الرئاسي الليبي يطالب البعثة الأممية بمراقبة جلسة انتخاب محافظ المركزي

طرابلس – رغم الترحيب الدولي الواسع بالاتفاق الذي توصل إليه مجلسا النواب والأعلى الليبيين، إلا أن مطالبات المجلس الرئاسي بدءا بتمسكه بحقه في تعيين مجلس الإدارة للمصرف، وقانون موحد لميزانية الدولة، وصولا إلى دعوته إلى وضع ضوابط لانتخاب المحافظ الجديد ومشاركة البعثة كمراقب في جلسة مجلس النواب الخاصة باختيار المحافظ، تعكس عزمه الاستمرار في التصعيد.
ووقع ممثلا مجلسي النواب والأعلى للدولة عبدالهادي الصغير وعبدالجليل الشاوش اتفاقا لحل أزمة مصرف ليبيا المركزي، وذلك في مقر بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، كما شهدت مراسم التوقيع حضور عدد من الدبلوماسيين وممثلي الأطراف الليبية المؤثرة في المشهد.
وبحسب نص الاتفاق فعلى مجلسي النواب والأعلى الدولة اعتماده بشكل نهائي في غضون أسبوع، على أن يعتمد المجلسان الاتفاق بشكل نهائي، كما على المحافظ الجديد ترشيح أعضاء لمجلس الإدارة في غضون أسبوعين من تسلّمه مهامه.
ووجه المجلس الرئاسي خطابا يحمل توقيع مستشار المجلس زياد دغيم إلى نائبة المبعوث الأممي سيتفاني خوري يجدد فيه دعمه لترشيح ناجي عيسى محافظا توافقياً للمجالس الثلاثة وكذلك مرعي البرعصي نائباً للمحافظ.
وأكد الخطاب على ضرورة تنفيذ الفقرة (2) من وثيقة الاتفاق بين مجلسي النواب والدولة حول المصرف المركزي، وذلك أسوة بمشاركة البعثة في واحد من اجتماعات أعضاء المجلس الأعلى للدولة مؤخرا بما يضمن نزاهة تنفيذ الاتفاق.
وعدد الخطاب بعض النقاط التي يتعين على البعثة مراقبتها أثناء جلسة مجلسي النواب، ومنها أن عدد أعضاء البرلمان صحيحي العضوية 164 عضوا، وأن جلسة انتخاب المحافظ تتطلب جلسة علنية وخاصة وليس جلسة مغلقة، وذلك بموجب المواد (97-98-99) من القانون.
وبحسب الخطاب، فإن نصاب الانعقاد للجلسة وفق المادة (7) هو الأغلبية المطلقة من الأعضاء البالغ (84) نائبا وهو نفس النصاب لإقرار الاتفاق.
وأشار إلى أن تعيين المحافظ يتطلب موافقة ثلثي الأعضاء أي 108 نواب وهي الأغلبية الدستورية المحددة نصاً بالمادة (15) من الاتفاق السياسي المُضمن بالإعلان الدستوري بموجب التعديل (11) بتاريخ 2018/11/26.
ويعتقد أن المجلس الرئاسي يشكك في قدرة مجلس النواب على توفير النصاب المطلوب لاعتماد اتفاق التسوية، وهو ثلثا أعضائه، حيث يواجه انقساما حادا بين أعضائه، لذلك فهو يريد من البعثة الأممية التثبت في عضوية الأعضاء واكتمال النصاب القانوني.
كما أشار المجلس الرئاسي إلى تخفيض المعايير الخاصة بتولي قيادة المصرف المركزي من حامل رسالة الماجستير على الأقل إلى (مستوى جامعي) وتخفيض سنوات الخبرة إلى 10 سنوات، كذلك اشتراط وجود حكم قضائي نهائي بدل من عام متسائلا "هل خلت ليبيا من الكفاءات لتقبل افتراضا بمحكوم من قضاء ابتدائي أو درجة الاستئناف؟".
ويرى مراقبون أن توالي خطابات المجلس الرئاسي الموجهة إلى البعثة الأممية تكشف عن أن أزمة المصرف المركزي تمثّل تطورا جديدا لحالة الصراع الليبي، وتحولا في شكل خريطة المتصارعين.
فالتقارب الحاصل بين مجلسي النواب والأعلى للدولة واتفاقهما بشأن إدارة مصرف ليبيا المركزي تحت ضغوط من عواصم إقليمية وعالمية، يواجه بشروط المجلس الرئاسي الذي يريد أن يحل محل مجلس الدولة بعد أن تراجعت فاعليته طرفا مقابل لمجلس النواب.
وقد بدأ المجلس الرئاسي فعليا في التحرك بقوة منذ بيانه الذي خاطب فيه مجلس النواب بشأن المحكمة الدستورية وهو خطاب يحمل تدخلا واضحا في أعمال مجلس النواب التشريعية.
كما أن تمسكه بتعيين مجلس إدارة المصرف المركزي يسعى من خلاله إلى وضع يده على المصرف المركزي خصوصا وأن المرشح الجديد لمنصب محافظ المصرف ناجي عيسى، مقربا منه، هذا إلى جانب مطالبته بقانون موحد لميزانية الدولة، التي يعتقد أنها وسيلة للضغط من أجل تقاسم الإيرادات، وضمان مشاركة القوى الغربية في توزيع الموارد المالية، خاصة مع وجود انقسامات داخل المجلس الأعلى للدولة، ما يعقد من إمكانية التوصل إلى اتفاق سريع.
وترجح الأوساط السياسية الليبية أن مجلس النواب سيدفع بالمزيد من القرارات لمنع المجلس الرئاسي من التحرك في المشهد السياسي أكثر، وسيعتبر وجوده غير شرعي بعد أن أعلن في السابق إنهاء ولايته بانتهاء آجال اتفاق جنيف.
وكان رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، قد هاجم في كلمة له في الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، الأربعاء الماضي، مجلس النواب واتهمه بالعرقلة وتجاوز الاتفاقات السياسية.
وتبدو أن خطوات المجلس الرئاسي الساعية للهيمنة على الحالة السياسية والتحكم في مؤسسات الدولة كالمصرف ومؤسسة النفط، تحظى بدعم أميركي غربي لحرمان الخصم الروسي من الاستفادة منها في إطار توغله في ليبيا وفي المنطقة الأفريقية المجاورة.
وأصدرت واشنطن الجمعة، بيانا مشتركا مع عشر دول أخرى، وهي إيطاليا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا والجزائر ومصر والمغرب وقطر وتركيا والإمارات، رحّب باتفاق تسوية أزمة المصرف المركزي ودعمه. وطالب البيان الأطراف الليبية بإنهاء الجمود السياسي والذهاب إلى الاتفاق على خريطة طريق موثوقة لإنهاء الفترة الانتقالية.