فنانون على الحدود بين الكوريتين يدعون إلى وقف الحروب

المؤتمر تضمن خطابات ومحاضرات وفعاليات موسيقية وغنائية ومسرحية وعروضا للتراث الكوري.
الاثنين 2024/09/23
علي العامري: الفن يعيد تشغيل طاقة الأمل

سيول- انتظم مؤخرا “مؤتمر الفنانين العالميين من أجل السلام في شبه الجزيرة الكورية 2024” الذي أقامته اللجنة المنظمة تحت شعار “أوقفوا الحرب.. فن من أجل السلام”، يومي الثاني عشر والثالث عشر من سبتمبر الجاري، في المنطقة منزوعة السلاح، على الحدود الكورية بين الشمال والجنوب.

وتضمن المؤتمر خطابات ومحاضرات وفعاليات موسيقية وغنائية ومسرحية وعروضا للتراث الكوري.

وحضر العرب ممثلين في الشاعر والرسام علي العامري في المؤتمر بصفته شاعرا ورساما من الأردن وفلسطين، وكان العربي الوحيد المشارك في المؤتمر، إلى جانب أدباء ورسامين وسينمائيين وموسيقيين ومغنين ومسرحيين من مختلف الجنسيات، إذ شارك فابيان تشيريز من المكسيك، إيتيني دو لاساييت من فرنسا، إيكيدا إريكو من اليابان، إلفيرا كويوفيتش من صربيا وألمانيا، ياماغا ميشيغينوري من اليابان، شهريار شاون من بنغلاديش، وبويان إيفانوف من بلغاريا. ومن كوريا شارك عدد من الفنانين والكتاب والأدباء، من بينهم الروائي كيم ناميل، والروائية جيونج جي آه، والمخرج والموسيقي سون بيونغ هوي.

بوكس

وقال العامري إن “رحلتي الكورية الأولى تكتسب أهمية خاصة لي، بوصفها استكشافا لجغرافيا ثقافية جديدة، على أرض الواقع وليس من خلال الكتب الأدبية المترجمة التي قرأتها من قبل”، مشددا على أهمية تنشيط حركة الترجمة بشكل إستراتيجي، لما لذلك من أهمية في تعزيز الشراكة والتفاهم والتعاون والتبادل المعرفي.

وأكد أن “الترجمة المتبادلة بين الأدبين العربي والكوري لا تزال ضعيفة، على الرغم من بعض المبادرات المؤسساتية والفردية من الجانبين”.

وعبّر صاحب “فلسطينياذا” عن انطباعاته خلال زيارته الأولى للجنوب الكوري، بقوله إن “الثقافة الكورية تجمع توليفة سحرية تمتزج فيها الحداثة مع التقاليد والتراث الأدبي والجمالي والمعماري والفلسفي العريق، على الرغم من التحولات التي تجتاح العالم”، واصفا الكوريين بأنهم “شعب عظيم يعرف اتجاه البوصلة الإنسانية جيدا، ويساند المظلومين ويرفع الصوت عاليا ضد الظلم والقهر والاحتلال في أي مكان في العالم”، موضحا أن العاصمة سول تشهد كل أسبوع مسيرات ضخمة لمناصرة فلسطين، ترتفع فيها الصيحات مع العلم الفلسطيني وشعارات تطالب بالعدالة ووقف جريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال في غزة وفي عموم فلسطين.

وعن المواقع التي شهدت فعاليات الدورة الثانية من مؤتمر الفنانين العالميين من أجل السلام في شبه الجزيرة الكورية 2024، قال العامري إن “المؤتمر أقيم في المنطقة منزوعة السلاح على الحدود بين الشمال والجنوب، وهي المنطقة الواقعة على خط العرض 38. وكانت لهذا الموقع رمزية خاصة، إذ نادى المؤتمر بالسلام وإعادة توحيد الشطرين التوأمين، في خط العرض ذاته الذي شهد الانفصال”.

وأوضح أن افتتاح المؤتمر بتقديم المديرة الفنية وقائدة فريق المشاركين سونغهيون بارك، أقيم في معسكر جريفز الذي تم تحويله إلى فضاء إبداعي، في منطقة باجو بمقاطعة جيونجي، بعد الحصول على إذن مسبق من الوحدة العسكرية الحدودية، وأقيمت فعاليات الاختتام في مانجبايدان بمنطقة إيمجينجاك.

وشارك العامري في افتتاح المؤتمر بمحاضرة بعنوان “الفنون البصرية وترويض الألم”، عبر عرض تقديمي على شاشة كبيرة مع ترجمة باللغة الكورية، بدأها بقوله “نخسر كثيرا، لكننا دائما نتعلم كيف نحب”، متناولا انتقال دور الفنون من تمجيد الحروب إلى نقدها وإدانتها ومداواة الجراح والأرواح، قائلا “هنا يتجلى سحر الفن، بالمعنى التحويلي، بما يملك من قدرة على إعادة تشغيل طاقة الأمل، وترميم الأرواح المكسورة، وإعادة تدوير المعنى، معنى الوجود”.

وأضاف في المحاضرة “سأذهب بعيدا في الزمن، لأنقل لكم رسالة تعود إلى 11 ألف سنة، عبر تمثال صغير لعاشقين في منطقة ‘عين صخري’ في فلسطين. يكشف هذا المجسم المنحوت من حجر الكالسيت، ويبلغ طوله 10.2 سنتمتر، عن حالة الوئام والاتحاد والحب، وهذه رسالة عابرة للزمن، تمثل الحلم الأصيل بتحقيق التناغم مع الآخرين والطبيعة والكون أيضا، وهو الحلم المضاد للحروب”.

◄ العرب حضروا ممثلين في الشاعر والرسام علي العامري في المؤتمر بصفته شاعرا ورساما من الأردن وفلسطين
العرب حضروا ممثلين في الشاعر والرسام علي العامري في المؤتمر بصفته شاعرا ورساما من الأردن وفلسطين

وتحدث مؤلف “خيط مسحور” عن دور الفن الفلسطيني في مجابهة الاحتلال الإسرائيلي، بقوله “عدد كبير من الفنانين الفلسطينيين عملوا في لوحاتهم ومنحوتاتهم ورسوماتهم وملصقاتهم وأعمالهم في الطباعة اليدوية، على تسجيل وقائع المأساة الفلسطينية المتواصلة منذ 76 عاما، حتى حرب الإبادة الجماعية في غزة”.

وذكر أسماء بعض الفنانين، مع عرض نماذج من أعمالهم، ومن بينهم على سبيل المثال ناجي العلي، إسماعيل شموط، سليمان منصور، سهى شومان، منى حاطوم، نبيل عناني، نصر عبدالعزيز، تيسير بركات، خالد حجازي، تمام الأكحل، عبدالحي مسلم، فيرا تماري، مصطفى الحلاج، كمال بُلاطة وخالد الحوراني.

وبناء على اختيار اللجنة المنظمة، قرأ علي العامري بصفته ممثلا عن المشاركين الدوليين، برفقة فنان وفنانة كورييْن، الإعلان الختامي لمؤتمر الفنانين العالميين من أجل السلام في شبه الجزيرة الكورية 2024، الذي أكدت فيه اللجنة تضامنها وكل المشاركين مع الشعوب المظلومة، وإدانتها لكل أشكال الحروب، ورفضها طغيان الهيمنة.

وجاء في الإعلان الختامي “نحجب بداية الحرب ونهايتها بدرع الفن حتى تصدأ كل أسلحة العالم”، مضيفا “نقف دائما إلى جانب المُهمشين والمضطهدين”، داعيا إلى وقف الحروب بكل أشكالها.

13