قنبلة نووية وماعز متفجر.. الأخبار الكاذبة تزيد ضباب الحرب في لبنان

بالتزامن مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على لبنان أعاد مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي نشر مجموعة من الأخبار والصور والفيديوهات الكاذبة التي ثبت عدم صحتها، غير أن انتشارها مستمر مع حالة الذعر بين المواطنين المتلهفين للمعلومة.
بيروت - تتزاحم الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة على مواقع التواصل الاجتماعي ومجموعات المراسلة على واتساب وتليغرام في لبنان مع تصاعد التوتر والقصف الإسرائيلي على جنوب البلاد، ومنها ما هو شديد الغرابة مثل الحديث عن ماعز متفجر وانفجار قنبلة نووية.
وتزيد البيانات والصور والفيديوهات المضللة من معاناة اللبنانيين الذين يعيشون حالة من الذعر، حيث لم يقتصر التضليل الإخباري على الشبكات الاجتماعية، بل انتشر أيضا في وسائل الإعلام حتى الغربية التي وقعت في فخ غياب التدقيق.
وانتشرت شائعة تزعم أن إسرائيل استهدفت حزب الله بالماعز المتفجرة، ففي التاسع عشر من سبتمبر الجاري بعد يوم واحد فقط من انفجار الأجهزة اللاسلكية في لبنان، نشر الممثل الكوميدي داني بوليشوك مقطع فيديو مزيف لشبكة "سي.إن إن" يصور المذيع الرئيسي للشبكة في واشنطن جيك تابر، وهو يقدم تقريرًا عن الماعز المتفجر في لبنان. واستخدم بوليشوك تقنية التزييف العميق لإنشاء الفيديو ولعب أيضًا دور المراسل الميداني إلى جانب تابر.
وفي مقطع الفيديو المزيف يقول صوت جيك تابر الذي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي “في تطور سريالي حقًا، انفجر الماعز في جميع أنحاء البلاد في نفس الوقت، مما أسفر عن مقتل 1800 شخص إضافي وإصابة الآلاف الآخرين بالإضافة إلى قتل عدد لا يحصى من الماعز".
وعلى الرغم من أن الفيديو كان مقصودًا منه “الفكاهة السوداء”، إلا أن مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي أخذوا القصة على محمل الجد وبدأوا في نشر الادعاء عبر الإنترنت. وشارك أحد المستخدمين على موقع إكس صورة يُزعم أنها تُظهر عنزة تنفجر، مع تعليق “أخبار عاجلة: الماعز الذي يستخدمها أعضاء حزب الله ينفجر في لبنان”.
وفي مقطع فيديو مزيف آخر للشبكة الأميركية بعنوان “جيك تابر من يصدر بيانًا بشأن قصة الماعز المتفجر الفيروسي”، يسخر تابر الذي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي من كل من شبكة سي.إن.إن والمستخدمين الذين صدقوا المقطع الأصلي".
وعلى الرغم من الدمار الذي يصاحب الحرب، فإنها غالبًا ما تصبح هدفًا للفكاهة السوداء والسخرية. كما انتشر على نطاق واسع فيديو يظهر ما يبدو أنه حشد كبير للآليات العسكرية الإسرائيلية على الحدود اللبنانية، مدعيًا أنه يعكس استعدادًا لغزو وشيك. ومع تصاعد التوترات العسكرية في المنطقة، أثار هذا الفيديو حالة من الذعر بين المشاهدين.
لكن، وفقًا لموقع “مسبار” للتحقق من المعلومات، تبين أن الفيديو قديم ولا يرتبط بالتطورات الحالية. ويعود الفيديو المتداول إلى أحداث سابقة ولم يُصور خلال العدوان الأخير على لبنان. ويأتي انتشار هذا الفيديو في إطار حملة للتلاعب بالمشاعر العامة وزيادة التوتر في الشارع اللبناني.
ومن ضمن الأخبار الكاذبة أيضا انتشرت على مواقع التواصل صورة تُظهر حطام طائرة عسكرية مع إشارة إلى أنها تعود لطائرة إسرائيلية أُسقطت خلال العدوان على الحدود اللبنانية. وقد تم تداول هذه الصورة كثيراً، وادعى ناشروها أنها دليل على تقدم المقاومة اللبنانية في مواجهة العدوان الإسرائيلي.
◙ انتشار صور وفيديوهات مزيفة بالذكاء الاصطناعي في إطار حملة للتلاعب بالمشاعر وزيادة التوتر في الشارع اللبناني
لكن وفقًا للتحقيق الذي أجرته وكالة فرانس برس لتقصي الحقائق، تبين أن الصورة قديمة وتعود لحادثة إسقاط طائرة في عام 2020، وليست لها علاقة بالأحداث الجارية.
وكان استخدام هذه الصورة في هذا السياق محاولة للتلاعب بالمعلومات وتضليل الجمهور حول مجريات الصراع. كذلك كشفت وكالة فرانس برس أن الفيديو الذي ظهر على الشبكات الاجتماعية وزعم ناشروه أنّه لانفجارٍ ضخمٍ إثر القصف الإسرائيليّ على جنوب لبنان. يعود في الحقيقة، لانفجار مخزنٍ للأسلحة في روسيا إثر هجومٍ أوكرانيّ.
ويظهر في الفيديو، الملتقط على ما يبدو من سيّارة، انفجارٌ هائلٌ ولّد كتلة نارٍ هائلة في السماء. وجاء في التعليق المرافق له أنّه مصوّر في جنوب لبنان ليل السبت 21 سبتمبر الجاري تزامناً مع تكثيف الجيش الإسرائيلي غاراته الجوية هناك.
وبالتزامن مع تصاعد العدوان الخميس، أعاد مستخدمون لمنصة إكس نشر مجموعة من الأخبار الكاذبة، بينها فيديو سبق أن ظهر للمرة الأولى بعد عملية طوفان الأقصى يظهر شعار حزب الله وأمينه العام حسن نصرالله يسير ويدير ظهره للكاميرا، على اعتبار أنه يتحضّر لإلقاء خطاب كبير للتعليق على تصاعد القصف الإسرائيلي. إلا أن الفيديو لم يصدر عن حزب الله، ولا علاقة له بالتصعيد الحديث ضد قرى الجنوب اللبناني.
ومع تزايد الشائعات حول حركة الطيران في الأجواء اللبنانية نفت شركة طيران الشرق الأوسط (الخطوط الجوية اللبنانية)، في بيان، ما تناقلته بعض مواقع التواصل الاجتماعي عن اختفاء إحدى طائراتها عن الرادار، مؤكدة أنه عار من الصحة جملة وتفصيلاً.
وجاء التعليق بعد انتشار خبر على مجموعات واتساب في لبنان عن طائرة تابعة لطيران الشرق الأوسط قد اختفت عن الرادار مع تصاعد القصف على الحدود الجنوبية، ما خلق حالة من البلبلة عند أهالي المسافرين، ليتبيّن أن الخبر كاذب.
وساهمت مؤسسات إعلامية عدة بنشر أخبار كاذبة، إذ انتشر على سبيل المثال خبر منسوب إلى الجيش الإسرائيلي عن ضرورة إخلاء البيوت في بيروت لأن القصف الإسرائيلي سيطالها بعد ظهر الاثنين، لكن تبيّن لاحقاً أن الخبر غير صحيح، ما اضطر المؤسسات الإعلامية إلى حذفه. كذلك انتشرت تسجيلات صوتية نسبت إلى حزب الله يحذّر فيها الاحتلال من رد مزلزل قادم، لكن التسجيل لا علاقة له بحزب الله، ولم يتبنّه الحزب، ولم يصدر عنه أنه جهاز رسمي تابع له.
ومع تدفّق الأخبار الكاذبة، التي أغرقت مواقع التواصل الاجتماعي منذ تفجيرات البيجر الأسبوع الماضي، وما تلاها من تصعيد، أعادت جهات عدة التذكير بضرورة التدقيق بالمعلومات قبل نشرها. ونشر تجمّع الصحافة البديلة مجموعة من التوصيات أثناء تغطية العدوان الإسرائيلي، أبرزها “تدقيق المعلومات قبل نشرها والاعتماد على المصادر الرسمية، وعدم تصوير مشاهد دموية وعدم نشرها احتراماً لحرمة الأشخاص ومستقبلهم".
كذلك طلب التجمّع من الصحافيين “عدم تصوير الأطفال من دون الحصول على موافقة أهلهم، وعدم نشر صورهم، وعدم إعلان أسماء الضحايا من دون وجود تأكيد رسمي”. وكانت أسماء عدد من المفقودين في قصف الاحتلال للضاحية الجنوبية لبيروت قد انتشرت في الأيام الماضية على أساس أنهم في عداد الشهداء، ليظهر لاحقاً أن الدفاع المدني وفرق الإسعاف لم تعثر عليهم بعد.