هل تفتح السلطات الكويتية ملف هيمنة الإخوان على العمل النقابي للطلبة

الكويت - يستعد الإخوان المسلمون لتجديد هيمنتهم المطلقة المستمرة منذ أكثر من أربعة عقود على اتحاد الطلبة في الكويت وذلك من خلال الانتخابات المقرّرة للثاني والعشرين من سبتمبر الجاري، والتي حذّرت العديد من الجهات السياسية والحقوقية من كونها ستكون “ملغومة” بالمال السياسي وبالاعتبارات الخارجة عن نطاق العمل النقابي الطلابي من تحزّب وقَبَلية، ما يحوّل الجامعة إلى ميدان رئيسي للصراع الحزبي بعد أن فقدت القوى المتصارعة، ومن ضمنها جماعة الإخوان، منبرها الرئيسي المتمثّل في البرلمان الذي تمّ حلّه قبل أشهر من قبل أمير البلاد.
وبلغت تلك التحذيرات مسامع الحكومة التي بدت حذرة في الاستجابة لها والتعامل معها، حيث لم ترفض السلطة ممثلة بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي من حيث المبدأ إجراء تلك الانتخابات، لكنها دعت على لسان الوزير نادر الجلال، القوى المشاركة فيها “إلى التركيز على البرامج والأفكار التي تخدم مصلحة الجميع وتسهم في تطوير البيئة الجامعية، والابتعاد عن المشاحنات والنزاعات الطائفية والقبلية التي لا تثمر إلا الفُرقة والضعف وتمزق صف الوحدة الوطنية”.
وقال الوزير في اجتماع عقده مع عدد من الأطر الجامعية من مدراء فروع جامعية وعمداء كليات إنّ “الانتخابات الطلابية فرصة للتعبير عن الآراء والمشاركة الفاعلة في رسم مستقبل الأنشطة الطلابية”، لكنّه توعّد بعدم التهاون “في معاقبة من يثير الفتنه بين الطلبة”.
وفي ما بدا أنّه تطبيق عملي لكلام الوزير قامت الأجهزة الأمنية بإغلاق مبنى الاتحاد الوطني لطلبة الكويت في منطقة الخالدية وتحفظت على ملفات وأجهزة كمبيوتر تخص الاتحاد وعمله.
ونقلت صحيفة النهار المحلية عن مصادر أمنية قولها “إنه جار التحقيق مع بعض الأطراف الطلابية حول عدد من الأنشطة والممارسات غير القانونية للاتحاد”.
وأثارت الدورة الحالية من الانتخابات الطلابية في الكويت جدلا استثنائيا بدا متأثرا بالمسار العام في البلاد والمتّجه بشكل عام صوب ضبط الفوضى التي تتسبب بها بعض القوى السياسية التي تتخذ من مؤسسات الدولة منابر لفرض رؤاها على سياساتها وتوجّهاتها العامة وتعارض الإصلاح تحت عنوان الدفاع عن المواطنين وحماية مكتسباتهم.
وينطبق ذلك على قوى قَبلية وحزبية إسلامية إخوانية وسلفية كانت تتخذ من مجلس الأمّة (البرلمان) منبرا للضغط السياسي وتحصيل المكاسب، ويبدو أنّها باتت تصرف هيمنتها بشكل أساسي نحو مؤسسات أخرى ما تزال تخترقها ومن ضمنها مؤسسات التربية والتعليم.
وبرزت في خضم ذلك الجدل العديد من التحذيرات بشأن مآل الانتخابات الطلابية الوشيكة، وكذلك الدعوات والمقترحات الموجّهة للسلطات لضبط الوضع وتقويمه.
وفي هذا الإطار تقدم وزير التربية والتعليم العالي الأسبق أحمد المليفي باقتراحات لتصحيح مسار الحركة الطلابية، وذلك بعد أن نبّه إلى انحراف المسار “عن طبيعته النقابية الطلابية ليكون عملا حزبيا وواجهة للأحزاب خاصة الدينية التي تغدق عليه الأموال لتتحكم في مفاصله وتحركه في الاتجاه الذي تريده، حتى وإن كان ذلك الاتجاه يتصادم مع المصالح الطلابية الخالصة”.
وقال المليفي في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية إنّ النشاط الطلابي أخذ إلى جانب الحزبية المتحكمة فيه “اتجاها قبليا طائفيا فتحولت القوائم الطلابية إلى قوائم قبلية طائفية، وتحولت الانتخابات من منافسة طلابية على رعاية مصالح الطلبة، إلى صراعات قبلية ومنافسة على كرسي للقبيلة وانتصارها على غيرها من القبائل والتكتلات”.
الدورة الحالية من الانتخابات الطلابية في الكويت أثارت جدلا استثنائيا بدا متأثرا بالمسار العام في البلاد
ونبّه إلى أنّ لذلك تأثيرا يتجاوز أسوار الجامعة إلى البلد والمجتمع ككل من خلال “تخريج دفعات طلابية وقيادات مستقبلية متشبعة بالفكر الحزبي الطائفي والقبلي الإقصائي المتطرف”، محذّرا من أنّه “إن لم يُدَقّ جرس الخطر وإن لم يستشعر المسؤول وصاحب القرار مسؤولية تصحيح المسار فإننا سننتهي إلى مجتمع ممزق الأوصال”.
ومن المقترحات العملية التي تقدّم بها المليفي لتصحيح مسار العمل النقابي الطلابي وضع إطار قانوني “ينظم الحركة الطلابية ويرسم الإطار التشريعي والتنظيمي لها دون تقييد مخل أو انفراط معيب”.
ودعا ضمن مقترحاته إلى “التركيز في التشريع على الجمعيات العلمية في كل كلية.. بما يكفل التكامل العلمي والعملي في الكلية الواحدة”، على أن يتم تحديد “أهداف الجمعية العلمية بالنظر في شؤون الطلبة ومعالجة مشاكلهم وتنظيم العلاقة بين طلبة الكلية وإدارتها وتقديم الاقتراحات بالنسبة للمناهج والندوات المتخصصة في مجال دراستهم وغيرها من أنشطة ثقافية واجتماعية”.
وأكد ضمن تلك المقترحات على وجوب تحديد “إيرادات الجمعية العلمية من اشتراكات الطلبة والتبرعات التي يجب أن يكشف عنها بكل شفافية وما تقدمه الجامعة من دعم للجمعيات”.
وكانت قضية التمويل المشبوه لأنشطة الطلبة ومناسباتهم الانتخابية من أبرز المشكلات التي أثيرت بمناسبة الانتخابات الجديدة، حيث قال حمود العنزي الأمين العام لجمعية النزاهة الوطنية إنّ “أموالا مجهولة المصدر تتدفق بلا حسيب أو رقيب لتمزيق وحدة الحركة الطلابية، وغرس بذور الفتنة بين صفوفها من خلال تقسيم الطلاب إلى توجهات فئوية وطائفية ضيقة لا تمت بأي صلة إلى قيم العمل الطلابي”.