المجلس الوطني الكردي يعلق نشاطه في الائتلاف السوري: تضامنا مع عفرين أم تحولا في السياسات

المجلس يحث تركيا على وقف تجاوزات الفصائل في عفرين.
السبت 2024/09/21
هيكل منزوع القرار

لفت قرار المجلس الوطني الكردي بتعليق أنشطته في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أنظار المتابعين، الذين اعتبروا أن المسألة تتجاوز رد الفعل على ما يحصل في عفرين إلى رغبة لدى قادة المجلس في اتخاذ خطوة إلى الوراء اتساقا مع التحولات الجارية في علاقة بسوريا ومحيطها.

دمشق - قرر المجلس الوطني الكردي، تعليق عمله في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، ردا على ما اعتبرها انتهاكات ترتكب بحق مدينة عفرين في ريف حلب من قبل فصائل مسلحة، لكن متابعين يرون أن القرار يتجاوز ما يحصل من تجاوزات في المدينة ذات الغالبية الكردية، وأن الأمر قد يكون تمهيدا لانسحاب من هذا الهيكل الذي أضحى مجرد أداة تركية لمساومة النظام السوري.

ويقول المتابعون إن عفرين تعرضت منذ احتلال القوات التركية لها في العام 2018، في إطار ما سمي بعملية “غصن الزيتون” وبإسناد من فصائل معارضة سورية موالية لها، لأبشع أنواع التجاوزات والانتهاكات، لكن لم يسجل موقف حاسم من قبل المجلس الوطني الكردي حينها ضد ما يجري، خصوصا وأن المجلس يتشارك والفصائل المتورطة في نفس المظلة المدعومة من أنقرة.

وأعلن الناطق الرسمي باسم المجلس الوطني الكردي فيصل يوسف عن قرار المجلس بتعليق أعماله في الائتلاف السوري، ومقاطعة اجتماعاته، نتيجة الانتهاكات المستمرة التي ترتكبها بعض الفصائل المسلحة المدعومة من الائتلاف، وعلى رأسها فصيل “سليمان شاه/العمشات”. وتشمل الانتهاكات، وفق يوسف، “الاعتداءات على المدنيين الأكراد، والاعتقال العشوائي والاستيلاء على الممتلكات في مناطق عفرين وفرض الأتاوات على الأهالي”.

ولفت إلى أن “ممثلي المجلس في الائتلاف لن يشاركوا في اجتماعاته بوجود ممثل العمشات في ظل هذه الظروف والانتهاكات”، ويعتبر أن “الحضور بمثابة غض النظر عن الممارسات الظالمة لهذا الفصيل بحق الأهالي”. وأكد أن قرار المقاطعة هو “وسيلة للضغط لوقف هذه الانتهاكات ومحاسبة الفصائل المتورطة وبشكل خاص العمشات".

فيصل يوسف: المقاطعة وسيلة للضغط لوقف هذه الانتهاكات ومحاسبة الفصائل المتورطة وبشكل خاص العمشات
فيصل يوسف: المقاطعة وسيلة للضغط لوقف هذه الانتهاكات ومحاسبة الفصائل المتورطة وبشكل خاص العمشات

وشدد يوسف على ضرورة “استخدام الأدوات السياسية والدبلوماسية ومطالبة الجهات التي تدعم الفصائل، بما في ذلك تركيا، من أجل وقف الانتهاكات، كما أن استمرارية المجلس في إثارة هذه القضايا أمام المجتمع الدولي والمجالس الحقوقية تساهم في خلق نوع من الرقابة والمساءلة على أفعال هذه الفصائل".

ويشير المتابعون إلى أن خطوة المجلس الوطني الكردي، وهو عبارة عن تحالف يضم قوى سياسية كردية ومنظمات مدنية، لا يمكن فقط ربطها بما يجري لأهالي عفرين، وإن كان ذلك الدافع المباشر. ويوضح المتابعون أن قادة المجلس الوطني السوري لديهم قناعة بأن بقاءهم ضمن ما يسمى الائتلاف السوري لم يعد مفيدا، وأن التحولات التي تشهدها المنطقة في ارتباط بالمسار الجاري العمل عليه لتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، تدفعهم لإعادة النظر في سياسات المجلس.

وبات بقاء المجلس الوطني ضمن الائتلاف السوري يضر بصورة مكوناته داخل البيئة الشعبية الكردية، لصالح خصمهم الاتحاد الديمقراطي الكردستاني، الذي يتهمهم بالعمالة لتركيا وبخدمة أجندة أنقرة المستهدفة للشعب الكردي في شمال شرق سوريا. ويقول المتابعون إن بقاء المجلس الوطني تحت مظلة الائتلاف سيضاعف من إحراج موقفه في الداخل الكردي في حال تم التوصل إلى اتفاق بين أنقرة ودمشق، وبالتالي فإن قيادة المجلس ترى أنه من الأجدى اتخاذ خطوة إلى الوراء قبل حسم أي قرار بشأن البقاء من عدمه.

وحول التقارب التركي مع النظام السوري، اعتبر الناطق باسم المجلس الوطني الكردي أن “المجلس يشعر بقلق إزاء أي تقارب تركي ودول عربية وأوربية مع النظام السوري، خشية تجاهل النظام للقرار الدولي 2254 والتعنّت أكثر في مجال عدم الاستجابة لحقوق الشعب السوري والحقوق القومية للشعب الكردي في سوريا”.

والاثنين الماضي، أدان المجلس الوطني الكردي عمليات الاختطاف والاعتقال التعسفي التي ترتكبها الفصائل المسلحة التابعة للائتلاف السوري، والمدعومة من تركيا في منطقة عفرين، فيما طالب بإخراجها من المناطق الآهلة بالسكان وتشكيل مجالس مدنية من سكان المنطقة الأصليين لإدارة شؤونهم، وضمان عودة الأهالي إلى بيوتهم وأراضيهم بأمان. وهذه من المرات النادرة التي يشير فيها المجلس الوطني إلى دور تركيا في التجاوزات التي ترتكبها الفصائل الموالية لها.

◙ التحولات التي تشهدها المنطقة لاسيما في علاقة بمسار التطبيع بين أنقرة ودمشق، تدفع المجلس لإعادة النظر في سياساته

وقال المجلس عبر بيان "منذ أن أصبحت منطقة عفرين (جيايي كورمينج) في 18 مارس 2018 تحت سيطرة الفصائل المسلحة المدعومة من الجيش التركي، ومن أبرزها فصيل “السلطان سليمان شاه” المعروف بـ"العمشات"، وفرقة الحمزات، تعرضت المنطقة لسلسلة من الانتهاكات الجسيمة والممنهجة التي ترتقي لجرائم ضد الإنسانية ترتكبها فصائل مسلحة في عداد الجيش الوطني أدت إلى تدهور الوضع الإنساني والاجتماعي والاقتصادي والبيئي، في مسعى منها لتغيير الطابع الديمغرافي لهذه المنطقة الكردية".

وأضاف المجلس “وفي هذا السياق وعلى سبيل المثال لا الحصر تفرض تلك الفصائل المسلحة ضرائب وأتاوات باهظة على المدنيين، تصل إلى 5 آلاف دولار لاستعادة المنازل والأراضي، و1500 دولار على الآبار الإرتوازية، وألفي دولار على معاصر الزيتون، وثمانية دولارات عن كل شجرة زيتون، كما قامت هذه الفصائل بالاستيلاء على أراضي السكان الأصليين والممتلكات، مما يمنع عودة الأهالي إلى مناطقهم ويزيد من معاناتهم".

ووفق بيان المجلس، تضاف إلى هذه الانتهاكات عمليات اختطاف واعتقال تعسفي، حيث اختطف فصيل “السلطان سليمان شاه” بتاريخ 15 سبتمبر المواطن الكردي إدريس عبو وأربعة آخرين من قرية كاخرة (إيكي آخور)، حيث طلبوا فدية قدرها 11 ألف دولار. وتابع "وعندما لم يتمكنوا من دفع المبلغ، تعرضوا للتعذيب والاعتقال، ولدى احتجاج نساء القرية والتظاهر أمام مقر الفصيل تعرضن لإطلاق نار ومحاصرة القرية عسكرياً وقطع جميع وسائل الاتصال عنها مما أسفر عن إصابة العديد من النساء بجروح مختلفة".

المجلس أدان “بشدة هذه الانتهاكات الفظيعة والجرائم التي ترتكبها العديد من هذه الفصائل التابعة للإئتلاف” وطالب المجتمع الدولي بـ”التدخل بالضغط لوقف هذه الجرائم” فيما حضّ تركيا “لممارسة دورها في هذا السياق باعتبار أن المنطقة واقعة تحت سيطرتها عسكريا وإداريا". وفي أغسطس من العام الماضي، فرضت الولايات المتحدة، عقوبات على العمشات وقائدها محمد حسين الجاسم المعروف بأبوعمشة "لارتكابهم جرائم جسيمة لحقوق الإنسان شمالي سوريا".

2