم انضمامها إلى مجموعة بريكس بعد قبولها في البنك المملوك للتكتل، منتقدة المعايير المعتمدة في قبول عضوية الأعضاء الجدد، مع اتهامات ضمنية للمجموعة بالخضوع للحسابات السياسية.
الجزائر - فندت الجزائر ما تردد في الآونة الأخيرة حول إمكانية طرح ملف انضمامها مجددا إلى مجموعة بريكس، لاسيما بعد قبول عضويتها في البنك التابع لها، وهو ما أكد موقفا سابقا عبّر عنه رئيس البلاد، بكون بلاده لن تكرر المسعى، في ظل الرد المخيب للأطراف التي كان يعوَّل عليها لدعم ملفها، على غرار روسيا والصين وجنوب أفريقيا.
ونقلت صحيفة المجاهد الحكومية الناطقة بالفرنسية عن مصدر حكومي قوله إن “الجزائر طوت نهائيا ملف بريكس وصار بالنسبة لها شيئا من الماضي حتى ولو كانت عضوا في البنك المملوك للتكتل”، وألمح إلى أن المعايير المعتمدة في قبول عضوية الأعضاء الجدد غير واضحة.
وقصد المتحدث بذلك بعض الأطراف التي تم قبول عضويتها، دون أن تصل إلى المستويات الاقتصادية والخصائص الإستراتجية، الأمر الذي يطرح حسبه مسألة المعايير المطبقة في المجموعة لقبول أعضاء جدد.
وجاء في تصريحه “لقد طوت الجزائر الصفحة بالتأكيد، حتى لو كانت عضوا في بنك البريكس، وبالنسبة للسلطات الجزائرية، فإن ملف عضوية البريكس مغلق تماما، وذلك لأسباب بسيطة ومنطقية في نفس الوقت”.
وجاء هذا التوضيح في أعقاب تردد معلومات على مدونات إلكترونية وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، من قبل دوائر الأعمال، لزرع فكرة أن الدول الأعضاء في البريكس طلبت مرة أخرى من الجزائر الانضمام إلى هذه المجموعة.
وتكون دوائر القرار قد أوعزت لمصدر حكومي نقل الموقف الرسمي للجزائر عبر صحيفة حكومية عريقة، وتحظى باشتراك واسع من طرف المؤسسات الرسمية والفواعل الاقتصادية والأهلية.
الرئيس عبدالمجيد تبون أعلن في يوليو 2023 خلال زيارة إلى الصين أن الجزائر طلبت رسميا الانضمام إلى بنك بريكس
ومجموعة البريكس هي تحالف تم تشكيله في العام 2009 من قبل خمس دول ناشئة هي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا.
وطلبت الجزائر رسميا الانضمام إليها، لكن طلبها قوبل بالرفض خلال قمة المنظمة التي عقدت بجنوب أفريقيا في أغسطس 2023، ومع ذلك، تم قبول ست دول خلال نفس القمة: مصر، الإمارات العربية المتحدة، إثيوبيا، المملكة العربية السعودية، الأرجنتين وإيران.
لكن خلال شهر أغسطس الماضي، تم الإعلان عن قبول الجزائر كعضو في بنك البريكس، بنك التنمية الجديد، الذي تم إنشاؤه عام 2015.
وكان الرئيس الجزائري قد أعلن في يوليو 2023 خلال زيارة إلى الصين أن الجزائر طلبت رسميا الانضمام إلى بنك بريكس “كمساهم بمساهمة أولية قدرها 1.5 مليار دولار”.
واعتبر مراقبون هذا الاعتراف بمثابة خطوة أولى نحو انضمام الجزائر إلى البريكس، لكن ذلك لن يحدث بعد هذا التوضيح الجزائري الذي تعبر عنه الحكومة.
وأوردت الصحيفة الجزائرية أنه “لم يتم تقديم أي حجة معقولة على الإطلاق لتبرير تصفية الجزائر التي تم سحب ملفها في اللحظة الأخيرة، خلال قمة أغسطس 2023، وهو ما يعتبر موقفا متناقضا، سواء من حيث الجوهر أو من حيث المبدأ”.
صحيفة المجاهد الحكومية: الجزائر ستواصل الدفاع عن خياراتها مع حلفائها في البريكس في أطر أخرى
وأضافت “من المفترض أن تتحدى النظام العالمي الراسخ الذي يمثله صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وقد تبنت مجموعة البريكس منطق الاختيار السخيف، ونهجا تقييديا”.
وتساءلت صحيفة المجاهد عما إذا كان “هذا التناقض لا يضعف مصداقية مجموعة البريكس، لاسيما وأن الجزائر أفضل حالا بكثير من عدة دول انضمت إلى المنظمة؟ في الوقت الذي أشاد فيه صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بالأداء الاقتصادي للجزائر، فهل أصيبت دول البريكس بالعمى، واختارت تجاهل مثل هذا العمل الجبار؟”.
ودون الإشارة إليهما بالاسم، لفتت الصحيفة إلى أن دولتين كانتا سببا في حصار الجزائر، والحقيقة هي أن إحدى الدول الأعضاء في البريكس، التي تطيع المصالح التافهة بعيدا عن الصرامة الاقتصادية، استخدمت حق النقض ضدها بإصرار مسرحي تقريبا.
وتابعت “إن استبعاد الجزائر نجم بشكل أقل عن المعايير الاقتصادية، بل عن المناورات السياسية، وأن الاندماج في البريكس يقوم على منطق بعيد كل البعد عن التميز الاقتصادي وحده”.
وجاءت هذه المفردات المعبر عنها من طرف المصدر الحكومي الذي لم يكشف عن هويته، ومن طرف الصحيفة الحكومية بشكل غير مسبوق في خطاب الجزائر تجاه شركائها المنفردين أو المجتمعين، لتؤكد القطع التام بينها وبين المجموعة، خاصة في ظل الانتقادات الشديدة الموجهة من طرفها لأعضاء التكتل.
وتوقعت الصحيفة أن تكشف “هذه التناقضات في نهاية المطاف عن حدود الكتلة التي تدعي إعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي، لكنها في الواقع أسيرة حساباتها الخاصة”.
وشددت على أنه “إخلاصا لمبادئها، لم تعد الجزائر قادرة على أن تكون جزءا من هذه المنظمة، لقد طويت الصفحة نهائيا، دون أن تتخلى عن الدعوة إلى التعددية القطبية في العلاقات الدولية”.
وخلصت إلى أن “الجزائر ستواصل الدفاع عن خياراتها مع حلفائها في البريكس في أطر أخرى، مثل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومجموعة الـ77 وحركة عدم الانحياز، وهو ما يؤكد تصريحا سابقا للرئيس تبون جاء فيه “ملف البريكس أغلق نهائيا بالنسبة للجزائر”.