الاتحاد الأوروبي يعيد النظر في سياسته تجاه سوريا

بروكسل - يتجه الإتحاد الأوروبي إلى إعادة النظر في سياساته تجاه سوريا، بضغط من عدد من الدول الأعضاء وفي مقدمتها إيطاليا.
وكشفت مصادر دبلوماسية خليجية في العاصمة البلجيكية بروكسل، أن اجتماعاً عُقد مؤخرا على مستوى المبعوثين الخاصين لدول الاتحاد الأوروبي إلى سوريا ومديري دوائر الشرق الأوسط للدول الأعضاء في المفوضية الأوروبية.
ونقلت صحيفة “الوطن” القريبة من الحكومة السورية عن المصادر قولها إنه تم الاتفاق خلال الاجتماع، على تأسيس مجموعة عمل هدفها إعادة مناقشة سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه سوريا وصياغة توصيات جديدة، تحد من العقوبات المفروضة عليها، وتعيد فتح السفارات الأوروبية بدمشق.
وقال أحد المصادر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، إن إيطاليا كانت القوة الضاغطة في هذا الاجتماع، يساندها سبع دول من الاتحاد الأوروبي سبق أن تقدموا بورقة تطالب الاتحاد الأوروبي بتغيير نهجه تجاه سوريا.
وأضاف المصدر أن الاجتماع الذي عقد يوم الجمعة الماضي، ستكون له آثار إيجابية وخاصة أن ألمانيا لم تعترض على ما جاء فيه، وكذلك فرنسا التي اكتفت بتوجيه بعض الانتقادات على مضمون الاجتماع دون أن تعترض على ما خلص إليه.
تأسيس مجموعة عمل لمناقشة سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه سوريا وصياغة توصيات جديدة تحد من العقوبات، وتعيد فتح السفارات
وشهدت العلاقات السورية – الأوروبية خلال الفترة الماضية بعض الاختراقات تمثلت في تعيين روما، في يوليو الماضي المبعوث الخاص لسوريا ستيفانو رافاجنان سفيرا في دمشق، لتصبح إيطاليا أول دولة من مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى التي تستأنف عمل بعثتها الدبلوماسية في دمشق بعد إثني عشر عاما من القطيعة.
وتتصدر إيطاليا في ظل حكومة جورجيا ميلوني جهود إعادة العلاقات بين سوريا والاتحاد الأوروبي حيث ترى روما بأن القطيعة مع دمشق أفضت إلى تأثيرات سلبية، من بينها غياب شريك في مواجهة الهجرة غير النظامية.
وقال المصدر لصحيفة “الوطن” إن الاجتماع كان أفضل من المتوقع بالنسبة للدول المعارضة لسياسة الاتحاد الأوروبية، وإنه بات من الممكن التأكيد بأن عملية “تصحيح العلاقة” بين دول الاتحاد وسورية انطلقت.
ووفقاً للمصدر ذاته فإن التوصيات الجديدة ستعرض فور الانتهاء من صياغتها على لجنة السياسة والأمن ومن ثم لجنة الشؤون الخارجية في الاتحاد لإقرارها.
وختم المصدر بالإشارة إلى أن المجتمعين اتفقوا على تأجيل إصدار التقرير الخاص عن سوريا الذي يصدر سنوياً، إلى أن تنتهي مجموعة العمل من صياغة سياسة أوروبية جديدة تجاه سوريا.
الأهم بالنسبة للرئيس الأسد في إعادة العلاقات مع التكتل الأوروبي هو التخفيف من ضغط العقوبات الاقتصادية التي كبلته لسنوات
ويرى متابعون أن إيطاليا وباقي الدول المعارضة للسياسة الأوروبية تجاه دمشق، نجحت في أن تكوّن تحالفا ضاغطا على باقي الدول ولاسيما على فرنسا وألمانيا، غير مستبعدين حدوث تحول في الموقف خلال الفترة المقبلة من باريس وبرلين حيال سوريا.
ويلفت المتابعون إلى أن تغيير الاتحاد الأوروبي لسياسته تجاه سوريا سيشكل انتصارا كبيرا بالنسبة للرئيس بشار الأسد، الذي نجح تدريجيا في كسر الطوق المفروض عليه من خلال إعادة العلاقات مع محيطه العربي.
ويقول المتابعون إن الأهم بالنسبة للرئيس الأسد في إعادة العلاقات مع التكتل الأوروبي هو التخفيف من ضغط العقوبات الاقتصادية التي كبلته لسنوات.
وكانت إيطاليا وسبع دول أوروبية هي: النمسا وقبرص وجمهورية التشيك واليونان وكرواتيا وسلوفينيا وسلوفاكيا، طالبت في يوليو الماضي من خلال وثيقة رسمية من ممثل السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل اتباع نهج واقعي ومستدام تجاه سياسة الاتحاد مع سورية.
واقترحت هذه الدول “مراجعة وتقييم النتائج المحققة حتى الآن، من حيث فعالية الإجراءات الأوروبية وأدواتها، وخيارات لتعديل نهجها بناء على الواقع المتغير في سورية وما حولها”، وذلك بهدف اتباع “سياسة أكثر نشاطاً، مدفوعة بالنتائج، وعملياتية أكثر تجاه سوريا، وهذا من شأنه بحسب هذه الدول السماح للأوروبيين بزيادة نفوذهم السياسي، وفعالية المساعدات الإنسانية ونهج التعافي المبكر، والمساهمة في تحقيق شروط العودة الآمنة والطوعية والكريمة للاجئين السوريين وفقاً لمعايير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين”.
كما انتقدت تلك الدول، سياسة الإفراط في فرض عقوبات مصرفية على السوريين وتساءلت “لماذا يتزايد الامتثال المفرط في النظام المصرفي ما يؤدي إلى نوع من المقاطعة لسوريا بدلا من اعتماد نهج العقوبات المستهدفة؟ ونظراً لأن الإقناع الأخلاقي لا يكفي، فما الآلية التي يمكننا تصورها لمواجهة هذا الامتثال المفرط بشكل فعال”؟.